الاحد - 05 مايو 2024
الاحد - 05 مايو 2024

عقوبات تجار الأزمات ومخالفي الحجر.. بين نصوص القانون ومقتضيات الضرورة

عقوبات تجار الأزمات ومخالفي الحجر.. بين نصوص القانون ومقتضيات الضرورة

مخالفون للحظر في أحد شواطيء تونس (أي بي أيه)

فرضت الكثير من دول العالم ضوابط وإجراءات على مواطنيها وفي نفس الوقت حذرت من عقوبات على من يخالفها من أجل ضمان الالتزام والاستجابة والتنفيذ الصارم أملاً في وقف انتشار الفيروس.

ولم تختلف حدة العقوبات كثيراً من دولة لأخرى، رغم اختلاف عادات وطبائع شعوب هذه الدول، على سبيل المثال فقد فرضت فرنسا غرامة مالية على المخالفين للحجر المنزلي، تبدأ من 138 يورو لتصل إلى 3500 يورو مع السجن لمن يخالف هذه الضوابط 4 مرات متتالية.

ويقول أستاذ القانون الدولي بأكاديمية ناصر العسكرية، الدكتور أيمن سلامة، إن الدول تعلن حالة الطوارئ أثناء الأزمات، أو المواقف الاستثنائية الخطيرة، التي تقع فجأة أو تكون على وشك الوقوع، والتي من شأنها أن تشكل تهديداً لحياة المجتمع فيها.

وأضاف أن العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية، الذي صدر عن الأمم المتحدة عام 1966، يرخص لكافة الدول أعضائها، أن تتخذ من الإجراءات التقييدية والاحترازية، والتدابير الاستثنائية، عن طريق سلطاتها التنفيذية، التي تحل محل سلطتها التشريعية، أثناء إعلان حالة الطوارئ، وكذلك إصدار التشريعات التي تجابه حالة الأزمة، من أجل تنفيذ تدابير سريعة واستثنائية.

وفي بعض الدول تقوم السلطة التشريعية نفسها باتخاذ هذه القرارات، كما هو الحال في الكويت، حيث أقر مجلس الأمة الكويتي قانوناً بالسجن 10 سنوات وغرامة لا تقل عن 30 ألف دينار، لمن يتسبب عمداً في نقل العدوى إلى شخص آخر.

ويوضح«سلامة»، لـ«الرؤية»، أن هناك بعض الشروط الإجرائية والموضوعية لإعلان حالة الطوارئ، وذلك بموجب المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، و دساتير الدول، منها أن يكون إعلان حالة الطوارئ، والعمل بقوانينها مؤقتاً، ومن أجل تمديد حالة الطوارئ لا بد من العودة لبرلمان الشعب.

ومن الدول التي رأى البعض أنه يمكن أن يكون فيما قررته من تصعيد لإجراءاتها لإلزام مواطنيها بالتعليمات، انتهاكاً لحقوق الإنسان، هي كوريا الجنوبية، والتي قررت حسبما أعلنت بعد دراسة عميقة، وضع أساور إلكترونية، في أيدي الأشخاص الذين ينتهكون قواعد العزل الذاتي، مثل الخروج بدون إخطار، وعدم الرد على الاتصالات الهاتفية، ارتداء واستخدام الأساور الإلكترونية لتعقب وترقب أولئك الذين يخضعون للحجر الصحي الذاتي.

ودفع عدم التزام بعض المواطنين في تونس، الدولة إلى اعتقال المخالفين لحظر التجوال الذين وصل عددهم في إحدى المرات إلى أكثر من 400 شخص.

ويوضح أستاذ علم الاجتماع السياسي، بالجامعة الأمريكية، سعيد صادق، أن اتخاذ الدول قرارات وعقوبات صارمة تجاه مواطنيها، أوقات الأزمات والكوارث والحروب، وأوقات الطوارئ، أمر معتاد عليه في كل دول العالم، ولا يختلف من دولة لأخرى، فالدول تحتاج إلى فرض محددات وتعليمات والتزامات واضحة كي تلتزم بها الشعوب.

وأضاف تتساوى في ذلك الدول المتقدمة والنامية، فالجميع يحتاج إلى تعليمات ومحددات واضحة، مشيراً إلى أن الدول أصدرت تعليماتها وقراراتها في ضوء توجيهات منظمة الصحة العالمية التي أصدرت برتوكول وقواعد، التزمت به الدول، فهناك تنسيق بينها كمنظمة عالمية وبين دول العالم في الإجراءات المتبعة، فهي من قررت على سبيل المثال ضرورة جلوس أصحاب الأمراض المزمنة في المنزل، وتخفيض الحكومات للعمالة بنسبة 50%، وتبادل العمل.

ومن أجل حماية الناس، وصل الأمر إلى حد التحذير من عقوبة القتل في السعودية، حيث قال عضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية الشيخ عبدالله المنيع، إنه يحق لولي الأمر معاقبة من يتعمد نقل العدوى بالقتل تعزيراً.

في الإمارات تم إقرار عقوبة السجن 5 سنوات وغرامة تزيد عن 27 ألف دولار لمن ينشر المرض بين الناس.

ويوضح «صادق» لـ«الرؤية»، أن مثل هذه الإجراءات الصارمة تعود لوجود بعض العناصر التخريبية، ووجود آخرين لديهم ثقافة معادية للمجتمع مثلما قبض على بعض الأفراد الذين كان يحاولون البصق على عربات المترو في إحدى الدول، فهم أشخاص لديهم عداء للمجتمع، وقد التقطتهم عدسات الكاميرات وهم يرتكبون ذلك.

وتابع أيضاً تم القبض على آخر قام بإثارة الذعر معلناً إصابته بكورونا، في مترو موسكو، حيث ألقت الشرطة الروسية القبض عليه، لذا ففرض العقوبات والقواعد ضروري لكي يتم وقف عبث كل هؤلاء.

وأشار إلى أن الإجراءات الصارمة تتخذها بعض الدول، لوجود عناصر تقوم بتخريب متعمد في وقت الأزمات، فهناك فصائل لديها أمراض مجتمعية وعقد وتكره المجتمع، وتنتقم منه في مثل هذه الظروف عبر القيام بمثل هذه الأفعال.

ليس من ينتهك القيود الصارمة فقط هم الخطر على المجتمعات، فهناك أيضاً مستغلو الأزمات مثل المحتكرين وتجار الأزمات.

أستاذ الطب النفسي، بجامعة الأزهر، الدكتور أحمد شوقي العقباوي، يقول إن هؤلاء الذين يسعون لاكتناز وتخزين السلع، يتشابهون مع المخالفين للحجر الصحي، ويجب معاقبتهم فكل منهم يساعد على تأزم الأمر، لذا لجأت بعض الدول لتحديد كمية السلع التي يشتريها كل فرد.

ويضيف على سبيل المثال في الدنمارك تم السماح بشراء عبوتين من بعض السلع لكل مواطن، سعر كل واحدة 3 دولارات، بينما إذا أراد ثالثة يدفع 90 دولاراً، فكلما اشتروا أكثر من الكمية المحددة، زاد سعر العبوة بشكل غير طبيعي، حتى يحجموا هؤلاء، لأنه إذا لم يحدث ذلك، ستحدث مجاعة، ولن يكون هناك طعام.