الخميس - 16 مايو 2024
الخميس - 16 مايو 2024

واشنطن بوست: شرط الفلسطينيين وقف «مخطط الضم» تحقق لكنهم غير مستعدين للتفاوض

واشنطن بوست: شرط الفلسطينيين وقف «مخطط الضم» تحقق لكنهم غير مستعدين للتفاوض

تسببت المقاطعة بمعاناة كبيرة للشعب الفلسطيني خاصةً أنها تزامنت مع فترة من الأزمات المتعددة في الأراضي الفلسطينية - رويترز

على الرغم من أن معاهدة السلام الإماراتية الإسرائيلية تقر وقف مخطط ضم أراضي الضفة الغربية، إلا أن الفلسطينيين غير مستعدين لإعادة التفاوض مع إسرائيل رغم أن ذلك كان من شروطهم، بحسب صحيفة «واشنطن بوست».

وقالت الصحيفة الأمريكية «عندما قطع الفلسطينيون العلاقات الأمنية والمالية والمدنية طويلة الأمد مع نظرائهم الإسرائيليين في مايو، تعهدوا بعدم استئنافها حتى تتخلى إسرائيل عن خططها لضم المستوطنات اليهودية من جانب واحد في الضفة الغربية.

واعتبرت «واشنطن بوست» أن نهاية هذا التهديد - في المستقبل المنظور، على أي حال - كان يمكن اعتباره انتصاراً نادراً للقيادة الفلسطينية التي تعاني من مشكلات.

وأضافت الصحيفة الأمريكية «لكن بدلاً من احتفاء الفلسطينيين بتحقيق شرطهم بإيقاف مخطط الضم، قاموا بالتنديد بمعاهدة السلام بين الإمارات وإسرائيل، وحتى اللحظة يرفض الفلسطينيون استئناف التعاون، رافضين دفع الحلفاء الأوروبيين والعرب لإنهاء هذه السياسة التي تضر الشعب الفلسطيني أكثر من إسرائيل».

آثار سلبية عديدة

وأشارت واشنطن بوست، إلى أن من بين الآثار السلبية لهذه السياسة، هو استنزاف أموال الخزينة العامة، وحصول الموظفين الفلسطينيين على نصف أجورهم فقط بسبب رفض السلطة قبول المدفوعات الضريبية والجمركية من إسرائيل.

وإضافةً إلى ذلك يوجد أكثر من 25 ألف طفل فلسطيني ولدوا في الضفة الغربية، ولم يتم تسجيلهم من قبل السلطات المدنية الإسرائيلية مما يجعلهم غير مؤهلين للحصول على الهويات الشخصية وجوازات السفر.

وفي بعض الحالات أعيدت العائلات التي ذهبت للعلاج الطبي في الأردن بسبب حملهم لرضيع غير مسجل.

ويعاني الفلسطينيون الذين لا يستطيعون التقدم بشكل مباشر إلى الوكالات المدنية الإسرائيلية لا سيما في قطاع غزة، من صعوبة الحصول على تصاريح العمل والسفر التي تعد بعيدة المنال بالنسبة لهم، ولا يستثنى من ذلك المرضى الذين هم بحاجة إلى علاج طبي عاجل.

وعلى الرغم من هذه الصعوبات التي يعاني منها الفلسطينيون، يصر القادة الفلسطينيون على أنهم لن يستأنفوا برامج التعاون لأنهم يعتبرون أن مشروع الضم لا يزال يشكل تهديداً رغم تأكيد إيقافه.

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أكد أن خطة الضم لم تعد مطروحة، في حين أصرت دولة الإمارات العربية المتحدة أن إعادة إحياء خطة الضم سيقضي على الاتفاق الدبلوماسي.

ومن ناحية أخرى، صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لأنصاره من اليمين المتشدد أنه لا يزال بإمكانه إعادة إحياء خطة الضم، فيما يرى العديد من المحللين أنه فعل ذلك لإرضاء مناصريه بهذه التأكيدات، إلا أن القادة الفلسطينيين يأخذون تصريحات نتنياهو على محمل الجد.

المعاهدة الإماراتية تقلب المقاييس

ويعكس الموقف الحالي عزلة الفلسطينيين، وذلك بعد أن أذابت المعاهدة الإماراتية الجمود في العلاقات مع إسرائيل والذي أجمع المراقبون انه لن يتم بدون الفوز بتنازلات كبيرة أولاً.

ويواجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس احتمالية انضمام دول عربية أخرى إلى المسيرة الإماراتية في التطبيع مع إسرائيل، بينما لا يزال يتمسك بالاستراتيجية التي دامت 16 عاماً لرفض أي مصالحة من هذا القبيل.



ومن ناحية أخرى أشادت الردود في العالم العربي بمعاهدة السلام الإماراتية في موقف بعيد عن آراء القادة الفلسطينيين، وعبرت البحرين ومصر وسلطنة عمان عن دعمها للاتفاق الإماراتي، ورفضت الكويت ودول عربية أخرى في الخليج العربي، الانضمام للموقف الإيراني والتركي في إدانتهما الصريحة.

معاناة

قال خليل الشقاقي رئيس المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في رام الله، إنهم (القادة الفلسطينيون) عالقون، ويتساءل عن الوقت المناسب لاستئناف التنسيق مع إسرائيل.

وكان نظام العلاقات التعاونية قد بدأ بعد اتفاقية في عام 1993، وكان يخدم كلا الطرفين، حيث تقوم إسرائيل بسداد الضرائب ورسوم الاستيراد التي تمثل ثلثي الإيرادات الشهرية للسلطة الفلسطينية.

وتقوم الشرطة الفلسطينية بالتنسيق مع الوحدات العسكرية الإسرائيلية النشطة في الضفة الغربية للسيطرة على أعمال العنف، كما تقوم الوكالات من كلا الجانبين بمعالجة تصاريح العمل والسفر، التي تسمح للمرضى بتلقي العلاج بالمستشفيات الإسرائيلية، وتمكن لعشرات الآلاف من العمال بالعمل على الجانب الإسرائيلي في نقاط التفتيش.

وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد علق هذا التعاون قبل 3 أشهر قائلاً إنه سيجبر إسرائيل على تحمل العبء كقوة محتلة لتكون وحدها المسؤولة عن الاحتياجات الشرطية والإدارية للفلسطينيين، ومن ناحية أخرى رحبت حركة حماس بالخطوة.

إلا أنها تسببت بمعاناة كبيرة للشعب الفلسطيني، خاصةً أنها تزامنت مع فترة من الأزمات المتعددة في الأراضي الفلسطينية، حيث تقلصت الإيرادات، وتوقف آلاف العمال عن العمل، في الوقت الذي تدهور فيه الاقتصاد تزامناً مع جائحة فيروس كورونا.



ومن ناحية أخرى اندلعت التوترات في قطاع غزة، وأطلق المسلحون البالونات الحارقة يومياً فوق الجدار الأمني، مما تسبب في اندلاع عشرات الحرائق في إسرائيل ودفع الجيش الإسرائيلي إلى شن ضربات انتقامية ليلية.

والآن تعاني كل من الضفة الغربية وقطاع غزة من زيادة مقلقة في حالات الإصابة بفيروس كورونا، وقد أدى قطع العلاقات في البداية، إلى تأخير استيراد الإمدادات ومعدات الحماية، حتى توصلت الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة إلى حل بديل.

ومن ناحيته قال إياد ساباربيكوف من مكتب منظمة الصحة العالمية في القدس: «لدينا آلية مؤقتة قائمة حتى استئناف التنسيق بين فلسطين وإسرائيل، ولكن الوضع في غزة مقلق للغاية».

وتعمل المنظمات الإنسانية الآن على نظام مخصص لمساعدة الفلسطينيين في الحصول على تصاريح لدخول إسرائيل لتلقي العلاج الطبي.

وتم تداول عدة روايات في وسائل الإعلام، عن مرضى توفوا نتيجة عدم قدرتهم على التنقل بسبب نظام التصاريح، ومنهم الشاب جلال شرفي 22 عاماً، الذي توفي بسبب مرض السرطان بعد عدة محاولات فاشلة من عائلته لنقله لإسرائيل لتلقي العلاج.



وقال والده ناصر شرفي، إنهم حاولوا الاتصال بالسلطة الفلسطينية، إلا أنهم قالوا إنه لا يسمح لهم بالعمل أو الاتصال بالإسرائيليين.

ومن ناحيته قال مايكل ميلشتين وهو مسؤول سابق في مكتب تنسيق أعمال الحكومة ورئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في جامعة تل أبيب، إن كلا الجانبين سيستفيد عند استئناف التعاون، وأضاف أن المسؤولين الفلسطينيين يمكنهم بعد ذلك الوصول إلى الإيرادات المهمة، ويتمكن الفلسطينيون من العمل بسلاسة أكبر مع المؤسسات الإسرائيلية.