الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

محلل أمريكي: اغتيال الهاشمي فرصة لتقليم أظافر إيران في العراق

يمثل اغتيال هشام الهاشمي، الباحث العراقي المتخصص في شؤون الجماعات المتطرفة، مأساة بالنسبة للعراق، لكنه في الوقت نفسه يشكل اختبار قيادة، وربما فرصة سياسية لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، بحسب المحلل السياسي الأمريكي بوبي غوش.

كان مسلحون قد أطلقوا النار على الباحث العراقي يوم الاثنين الماضي فأردوه قتيلاً. وكان الهاشمي باحثاً متخصصاً في تنظيمي «داعش» و«القاعدة» الإرهابيين، وعمل مستشاراً للحكومة العراقية في شؤون الإرهاب والجماعات المتطرفة.

وخلال العام الماضي بدأ يركز على الميليشيات المسلحة، المدعوم أغلبها من إيران والمتغلغلة في النظامين الأمني والسياسي للعراق.

أثارت انتقاداته المتكررة لهذه الميليشيات غضب طهران وكراهيتها له. ويقول أصدقاء الهاشمي إنه تلقى تهديدات بالقتل من هذه الجماعات. وتمثل عملية قتله جريمة اغتيال كاملة. ورغم أنه لم يعلن أحد مسؤوليته عن الحادث، فإن الميليشيات يجب أن تكون المشتبه فيه الأول.

رئيس الوزراء العراقي تعهد بتقديم قتلة الهاشمي للعدالة. وتمثل الميليشيات أكبر تهديد للنظام الاجتماعي والسياسي في العراق.

وحاول رؤوساء الوزراء السابقون بدرجات متفاوتة من الحماس التصدي لنفوذ هذه الميليشيات، لكن أياً منهم لم يحقق تقدماً يذكر في هذا الاتجاه. لكن يمكن للكاظمي النجاح فيما فشل فيه روؤساء الحكومة السابقون إذا استطاع الاستفادة من مجموعة من الظروف المواتية، بالإضافة إلى جريمة الاغتيال المؤسفة.

ويقول غوش، في التحليل الذي نشرته وكالة «بلومبيرغ» للأنباء، إن خلفية الكاظمي تجعله مؤهلاً بشكل فريد للقيام بهذه المهمة. فهو كرئيس سابق للمخابرات العراقية يعرف عن هذه الميليشيات أكثر مما يعرفه أي سياسي عادي. كما أن وظيفته السابقة جعلته يطور علاقات قوية مع واشنطن أو بشكل أكثر دقة مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وكذلك مع طهران.

وهناك عنصر آخر حاسم وهو اختيار كاظمي لمن يقود عمليات مكافحة الإرهاب في البلاد، حيث أعاد تعيين الفريق عبدالوهاب السعدي، الذي كان رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي قد خفض رتبته وأطاح به في العام الماضي، استجابة لضغوط من إيران فيما يبدو.

ويرى غوش، الذي يعمل منذ 2017 رئيساً لتحرير صحفية «هندوستان تايمز» الهندية، أنه يمكن للكاظمي الاستفادة من المشكلات التي تواجهها طهران. فما بين العقوبات الأمريكية وجائحة فيروس كورونا المستجد، تجد إيران نفسها غير قادرة على مواصلة دعمها السخي لعملائها في العراق. وبالفعل خفضت إيران مدفوعاتها الشهرية للميليشيات العراقية.

ولم تتمكن إيران من تعويض خسارة قائدها العسكري قاسم سليماني، الذي كان يدير التنظيمات الخارجية الموالية لطهران، إلى جانب رجله القوي في العراق أبو الهادي المهندس، واللذان قتلا في غارة أمريكية بالقرب من مطار بغداد بداية العام الحالي. ويكافح إسماعيل غاني خليفة سليماني للسيطرة على الميليشيات العراقية والذي لم يتمكن من تجميعها حول زعيم محلي جديد مثل المهندس.

ومنذ توليه رئاسة الحكومة في مايو الماضي، يحاول الكاظمي بقوة تفكيك بعض هذه المليشيات. وأمر بشن هجمات ضد جماعات بارزة مثل كتائب «حزب الله»، لكن سرعان ما تم إطلاق سراح عناصر هذه الكتائب الذين تم القبض عليهم. كما حذر هذه الجماعات من استمرار هجماتها الصاروخية على الأهداف الأمريكية، لكنها استمرت.

ولكن ما يفتقده الكاظمي هو الدعم البرلماني الكامل، حيث يتلقى أغلب السياسيين الشيعة العراقيين أوامرهم من طهران ومن العراقيين العاديين. ورغم أنه تعهد بحل مشكلات المحتجين من الشباب العراقيين الذين أطاحوا بسلفه فيما يعرف باسم «ثورة أكتوبر»، فإن الشباب العراقي يشككون فيه باعتباره صنيعة للمؤسسة السياسية المشوهة.

وحتى يتمكن رئيس الوزراء من مواجهة الميليشيات والإيرانيين، فإنه يحتاج إلى المزيد من دعم العراقيين من مختلف الطوائف ومن المجتمع الدولي.

ويمكن أن يخدم مقتل الهاشمي موقف أي سياسي بارع. فقد كان الباحث العراقي يحظى بشعبية واسعة بين المتظاهرين الذين واجهوا رصاص وهراوات الميليشيات التي كانت تحاول فض مظاهراتهم. ورغم تراجع زخم ثورة أكتوبر منذ أوائل الربيع الماضي نتيجة جائحة فيروس كورونا وانسحاب دعم القيادات السياسية والدينية، يمكن لمقتل الهاشمي إشعال جذوة الاحتجاجات مرة أخرى.

وأدانت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا وغيرها من الدول والمؤسسات الدولية مقتل الهاشمي، بل إن إيران وجدت نفسها مضطرة لإعلان أسفها على مقتله.

ويمكن للكاظمي دعوة هذه الدول والأطراف الدولية لتحويل أقوالها إلى أفعال وزيادة الدعم المخابراتي لبلاده وتشديد الضغوط الدبلوماسية على إيران.

لكن يظل السؤال، هل يمكن أن يفشل الكاظمي في ذلك؟ بالطبع يمكن ذلك، لأن إيران تمتلك نفوذاً قوياً في بغداد وسوف تستخدمه.

وحتى مع انخفاض الدعم الإيراني للميليشيات العراقية، فإن الأخيرة مازالت قادرة على إلحاق الأذى بأي قوة عراقية أخرى يمكن أن يستخدمها الكاظمي ضدها. في الوقت نفسه مازال على الكاظمي إبراز المظلومية السياسية المطلوبة لتحويل مأساة اغتيال الهاشمي إلى فرصة لتقليم أظافر إيران في بلاده.