الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

نازحو اليمن.. معاناة جديدة يضاعفها الشتاء ونقص المساعدات

عند حاجز أمني بطريقٍ جنوب محافظة تعز اليمنية، توقفت الأم المكلومة مريم نعيم، تطلب من السائقين الذين يتوقفون للتفتيش، مساعدتها في جمع مبلغ من المال يساوي 15 دولاراً؛ لشراء بطانية ولحاف تصد بهما البرد عن أطفالها الخمسة الأيتام، الذين يواجهون ظروفاً صعبة في مخيم «الملكة» بمنطقة البيرين جنوب المحافظة، مع دخول فصل الشتاء.

بعد 3 ساعات من الاستجداء تمكنت مريم (31عاماً) من جمع مبلغ من المال بعد أن تعاطف معها عدد من السائقين، واتجهت إلى متجر قريب لشراء لحاف وبطانية، وعادت إلى المخيم بالدفء لأطفالها في صباحٍ باردٍ تنعدم فيه وسائل التدفئة الكافية لأكثر من 120 أسرة تسكن هذا المخيم.

تقول مريم -النازحة من منطقة الكدحة- لـ«الرؤية» إنها تحصلت قبل عامين على فراش واحد وبطانية فقط، من إحدى المنظمات التي لم تعد تذكر اسمها، لكن هذه الوسائل ليست كافية لتدفئة 5 أطفال تضطر إلى إلباسهم أكثر من ثوب قبل منامهم ليتمكنوا من مقاومة البرد قدر الإمكان، ولديها طفلٌ رضيع تغمره أحياناً في شنطة كبيرة بين ثيابها؛ حال شعرت أن الصقيع سيؤثر عليه.

وتزيد شكاوى النازحين في مخيم «الملكة» من قلة الدعم الإيوائي المقدم لهم من المنظمات الدولية، حيث تبدو معيشتهم صعبة في خيام لم تجدد منذ 4 أعوام، حتى إن بعضها أصبحت مهترئة ومفتوحة للشمس والأتربة، نتيجة تعرضها للظروف المناخية المتقلبة طوال تلك الفترة، غير أن ساكنيها الذين يفقدون الحيلة، ما زالوا يسكنون فيها باعتبارها خيارهم الوحيد.

وتبدو المعاناة الأشد على النازحين خلال الشتاء، في محافظات مثل مأرب، وصنعاء، والمحويت، وحجة، وصعدة، وعمران، والتي تصل درجة الحرارة فيها أحياناً إلى ما دون الصفر. بحسب بيانات الطقس الصادرة عن المركز الوطني للأرصاد، والذي عادة ما يحذر من موجات صقيع على أغلب هذه المحافظات باستمرار.

شتاء هذا العام، قد يكون الأكثر قسوة على النازحين في اليمن، بسبب شح المساعدات الخارجية، خاصة بعد أن حذر مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، منتصف يونيو الماضي، من احتمالية توقف أكثر من 30 برنامجاً من البرامج التي تدعمها المنظمات الدولية في اليمن. وقد توقف بالفعل في سبتمبر الماضي 15 برنامجاً من أصل 45 برنامجاً إنسانياً رئيسياً للأمم المتحدة في اليمن، فيما قد يلقى 30 برنامجاً المصير نفسه «ما لم يتم تلقي تمويلات إضافية» بحسب بيان سابق لمنسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن ليز غراندي.

وبحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن اليمن لا تزال تعاني أسوأ أزمة إنسانية حول العالم، حيث يحتاج أكثر من 80% من السكان إلى شكل من أشكال المساعدة، ويواجه 20 مليون شخص منهم انعدام الأمن الغذائي، ويحتاج 14 مليوناً إلى تدخل إنساني عاجل.

وقدرت المفوضية السامية أن يكون عدد النازحين داخلياً في اليمن قد وصل إلى نحو 4 ملايين شخص بحلول نهاية عام 2019، يشاركهم المعاناة 276 ألف لاجئ من القرن الإفريقي، معظمهم يعيشون في أوضاع محفوفة بالمخاطر.

يقول عبدالعزيز حساني، وهو نازح في مخيم آل جابر بالخوخة جنوب الحديدة، في اتصال هاتفي مع «الرؤية» إن النازحين كانوا يلجؤون إلى إشعال النار في الخيام بهدف التدفئة، لكن تحصل كوارث في بعض الأحيان «في مرة من المرات تسببت الرياح في تشتيت النار داخل خيمة، ثم حدث حريق التهم قرابة 15 خيمة بما في داخلها».

ويرى النازح توفيق غالب، أن حال نازحي المخيمات -رغم تلك المآسي التي يعيشونها- أفضل من وضعه بكثير، فهو نازح في أحد الأودية بمنطقة الضباب غرب تعز، ولم يحصل على أي شكل من أشكال المساعدة، و توفي العام الماضي أحد أطفاله بسبب تعرضه لمضاعفات مفاجئة، ولم يستطع إسعافه لقلة ذات اليد.

ويشرح توفيق لـ«الرؤية» أنه يخطط للانتقال خلال أسبوع إلى مخيم في منطقة الحجرية بتعز؛ لإنقاذ زوجته وأبنائه (بقي لديه 3 أطفال) من موجات الصقيع والأمراض الموسمية مثل الإنفلونزا. مضيفاً: «أعتقد أن المخيم سيكون أفضل من وادي الضباب، هنا البرد أقوى وغير قادرين على التحمل».

وتزيد الأعباء على النازحين في ظل عدم القدرة على الحصول على فرص عمل، وقلة المساعدات الإنسانية، وانعدام الرواتب الحكومية، وعدم صرف مستحقات الضمان الاجتماعي، عوضاً عن تدهور قيمة الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، وارتفاع أسعار الغذاء والمواد الأساسية والكمالية بشكلٍ جنوني.