الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الجزائر تسحب سفيرها بباريس.. ذر للرماد في العيون أم توتر بالعلاقات؟

الجزائر تسحب سفيرها بباريس.. ذر للرماد في العيون أم توتر بالعلاقات؟

نشطاء يشاركون في الحراك الشعبي بالعاصمة الجزائرية. (الرؤية)

أحدث قرار الجزائر استدعاء سفيرها بباريس على خلفية فيلم وثائقي بثته قنوات حكومية فرنسية، جدلاً حول العلاقات بين البلدين، حيث وصفتها جهة بالمتوترة، فيما اعتبرتها جهة أخرى محاولة من النظام لذر الرماد في العيون، وسط جهوده لتمرير تعديلات في دستور البلاد.

واستدعت وزارة الخارجية الجزائرية، مساء الأربعاء، سفيرها في باريس صالح لبديوي، للتشاور عقب بث قنوات عمومية فرنسية لبرامج قالت الوزارة إنها تتهجم على الشعب الجزائري ومؤسساته.

ويحمل الفيلم الوثائقي اسم «الجزائر حبي» وبثته يوم الثلاثاء، قناة «فرانس 5» الحكومية الفرنسية وأعادت بثه قناة البرلمان الفرنسي وأنتجه وأخرجه الصحافي الفرنسي من أصل جزائري مصطفي كسوس ويتحدث عن الحراك الشعبي.

وأحدث الفيلم جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي بتركيزه على مطالب الحراك بالتحرر من قيم المجتمع الجزائري ومحاولة حصر كل مطالب الحراك في حريات غريبة عن المجتمع الجزائري «كحرية شرب الخمور وممارسة الجنس والشذوذ الجنسي» وهو ما اعتبرته الحكومة إساءة للشعب الجزائري.

وقال بيان الخارجية الجزائرية، «إن الطابع المطرد والمتكرر للبرامج التي تبثها القنوات العمومية الفرنسية.. التي تبدو في الظاهر تلقائية، تحت مسمى وبحجة حرية التعبير، ليست في الحقيقة إلا تهجماً على الشعب الجزائري ومؤسساته، بما في ذلك الجيش الوطني الشعبي».

واعتبر التلفزيون الجزائري الحكومي في افتتاحية نشرته الرئيسية بيان وزارة الخارجية انتصاراً للحراك الشعبي الذي تعتبره الحكومة مباركاً.

واتهم العديد من المحللين خلال مداخلات عبر محطات التلفزيون والإذاعة الحكومية لتفسير بيان الخارجية الجزائرية، الدوائر الفرنسية بمحاولة تشويه المجتمع الجزائري عبر تشويه حراكه.

وترى الحكومة الجزائرية تركيز وسائل الإعلام الفرنسية على مطالب الحراك بالتحرر من تدخل العسكر في الحياة السياسية، تهجماً على مؤسسة الجيش.

غير أن العديد من الناشطين اعتبروا المسألة محاولة من السلطة لاستغلال الوضع والمناورة من أجل تمرير خارطة طريقها وأولها مشروع تعديل الدستور الذي تسعى لحشد المؤيدين له.

وقال أستاذ الإعلام بجامعة الجزائر الدكتور حسين دوحاجي في منشور له على فيسبوك «مختصر القصة تشويه وضرب صورة الحراك قبيل أيام من تجدده».

وتابع حسين «لتنطلي الخدعة على البسطاء ويتحقق الحشد الشعبي، الذي يضمن تمرير مسودة الدستور».

وأكد «كل ذلك لا يخدم إلا تقدم خطوات المسار المشؤوم إلى الأمام تماماً وبالضبط كما حدث قبيل مهزلة انتخابات 12/12» مذكراً «هل نسيتم يومها قصة التصعيد وكذبة طرد السفير؟».

وكانت مظاهرات الحراك طالبت بإسقاط الانتخابات الرئاسية التي جرت في 12 ديسمبر، وأثار ظهور السفير الفرنسي إلى جانب تلك المظاهرات، جدلا إلى حد تحدث وسائل الإعلام الجزائرية المدعمة للنظام عن قرب طرده إلى بلاده وهو الذي لم يتم فيما بعد.

ولا يعتقد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر الدكتور توفيق بوقاعدة بوجود أزمة حقيقية بين الحكومتين الجزائرية والفرنسية.

ويرى بوقاعدة في تصريح لــ«الرؤية» أن «ما حدث هو مجرد ذر للرماد في العيون وأن بيان وزارة الخارجية الجزائرية يعبر عن ذلك».

وأوضح أنه «في الوقت الذي تستدعي سفير البلاد للتشاور، تبرئ في الوقت ذاته ساحة الفرنسيين وتتهم أطراف مجهولة لا تريد الخير للعلاقات الجزائرية الفرنسية».

وأشار توفيق إلى الفقرة الأخيرة من بيان الخارجية التي تقول إن «هذه العدائية تكشف عن النية المبيتة والمستدامة لبعض الأوساط التي لا يروق لها أن تسود السكينة العلاقات بين الجزائر وفرنسا بعد (58) سنة من الاستقلال في كنف الاحترام المتبادل وتوازن المصالح التي لا يمكن أن تكون بأي حال من الأحوال موضوعاً لأي تنازلات أو ابتزاز من أي طبيعة كان».

وأكد بوقاعدة «أن العلاقات الجزائرية الفرنسية متشابكة ومعقدة المصالح ولا تؤثر فيها قناة أو ريبورتاج».