الاحد - 19 مايو 2024
الاحد - 19 مايو 2024

في محنة كورونا.. مساعدات الإمارات الإنسانية جسر الأمل للعالم

منذ بداية أزمة فيروس كورونا، ضربت دولة الإمارات مثالاً يحتذى في تقديم المساعدة وقت الشدة للسيطرة على الوباء وتخفيف آثاره. مساعدة لمختلف الدول بصرف النظر عن درجة القرب أو البعد، وللبشر بغض النظر عن أجناسهم.

الأيادي البيضاء للإمارات رسمت نقطة نور وسط محنة كورونا التي دفعت أبناء زايد إلى إخراج أفضل ما لديهم من إيثار ومحبة ومساعدة، وكما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة «نخلق من التحديات فرص نجاح»، فقد نجحت الإمارات في تأكيد التزامها القوي بتلك القيم الإنسانية حتى في أوقات الشدة التي هزت العالم بأسره.

مع تكشف حجم الأزمة وضخامة التحدي، وسعي مختلف الدول إلى إغلاق حدودها وعزل سكانها طلباً للأمن والسلامة، برزت محنة المغتربين العالقين الذين تقطعت بهم السبل في مقاطعة هوبي الصينية منشأ الفيروس.

ولم يتسنَ لدول شقيقة وصديقة للإمارات أن تحذو حذو الدول الثرية في إعادة مواطنيها بعد توقف رحلات الطيران وإغلاق المطارات لتتقطع السبل بمواطنين عرب في ووهان. ومع حرص الإمارات على إعادة مواطنيها من مختلف أنحاء العالم لم تنسَ محنة العالقين في الصين من أبناء الدول الشقيقة والصديقة، وكان قرار إجلاء 215 من رعايا تلك الدول واستضافتهم في مدينة الإمارات الإنسانية في أبوظبي مع تقديم رعاية صحية شاملة قبل عودتهم إلى بلدانهم.

وقامت طائرة، مجهزة ومزودة بخدمات طبية متكاملة، بعملية الإجلاء، وشارك في عملية الإجلاء فريق الاستجابة الإنساني، الذي شمل الطيارين والمضيفين والفريق الطبي والإداري، والذين كانت مشاركتهم لتعزيز وإبراز الدور الإنساني والتطوعي.

ويقول الأمين العام للمنظمة النرويجية للعدالة والسلام، وهي منظمة إنسانية مقرها أوسلو، طارق عناني إن التصرف الإماراتي ضرب مثالاً على التضامن الإنساني يتحدى إغواء الأنانية وتقديم المنفعة الذاتية وقت الأزمات.

وأضاف عناني لـ«الرؤية»، أن دولة الإمارات وقيادتها الرشيدة تعطي دروساً للعالم في قيم التضامن والتعاون من أجل هدف سامٍ هو دعم الإنسان أياً كان جنسه وموطنه، وهو ما يتماشى مع القيم المثلى لحقوق الإنسان.



وأضاف أن إجلاء الدولة للعالقين في مقاطعة ووهان من أبناء الدول الشقيقة والصديقة واستضافتهم في مدينة الإمارات الإنسانية في أبوظبي، هو تصرف يدل على الشهامة التي أصبحت عملة نادرة في زمن كورونا، خاصة أن هناك دولاً ترفض استقبال مواطنيها العالقين في الخارج، ودولاً أخرى تستولي على شحنات طبية في طريقها إلى بلدان منكوبة.

وقال إن شحنات الإمدادات انطلقت من الإمارات إلى مختلف أنحاء العالم، لتكون رسالة اطمئنان ولتقديم الدعم في مواجهة العدو الخفي للبشرية، وكانت البداية، حيث بدأت الأزمة فقدمت الدولة إمدادات طبية إلى الصين التي تربطها بها علاقات اقتصادية وثيقة، شملت أقنعة طبية وقفازات وأكثر من 20 ألف وحدة اختبار لكشف حالات الإصابة بالفيروس.

صديق وقت الضيق

وقالت الكاتبة والإعلامية الصينية وانغ شين، إن دولة الإمارات العربية المتحدة صديقة للشعب الصيني، فقد قدمت منذ بداية تفشي فيروس كورونا في الصين مساعدات قوية إلى الدولة ولم تتخلَ عنها في هذا الوقت الصعب، رغم ما تعرضت له الصين من انتقادات ومزاعم من دول كبرى، حيث وصلت الدفعة الأولى من الإمدادات الطبية التي أهدتها الإمارات إلى الصين ويبلغ وزنها 3897 كلغ، إلى مدينة ووهان موطن الفيروس في مقاطعة هوبي في أواخر يناير الماضي.





وأضافت في تصريحات هاتفية أدلت بها لـ«الرؤية»، أن قيادة الإمارات الرشيدة عبرت عن تأييدها ودعمها المخلص للصين في مكافحة فيروس كورونا بمختلف السبل.

فقد توشحت أبرز معالم ومباني دولة الإمارات وفي مقدمتها أعلى مبنى في العالم (برج خليفة) ومبنى شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) في مطلع فبراير الماضي بألوان العلم الصيني.

وأشارت إلى أن دولة الإمارات، وبناء على توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وفي ظل الشراكة الاستراتيجية الشاملة والخاصة بين البلدين، نسقت مع الجهات المعنية في الصين للعمل معاً لتوفير كافة المستلزمات الطبية اللازمة لمواجهة انتشار الفيروس، وسخرت الموارد والإمكانات المتاحة لديها للمساهمة القصوى في دعم الجهود الصينية في مكافحة الوباء.

وأكدت أن هذه الجهود الإنسانية، تدل بوضوح على الصداقة العميقة التي تربط بين الصين والإمارات العربية المتحدة، وكذا روح الإنسانية الحقيقية والرباط الوثيق بين البشرية جمعاء.

مساعدات طبية ودعم ونفسي

ووصلت مساعدات الإمارات الطبية إلى دول أوروبية ولاتينية، وكانت رحلات نقل شحنات المساعدات فرصة أيضاً لإعادة مواطنين إلى بلدانهم وذويهم مراعاة للبعد النفسي.



استقبلت أوكرانيا طائرة مساعدات تحمل على متنها 11 طناً من المستلزمات الطبية، يستفيد منها نحو 10 آلاف من العاملين في القطاع الطبي هناك، كما أعادت الطائرة 113 مواطناً أوكرانياً من الإمارات إلى وطنهم، بحسب وكالة أنباء الإمارات.

واستقبلت كولومبيا طائرة مساعدات إماراتية تحمل 10 أطنان من مختلف المستلزمات الطبية والوقائية، يستفيد منها نحو 10 آلاف من العاملين في القطاع الطبي أيضاً، لدعمها في مواجهة فيروس كورونا، وتعزيزاً للجهود العالمية للحد من انتشاره.

وأعادت الطائرة 63 مواطناً كولومبياً من دولة الإمارات إلى وطنهم بالتنسيق بين السلطات في البلدين لضمان عودتهم الآمنة، بحسب (وام).

وأرسلت الدولة طائرة مساعدات تحمل 13 طناً من مختلف المستلزمات الطبية والوقائية إلى كازاخستان، يستفيد منها نحو 10 آلاف من العاملين في القطاع الطبي، لدعمها في مواجهة الفيروس.

واستقبلت إيطاليا التي عصف بها العدد المرتفع من إصابات الفيروس وحالات الوفيات طائرة مساعدات تحمل نحو 10 أطنان من مختلف المستلزمات الطبية والوقائية.



وحرص صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، على بث رسالة طمأنينة في مختلف أنحاء العالم وسط الأمواج المضطربة للأزمة.

وأكد سموه على التزام دولة الإمارات بتقديم الدعم في التعامل مع الأزمة خلال اتصالات مع زعماء ورؤساء أكثر من 30 دولة ومؤسسة دولية منذ أواخر فبراير، بداية من دول آسيا إلى دول أمريكا اللاتينية مروراً بدول أفريقيا وأوروبا.

وشارك سموه في قمة مجموعة العشرين الاستثنائية لمواجهة فيروس كورونا. وقال «إن الإمارات تدعم وتشارك في كل تحرك دولي جماعي للتصدي للفيروس واحتواء تداعياته». وأضاف «نستطيع معاً.. ومعاً فقط التغلب على هذا الخطر وكبح جماحه».

الإنسانية أولاً

ورغم سياسات إيران وممارساتها التي تستهدف الأمن القومي العربي، أعطت الإمارات الأولوية للواجب الإنساني مثلما فعلت مع الدول الصديقة.

وأرسلت دولة الإمارات، يوم الاثنين 16 مارس الماضي، طائرتَي مساعدات تحملان إمدادات طبية ومعدات إغاثة إلى إيران التي عصف بها الفيروس تحت وطأة ضعف القطاع الصحي في ظل العقوبات المفروضة على النظام الإيراني.

وحملت الطائرتان اللتان أقلعتا من العاصمة أبوظبي أكثر من 32 طناً من الإمدادات بما في ذلك صناديق من القفازات والأقنعة الجراحية ومعدات الوقاية.

وكانت تلك هي المرة الثانية التي ترسل فيها الإمارات مساعدات طبية إلى إيران لدعم جهود مكافحة الفيروس.

ففي الثالث من مارس أرسلت الدولة طائرة حملت 7.5 طن من الإمدادات الطبية بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية.

كما حملت معها 5 خبراء من منظمة الصحة العالمية لمساعدة 15 ألفا من العاملين في مجال الرعاية الصحية.

وأكد رئيس جمعية الإمارات لحقوق الإنسان محمد سالم بن ضويعن الكعبي، أن الإمارات سباقة في الأعمال الإغاثية، مشيراً إلى أنه نهج بدأه الأب المؤسس الشيخ زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، ومن نابع ديني وإنساني وأخلاقي.

وقال لـ«الرؤية»، إن الأعمال الإنسانية التي تقدمها الإمارات للعالم لا تنظر إلى دين أو جنس أو لون البشر، وهو ما يتوافق مع المعايير العالمية لحقوق الإنسان التي لا تفرق بين الناس لأي سبب.

وأضاف أن الدولة قدمت المساعدات الطبية من كمامات وأجهزة فحص إلى الصين في بداية الأزمة، ولم تمنعها عداوة إيران، وعبثها بالأمن العربي وتدخلها في الشؤون الداخلية لليمن وسوريا ولبنان والعراق، من تقديم الدعم، وإنما نظرت إلى حاجة الشعب الإيراني لهذه المساعدات، وفعلت ما تحتمه شهامة قيادة الإمارات الرشيدة وشعبها تجاه الإنسانية دون تمييز.

وأشار إلى أن القيادة الرشيدة تكتب تاريخاً سيضاف إلى مسيرة الأب المؤسس من عمل الخيرات والأيادي البيضاء ومساعدة المنكوبين في أي مكان بالعالم.

ويرى الباحث في الشأن الإيراني سوران بالاني، أن مساعدات الإمارات للدول المتضررة من وباء كورونا بغض النظر عن أي خلافات بين البلدان تأتي في إطار إعلاء القيم الإنسانية، خاصة الهدية التي قدمتها للشعب الإيراني في شكل مساعدات طبية للتغلب على وباء كورونا.



وقال لـ«الرؤية»، إن هذه المساعدات التي تعبر عن رقي وترفع دولة الإمارات عن الخلافات في أوقات الأزمات ربما لن تغير من سلوك طهران العدواني تجاه الدول العربية. لكن الإمارات لم تتوقف عند تلك الحسابات.

سطور في ذاكرة البشرية

ولم تنسَ الإمارات شعب أفغانستان الذي يعيش تحت وطأة العنف والحرب.

وأرسلت الدولة إلى أفغانستان شحنة مساعدات طبية عاجلة تحتوي على 20 ألف وحدة اختبار ومعدات لفحص آلاف الأشخاص

.

وقال مدير المركز المصري للحق في الدواء محمود فؤاد، إن العالم لن ينسى دعم الإمارات لمختلف الدول المتضررة، بمساعدات طبية في وقت عصيب، لافتاً إلى أن إنسانية الدولة تجلت أيضاً في إجلاء رعايا الدول الموجودين لديها إلى بلادهم على طائراتها.



وأشار إلى أن هذه الأزمة أظهرت الإمارات كدولة راقية، لم تفكر في رعاياها وحدهم، مؤكداً أن النظام الصحي في البلاد أثبت استعداد الدولة لمواجهة أي أخطار قد تهدد الصحة، حتى لو كانت أزمة عالمية بحجم كورونا.

وسمحت إمكانات هذا النظام بشمول الأجانب المقيمين في الإمارات بالرعاية الصحية إلى جانب إرسال المساعدات للدول المختلفة.

وكما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد «حماية وطننا وأهلنا والمقيمين من الأمراض مسؤوليتنا».

وحين وجه سموه التحية إلى الفرق الوطنية على مجهودها في احتواء الوباء قال، في تغريدة على تويتر يوم الـ30 من مارس، إن «ما تقومون به سيظل محفوراً في ذاكرة الوطن».

ومع انطلاق رحلات المساعدات الإماراتية إلى مختلف أنحاء العالم دون كلل، فسيبقى ما تقوم به الإمارات محفوراً في ذاكرة البشرية.