السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

العفو الدولية تكشف تفاصيل مأساة عمال «السّخرة» في قطر

العفو الدولية تكشف تفاصيل مأساة عمال «السّخرة» في قطر

عامل: ستندم عند اللجوء إلى المحكمة، فالعمال يعانون لأن الشركات هي التي تحكم. (أرشيف ـ أ ف ب)

كشف تقرير لمنظمة العفو الدولية عن ظروف مأساوية يعاني منها العمال في مشاريع ملاعب كأس العالم لكرة القدم في قطر، موضحة أن بعضهم يعمل بدون رواتب منذ 7 أشهر.

وقالت المنظمة في تقرير على موقعها الإلكتروني إن الأمر يعد أحدث مثال «على مدى سهولة استغلال العمال في قطر»، مضيفة «منذ سنوات ونحن نحث قطر على إصلاح النظام، ولكن من الواضح أن التغيير لم يأت بالسرعة الكافية».

وسلطت المنظمة الضوء على مأساة العمال في مشروع «استاد البيت» حيث لا يزال نحو 100 موظف في شركة قطر للحديد المجلفن، ينتظرون دفع مستحقاتهم كاملة، على الرغم من ضخامة المشروع الذي تقدر تكلفته بنحو 770 مليون يورو.

وقال ستيف كوكبيرن، رئيس برنامج العدالة الاقتصادية والاجتماعية في منظمة العفو الدولية: «أخبرنا العمال الأجانب عن المصاعب التي كابدوها بعد أن عملوا بدون أجر في (استاد البيت) لعدة أشهر. إنهم يشعرون بالقلق بشأن عائلاتهم التي تعتمد على التحويلات لدفع الرسوم المدرسية والفواتير الطبية».

وأعربت المنظمة عن صدمتها من تأكيد منظمي كأس العالم في قطر لعلمهم بقضية تأخير رواتب العمال منذ شهر يوليو 2019، مشددة على أن الأمر يثير التساؤل عن «سبب سماح قطر للعمال بمواصلة العمل لشهور بدون تلقي أجر».

وأكدت المنظمة أنه لا ينبغي أن تنتظر السلطات القطرية صدور بيانات من منظمة العفو لتتم معالجة و«دفع مستحقات العمال».

وأشارت إلى أنه وتحت ضغط المنظمة الدولية رضخت الدوحة مؤخراً وقامت بالتحرك لحصول جزء من العمال على بعض من مستحقاتهم، وذلك بعد أن أثارت «العفو الدولية القضية مع السلطات القطرية، والاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، واللجنة العليا للمشاريع والإرث - وهي الهيئة المنظمة لكأس العالم في قطر».

وشدد بيان المنظمة في الوقت ذاته على أنه لا يزال هناك الكثير من العمال الذين لم يتلقوا حتى الآن رواتبهم.

وفي سياق متصل، وثقت المنظمة تقاعس شركة قطر للحديد المجلفن عن تجديد بطاقات إقامة الموظفين، مما يعرضهم لخطر الاحتجاز والترحيل، مشيرة إلى أن الكثير من العمال ينتظرون الآن انتهاء عملية الإغلاق الشامل بسبب وباء كوفيد-19 في أماكن مكتظة في الدوحة.

وقالت المنظمة إنها تواصل «الوقوف مع العمال لمطالبة قطر وشركائها في كأس العالم بدفع كل فلس مستحق لهم»، موضحة أنه يجب أيضاً ضمان أن تكون لديهم وثائق قانونية صالحة، ويتم تعويضهم عن أي رسوم دفعوها لتأمين وظائفهم في الشركة. فكل هؤلاء الفاعلين بحاجة إلى التحرك بشكل عاجل لوضع حد للانتهاكات وإنصاف العمال على وجه السرعة.

وأوضحت أنها أجرت مقابلات مع موظفين حاليين وسابقين في شركة قطر للحديد المجلفن، واطلعت على سجلات المحكمة والعقود.

وقال العمال إن تأخير دفع الرواتب قد أثر على جميع الموظفين العاملين في مشروع استاد البيت غالبيتهم من دول غانا وكينيا ونيبال والفلبين.

وبدأ التأخير في أوائل عام 2019، وازداد الموقف تدهوراً حتى عام 2020. ولم يتلق العديد من الموظفين أي راتب على الإطلاق مقابل عملهم بين سبتمبر 2019 ونهاية مارس 2020.

وشددت المنظمة على أن الشركة القطرية التي تدير المشروع الضخم لم تف بأي من وعودها السابقة للعمال.

وتابع بيان المنظمة: إنه وفي يناير2020، وبعد أن سئم العمال من وعود الشركة المتكررة، قدم بعضهم شكاوى إلى محاكم العمل في قطر، ونقلت عن أحد العمال قوله «الشركة تتمتع بقدر كبير من الأفضلية مقارنة بالعمال، ما يجعلك تندم عند اللجوء إلى المحكمة، فالعمال يعانون لأن الشركات هي التي تحكم» على حد تعبيره.

وقال العديد من الموظفين إنهم مُنعوا من القدوم إلى العمل، انتقاماً على ما يبدو بسبب للجوء إلى المحاكم، أو رفضهم إنهاء عقودهم مبكراً.

واتهمت المنظمة الشركة القطرية بسحب جميع الموظفين المتبقين من الاستاد، وطلبت منهم العمل في مصنعها الذي يقوم بتصنيع الألمنيوم والفولاذ، حيث أجبرتهم على الاستمرار في العمل هناك بدون أجر حتى 22 مارس عندما أُغلق المصنع بسبب الوباء.

وأشارت المنظمة إلى أن وضع العمال يزداد سوءاً بالنظر إلى جانب آخر من مأساتهم والمتمثل في كون غالبيتهم باتت مهددة بتقاعس الشركة عن تجديد إقاماتها، موضحة أن الكثيرين وصلوا إلى قطر من بلدان فقيرة بعد دفع مبالغ لوسطاء تتراوح بين 900 دولار و 2000 دولار واضطر الكثيرون إلى الحصول على قروض لتغطية هذه المبالغ، فيما «يجدون أنفسهم الآن وهم يكابدون من أجل إعالة أسرهم».

ونقلت المنظمة عن أحد العمال قوله «كنت عاطلاً عن العمل، واعتقدت أن القدوم إلى قطر سيجعل الأمور أفضل، ولكن للأسف، لم تَسِر الأمور كما توقعت».

وأنحت المنظمة بجزء من اللائمة على الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» موضحة أنه لو «كانت فيفا قد قامت بمحاسبة شركائها في كأس العالم، ما كنا لنسمع نفس حكايات معاناة العمال قبل عامين ونصف فقط من انطلاق البطولة».

وقالت إن عدم علم الاتحاد الدولي لكرة القدم بمحنة العمال في أحد ملاعب كأس العالم، منذ فترة طويلة، يظهر أنه لا يزال يتقاعس عن التعامل مع انتهاكات حقوق الإنسان المرتبطة ببطولة كأس قطر 2022 بجدية كافية.