الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

السودان.. تركيا وقطر تدعمان الإرهاب وتضخان الدماء في عروق «الإخوان»

يُعتبر السودان محطة مركزية في حسابات تركيا وقطر، وتسعى كل منهما إلى دمج الأحزاب الإسلامية في هذا البلد الذي ثار شعبه ضد نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، والذي كان يمثل ملاذاً آمناً لهؤلاء، وفي مقدمتهم جماعة الإخوان.

وأعادت محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك بالعاصمة الخرطوم، الأسبوع الماضي، الحديث عن التشكيلات الإرهابية التي تتدثر بقوى سياسية مختلفة، وتتلقى دعماً من قطر وتركيا، بحسب تقرير لموقع «ميدل إيست أونلاين».

وأوجدت السلطة الانتقالية قانوناً فضفاضاً يسمى «إزالة التمكين» بغرض قص أجنحة نظام البشير وتقويض الهيمنة التي تمتعت بها الحركة الإسلامية كغطاء تلتحف به الإخوان وجماعات متطرفة أخرى، وتركت الروافد تتحرك بدرجة عالية من الحرية، ولم تلتفت إلى الدور الخطير الذي تلعبه جهات خارجية تساند الحركات المتشددة مادياً ومعنوياً، بحسب الموقع.

وأضاف التقرير أن قيادات في السلطة الانتقالية خشيت من الدخول في مواجهة مع الدوحة وأنقرة، وتواطأ البعض بما منحهما فرصة لمواصلة التحرك، وعجزت السلطة المركزية عن سد منابع الحركة، وغضت الطرف عن بعض التطورات السلبية كي لا تضاعف مشكلاتها الداخلية.

وتابع التقرير أن الخرطوم ارتاحت إلى صيغة الانفتاح على دوائر كثيرة ومتعارضة بذريعة أنها تريد المحافظة على استقلالها، وهي تدخل مرحلة سياسية صعبة وجديدة، وصرفت النظر عن القيام بعملية فرز حقيقي للقوى المفيدة والضارة.

وأدت مثل هذه المخاوف إلى الوقوع في شراك قطر وتركيا، وجرى ضخ دماء جديدة في عروق الإخوان، وتصدير شخصيات غير مستهلكة محلياً لتتقدم في المشهد العام وتم منحها درجة عالية من التغلغل في صفوف قوى مناوئة باعتبارها وطنية مستقلة وتريد الانخراط في اللعبة السياسية حسب مفرداتها الراهنة.



وهو ما اتفق معه، الناطق الرسمي للجبهة الثورية السودانية بالداخل، وعضو المكتب القيادي لقوى الحرية والتغيير، محمد سيد أحمد، الذي أكد أن من سلبيات الحكومة الانتقالية في الخرطوم ترك عناصر النظام السابق من الإخوان المسلمين يرتعون دون إيداعهم في السجون، مشيراً إلى أن تركيا وقطر لعبتا دوراً كبيراً في دعم التنظيمات المتشددة والنظام السابق في السودان كما تعملان الآن على تقويض النظام الانتقالي.

وقال في تصريحات لـ«الرؤية» إن ضعف الحكومة الانتقالية في التصدي للنظام السابق وعناصره الإخوانية يظهر في حشد الإخوان لعناصرهم في السودان ومخاطبتهم في تجمعات غير قانونية، وما كان هذا ليحدث لو تعاملت معهم الحكومة بحسم وبالشرعية الثورية.

واعتبر أحمد أن المستفيد الأول في عملية اغتيال حمدوك هم من يرغبون في زعزعة الفترة الانتقالية، وبلا شك هم جماعة الإخوان المسلمين، ومن الطبيعي أن يعملوا على استهداف قيادات الثورة السودانية، وكل أصابع الاتهام تشير إليهم، وهذا ديدنهم، منذ محاولتهم اغتيال الزعيم المصري الراحل جمال عبدالناصر.

وبحسب «ميدل ايست أونلاين» حافظت الدوحة وأنقرة على أدواتهما القديمة المتشعبة في أراضي السودان، ودعمتا فكرة دمج الأحزاب ذات الصبغة الإسلامية معاً، لمواجهة غليان القوى المدنية الرافضة للإخوان، والمحرضة على تقليص دور الحركة الإسلامية من خلال تفعيل قانون «إزالة التمكين».

وتحولت قيادات غير معروفة في صفوف الإخوان إلى حصان طروادة لكل من قطر وتركيا، وتم دعمها لاختراق الصفوف وتقديمها على أنها بعيدة عن قوى الثورة المضادة، واستفادتا من اتساع نطاق الارتباك في تحالف قوى الحرية والتغيير، وزيادة حدة الخلافات بين عدد من عناصره.



من جهته، أكد الكاتب والمحلل السياسي السوداني، الحاج وراق، أن الروابط الأيديولوجية بين قطر وتركيا والإخوان المسلمين واضحة، فالأولى تعتبر الراعي الرسمي للإخوان، والثانية لديها تصور بأنها الخلافة الإسلامية الجديدة، ولهذا فإن دعم الدولتين للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان الإرهابية أمر واقع وواضح.

وأضاف وراق في تصريحات لـ«الرؤية» أن التحدي الذي يواجهه السودان هو الدعم المتواصل من قطر وتركيا للنظام السابق وعناصره الإخوانية، وهذا يهدد الفترة الانتقالية، التي تعتبر حكومتها صديقة للإمارات والسعودية، مشيراً إلى الدعم الإعلامي أيضاً الذي يتلقاه عناصر النظام السابق عبر خط الجزيرة الإعلامي الذي يدعم حزب المؤتمر الوطني المحلول (الواجهة السياسية لنظام الإخوان في السودان).

وقال وراق: «لا أستبعد- إذا أعلن - أن الكيزان وراء محاولة اغتيال حمدوك، فبعض المعتقلين الآن من الإخوان، وهذا يشير لضلوع التنظيم الدولي في المحاولة».

وجرت مياه كثيرة في أنهار قوى الحرية والتغيير والحكومة ومجلس السيادة، وكلها عززت القناعات بأن السلطة الانتقالية تعاني من انعدام وزن سياسي، بما أغرى الإخوان للتقدم قليلاً صوب العنف الذي تجيده الجماعة منذ تأسيسها، وتارة يتم اختلاق مشكلات في مناطق الهامش والأطراف في دارفور وجنوب كردفان، وأخرى بالعزف على الوتر القَبَلي في شرق السودان، حتى جاءت لحظة الإقدام على خطوة تفجير موكب رئيس الحكومة، وفقاً لـ«ميدل إيست أونلاين».

وتابع الموقع في تقريره أن فكرة العنف اختمرت في ذهن قطر وتركيا، وحرضتا العناصر الحركية في الإخوان على توسيع أطره مباشرة، وجاءت محاولة الاغتيال الفاشلة، لتوحي بأن للصبر السياسي حدوداً، وطالما بقيت الجماعة خارج السلطة وبعيدة عن مكونات اللعبة السياسية التي يتم تهيئة المسرح لفرزها قبل انتهاء إجراءات المرحلة الانتقالية، سوف يظل شبح الإرهاب مخيماً على السودان.

وحصلت الخرطوم على معلومات موثقة من القاهرة، عقب محاولة اغتيال حمدوك، تؤكد ضلوع الدوحة وأنقرة في تخريب الأوضاع، ومد التنظيمات الإرهابية المتمركزة هناك بخطط متباينة للتعامل مع المستجدات كي تخور السلطة الانتقالية وتصبح مهيأة للانهيار، بحسب الموقع.