الاحد - 05 مايو 2024
الاحد - 05 مايو 2024

محللون: ضم إسرائيل لأراضٍ من الضفة يهدّد معاهدة السلام مع الأردن

محللون: ضم إسرائيل لأراضٍ من الضفة يهدّد معاهدة السلام مع الأردن

إحدى المناطق المقرر ضمها ضمن الخطة. (أ ف ب)

تهدد خطة إسرائيل لضم أراضٍ في الضفة الغربية المحتلة بخرق معاهدة السلام مع الأردن الذي قد يوضع أمام خيارين: إلغاؤها أو تعليق العمل ببعض بنودها، بحسب محللين.

لكن الأردن الذي يعتمد على مساعدات أمريكية سنوية تفوق المليار دولار لن يتمكن من وقف خطوة أعطتها واشنطن الضوء الأخضر.

ويفترض أن يعلن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو اعتباراً من الأسبوع المقبل تفاصيل وضع خطة ضمّ أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، تشمل غور الأردن والمستوطنات، قيد التنفيذ.

ويحذر الأردن من أن ذلك سيقوض فرص السلام ويقتل حل الدولتين الذي يتمسك به والمجتمع الدولي كحل وحيد لضمان قيام دولة فلسطينية مستقلة. ويعتبر أن أي حل لا يضمن قيام دولة فلسطينية وحق عودة اللاجئين، يشكل خطراً على أمنه الوطني.

ويبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى الأمم المتحدة في الأردن أكثر من 2.2 مليون لاجئ، في حين يشكل الأردنيون من أصل فلسطيني أكثر من نصف عدد السكان البالغ نحو 10 ملايين.

وحذر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، في مقابلة مع مجلة «دير شبيغل» الألمانية الشهر الماضي، من أن الضم سيؤدي إلى «صدام كبير» مع الأردن الذي «يدرس كل الخيارات».

وقال رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز إن المملكة ستكون مضطرة «لإعادة النظر بالعلاقة مع إسرائيل بكافة أبعادها».

ويرى محللون أن لدى الأردن خيارات أبرزها إلغاء معاهدة السلام أو تعليق العمل ببعض بنودها، على الأخص التعاون الأمني والاستخباري، وإغلاق سفارة إسرائيل في عمّان وسحب السفير الأردني من تل أبيب.

ويقول مدير مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي لـ«فرانس برس»: «يجب توجيه رسالة قاطعة لإسرائيل وللأمريكيين مفادها: إذا ذهبتم في هذا الطريق فسنذهب إلى إلغاء معاهدة السلام».

ويرى أن «لا قيمة لها إن لم يكن هناك سلام دائم وشامل في المنطقة».

ويؤكد وزير الإعلام الأردني الأسبق محمد المومني أن ضم إسرائيل أراضي في الضفة الغربية «خرق لمعاهدة السلام».

ويذكّر بأن المعاهدة تنص على «عدم قيام أي طرف بإجراءات أحادية تمس مصالح الطرف الآخر»، مؤكداً أن الضم «يمس مصالح الأردن بشكل مباشر»، لأن هذه المصالح «مرتبطة بقيام دولة فلسطينية».

ويضيف «هذا تهديد مباشر للأمن الوطني والمصالح العليا... لن يكون بلا كلفة» على العلاقات.

ويقول محللون إن الأردن وقّع معاهدة السلام على أساس تصور شامل يمهد لقيام دولة فلسطينية، عاصمتها القدس الشرقية، وحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين الذين لجأ مئات الآلاف منهم إلى المملكة عامي 1948 و1967.

واحتلت إسرائيل الضفة الغربية التي كانت تخضع للإدارة الأردنية، بما فيها القدس الشرقية، في يونيو 1967 إضافة إلى قطاع غزة وهضبة الجولان وسيناء.

وشرعت منذ احتلالها ببناء مستوطنات مخالفة للقانون الدولي، وتوسّع الاستيطان معقداً حل الدولتين الذي يدعو له المجتمع الدولي.

ويرى الفلسطينيون أن ضم الأراضي سيجعل من المستحيل قيام دولة فلسطينية مترابطة جغرافياً.

ويشاركهم الملك عبدالله مخاوفهم فيصر على لاءاته الثلاث: لا للوطن البديل، ولا لتوطين اللاجئين، ولا للتنازل عن القدس.

ويقول تاجر الأدوات الكهربائية عبدالله موسى (44 عاماً): «الضم خطر وجودي على الأردن كما هو على فلسطين. لن يبقى شيء لتقام عليه دولة فلسطينية».

ويضيف «دون دولة فلسطينية الأردن مهدَّد بمشاريع تهجير الفلسطينيين والوطن البديل».

ويرى أن إلغاء معاهدة السلام أو تعليق العمل بها «أهم قرار قد يتخذه الملك منذ توليه العرش» عام 1999.

أما لؤي ملحس (41 عاماً) الذي يعمل في التصوير والمونتاج التلفزيوني، فيرى أن الضم «خطير وسيؤدي إلى تهجير الآلاف من سكان الضفة الغربية».

ويضيف «الأردن يرفضه بشده لأنه نهاية مشروع حل الدولتين، ويقضي على مشروع إقامة دولة فلسطينية وهذا سيدخل الأردن في مأزق الوطن البديل والتوطين».

ووصف عاهل الأردن مرات عدة السلام مع إسرائيل بأنه «سلام بارد»، واعتبر الخريف الماضي أن العلاقات معها «في أدنى مستوياتها على الإطلاق».

وأعلن في نوفمبر الماضي فرض سيادة بلاده الكاملة على أراضي الباقورة والغمر، بعد عام على إبلاغ إسرائيل بعدم تجديد ملحقين في معاهدة السلام، خاصين بهذه الأراضي الأردنية التي كانت تستغلها إسرائيل.

وفاجأ بذلك إسرائيل التي بقيت حتى آخر لحظة تأمل في التوصل إلى تفاهم حول المنطقتين الزراعيتين.

وحاولت إسرائيل عام 1997 اغتيال رئيس المكتب السياسي السابق لحركة «حماس» خالد مشعل في عمّان عبر حقنه بمادة سامة، فهدد حينها العاهل الأردني الراحل الملك حسين بن طلال بإلغاء معاهدة السلام، فأحضرت الترياق وتم إنقاذ حياة مشعل.

لكن مقابل هذا الضغط في الداخل، قد لا يكون سهلاً على الأردن اتخاذ قرارات في شأن معاهدة السلام.

ويرى مدير مركز «الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية» أحمد عوض أن «علاقات الأردن الاستراتيجية مع واشنطن ووجود ملفات عديدة مشتركة واعتماده على مساعدات أمريكية، ستقلص من خياراته».

وبدوره، يقول المحلل السياسي كيرك سويل، المتخصص بدراسة المخاطر خصوصاً في الشرق الأوسط: «يمكن دائماً تعليق المعاهدات أو إلغاؤها».

ويضيف أن الأردن «لن يفعل أي شيء ملموس لوقف الضم، سيكون هناك الكثير من الخطابات حول معارضة ذلك»، لكن الأردن سيكون متضرراً مثلاً من وقف التعاون الأمني، أو وقف التعاون في مجال الغاز، أكثر من إسرائيل.