الأربعاء - 08 مايو 2024
الأربعاء - 08 مايو 2024

السودان.. طوابير الخبز والغاز تتحدى الحظر وترفض الخضوع لقيود «كورونا»

سجل السودان اليوم الأربعاء 33 إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد وحالة وفاة واحدة، ليرتفع عدد الإصابات إلى 140 حالة، والوفيات إلى 13، فيما شددت السلطات على أهمية الالتزام بتطبيق الإرشادات الوقائية والتبليغ الفوري عن حالات الاشتباه، لكن على ما يبدو أن المواطنين الذين يعانون من نقص في المواد الأساسية لا يلقون بالاً لهذه التحذيرات.

وبدت مدن العاصمة الثلاث خالية من الحركة والازدحام المروري المعتاد لكنها لم تخلُ من طوابير المواطنين الذين ينتظرون الحصول على الخبز وغاز الطبخ وكذلك الوقود رغم قرار السلطات تقييد حركة السيارات والتنقل بين مناطق وأحياء الخرطوم.

واشتكى مواطنون لـ«الرؤية» من صعوبات في الحصول على الخبز وغاز الطبخ والوقود، فيما أكد وزراء ومسؤولون حكوميون اقتراب هذه الأزمات من الحل خلال أيام معدودة وتوفير حصص الدقيق والوقود والغاز ليتم توزيعها في العاصمة و الولايات.

طوابير رغم الحظر

لم تغب طوابير الخبز والغاز عن الخرطوم منذ إعلان الإغلاق التام وحظر التجول الشامل، حيث إن تجمع الناس أمام المخابز وفي الميادين العامة في انتظار وصول أسطوانات غاز الطبخ أصبح معتاداً طيلة شهر كامل.

وتفاقمت الأزمة مؤخراً، حيث اضطر بعض المواطنين في عدد من أحياء العاصمة للمبيت في الميادين انتظاراً لوصول الغاز، مع استمرار أزمة الدقيق التي لم تُحل بعد رغم إجراءات وزارة الصناعة والتجارة بإسناد التوزيع للوحدات الإدارية ولجان المقاومة، وهي لجان شعبية تكونت أثناء الثورة ضد نظام الرئيس المخلوع عمر البشير.

وقال محمد نور عبدالله أحد سكان حي «حلة كوكو» شرق العاصمة الخرطوم: «أقف لساعات وقد تنتهي حصة المخبز من الدقيق ولا أتحصل على الخبز، ثم أذهب إلى الأحياء المجاورة بحثاً عن الخبز، ولا نعلم سبب الأزمة رغم أن الحكومة تقول إنها حلت المشكلة».

وتقول طاهرة عبدالله وهي سيدة ستينية تسكن مدينة أم درمان إنهم ظلوا في الحي على مدى أيام ينتظرون وعوداً بوصول أسطوانات غاز الطبخ للميدان المجاور لهم ولكن ذلك لم يحدث.

وتضيف: «نعاني كثيراً ونقف لساعات في الميدان الذي تم تحديده لنا لاستبدال الأسطوانات الفارغة ننتظر تحت أشعة الشمس وفي درجة حرارة عالية».

أزمة الوقود

في الوقت ذاته تفاقمت أزمة البنزين والجازولين بشكل واضح، حيث تكدست السيارات في محطات الوقود، على الرغم من تحديد 9 محطات للعمل في العاصمة تقدم خدماتها فقط للفئات المصرح لها بالحركة أثناء حظر التجول والإغلاق، والتي تشمل الكوادر الطبية والصحية والعاملين في الأجهزة الأمنية وموردي الخضراوات واللحوم والمواد الغذائية والمهن ذات الطبيعة الحيوية.

وأصدرت السلطات قرارات بعدم تزويد خلاف هذه الفئات بالوقود واتخاذ الإجراءات القانونية في مواجهة من يتحركون بدون تصريح عدا الحالات الضرورية مثل الحالات الصحية الحرجة.

المواطن السوداني وليد عوض ظل يبحث عن وقود لسيارته مدة يومين وقال لـ«الرؤية»: «زوجتي في أيام الحمل الأخيرة ويمكن أن تضع مولودها في أي لحظة لذلك خرجت لتعبئة سيارتي خوفاً من حدوث ما لا تحمد عقباه.. قد يكون هناك من ليس لهم ظروف طارئة لكن على السلطات أن تنتبه لمثل هذه الحالات».

الأزمة في طريقها للحل

وزير التجارة والصناعة السوداني مدني عباس مدني أقر في حديثه لـ«الرؤية» بوجود أزمة في توفير الخبز والوقود وهي أزمات مرتبطة ببعضها البعض من حيث الندرة أو الزمن الكافي لوصولها للمواطن حال توافرهـا وتوزيعها.

وقال: «هي مشكلة حقيقية تفاقمت حتى وصل إنتاج الوقود والدقيق لأقل من نصف الحاجة المطلوبة لتحقيق الاكتفاء ولكن بدأ حلها عبر آلية للطوارئ الاقتصادية نجحت الأيام الماضية في توفير السلع الأساسية لمدة 45 يوماً».

وأكد مدني عباس أنهم الآن في مرحلة التنفيذ والاستلام التي تحتاج إلى وقت حتى يتم إكمال توزيع المواد في ولايات السودان.

وأوضح أن أزمة الدقيق ارتبطت بأزمة الوقود لانعدام الجازولين لترحيل القمح من المطاحن ثم ترحيل الدقيق للمخابز، مشيراً إلى أن الأزمة بدأت في الانفراج خلال اليومين الماضيين بعدد من المناطق بمعاونة لجان الأحياء والمقاومة.

وتابع: «نعمل على تخفيف الزحام تمهيداً لاختفاء الطوابير وأن يصل الخبز للمواطنين في منازلهم أو عبر منافذ توزيع في الأحياء».

تدخّل الوزارة

وكشف مدني لـ«الرؤية» عن توافر حصص دقيق ولاية الخرطوم في المخازن ولكن لم يتم الوصول لتوفيرها كاملة في المخابز، وهو ما سيتم مطلع الأسبوع المقبل بحسب عمل المطاحن، منوهاً بتدخل الوزارة المباشر في عملية التوزيع بعد أن كانت تتم عبر مندوبين ألغت الوزارة عملهم.

وأكد أن الإنتاج المحلي من القمح الذي بلغ مليون طن سيحل الأزمة، وتم الاتفاق مع برنامج الغذاء العالمي لتوفير 200 مليون طن ومع شركة خاصة لتوفير 235 طناً تحقق اكتفاء لمدة أشهر.

تقديرات الإنتاج المحلي لهذا العام من القمح متباينة، في حين صرح وزير المالية والتخطيط الاقتصادي إبراهيم البدوي بأن الإنتاج المحلي يبلغ حوالي 800 ألف طن، قال مسؤولون في البنك الزراعي إنه يبلغ 850 ألف طن، بينما ترجح المنظمات المتخصصة مثل منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة «الفاو» أنه لا يزيد على 727 ألف طن!

السلع في الأحياء

وعن البنزين والجازولين وغاز الطبخ قال مدني: «تم الاتفاق على آلية توفيرها والتوزيع في أقرب وقت في الأيام المقبلة».

واعترف مدني بأن الحكومة الانتقالية وضعت خططاً مسبقة لم تجد الوقت والاستعداد الكافي قبل مرحلة الإغلاق التام.

وقال: «نعمل الآن على مشروع لتوزيع السلع لتصل المستهلكين في الأحياء لكن أزمة الوقود عطلت هذه الخطط، وكنا نتوقع خلال فترة الإغلاق ألا تكون هناك حركة سيارات وسيتم في اليومين المقبلين ضخ كميات من الوقود تكفي حاجة المواطنين».

فجوة كبيرة

من جهته، كشف مدير الإمداد والتوزيع بوزارة الطاقة والتعدين السودانية جمال حسن لـ«الرؤية» عن أن استهلاك السودان يومياً 1500طن من غاز الطهي وتنتج مصفاة الخرطوم 50% فقط من الاستهلاك اليومي، وهو ما أحدث الفجوة.

وأرجع الأزمة الحالية إلى نقص كميات الولايات ولجوء وكلاء الغاز للخصم من حصة ولاية الخرطوم.

وأضاف: «نستورد شهرياً 20 ألف طن من الغاز بمعدل باخرة كل أسبوع، وفي حال تأخرنا في ذلك تظهر الأزمة».

وأكد إكمال إجراءات استيراد 12 ألف طن من غاز الطهي وصلت ناقلتها ميناء بورتسودان، وسيتم توزيع 10 آلاف طن للولايات و2000 طن لولاية الخرطوم لتوفير حاجة البلاد خلال شهر رمضان.

تهريب الوقود

كما كشف مدير الإمداد والتوزيع أن استهلاك البلاد 4500 ألف طن من الوقود يومياً، تنتج المصفاة منه 2800 ألف طن وتتم تغطية النقص باستيراد 1500 متر للبنزين شهرياً.

وأرجع الأزمات المستمرة في الوقود إلى مشكلة تهريب الوقود للدول المجاورة. وعن الإجراءات أثناء الإغلاق التام وحظر التجول قال: «نُقيّم الموقف كل 3 أيام وتم إيقاف عمل محطات الوقود البالغ عددها 300 محطة وتخصيص 9 محطات فقط في العاصمة لتقديم الخدمات، ولدينا خطة لزيادة عددها لتوفير الوقود للعربات التي تنقل البضائع والمواد الاستهلاكية».