الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

بينها العمل مع روسيا.. خيارات بايدن لتخليص سوريا من قبضة إيران

بينها العمل مع روسيا.. خيارات بايدن لتخليص سوريا من قبضة إيران

بايدن وبوتين في موسكو 2011.(أرشيفية)

يشكل النفوذ الإيراني المتعاظم في سوريا خطراً على الاستقرار الإقليمي حيث تسعى طهران لبقاء طويل الأمد هناك، وهو ما ينذر بتصاعد التوترات مع إسرائيل وقد يجبر إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على التحرك هناك فور توليه منصبه.

في هذا السياق، نشرت مجلة «فورين بوليسي» تقريراً موسعاً استعرضت فيه الخيارات التي يمكن أن تقدم عليها إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب لتخليص سوريا من القبضة الإيرانية.

وذكر التقرير أن إدارة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب قد لجأت إلى الانسحاب من الاتفاق النووي، وفرض العقوبات لتوقيع أقسى درجة من الضغط على إيران، من أجل تعديل الاتفاق ليضم قيوداً على برنامجها للصواريخ الباليستية، ووقف سياساتها الرامية للهيمنة على المنطقة، لكن ترامب لم يلتفت كثيراً لقضية النفوذ الإيراني الكبير في سوريا.

هجمات إسرائيل

ولفت التقرير إلى الدور الذي تقوم به إسرائيل لمواجهة النفوذ الإيراني في سوريا، حيث لجأت إسرائيل خلال السنوات الماضية إلى شن الهجمات لاستهداف المواقع الإيرانية في سوريا، وفي خلال الشهور الماضية ركزت إسرائيل هجماتها على ما يمكن وصفه بـ«الأهداف الكبيرة» لإيران في سوريا.

وقال التقرير إنه إذا كان بايدن قد أعلن أن إدارته ستعطي أولوية لقضية الوجود والنفوذ الإيراني في سوريا، ولتحقيق ذلك فإن فريق السياسة الخارجية في إدارة بايدن عليهم أن يعملوا مع دول المنطقة ومع الدول الأوروبية.

وأوضح التقرير أن الوضع الحالي في سوريا يشير إلى أن النفوذ الأمريكي «محدود» في سوريا، لكنه يشمل ملفات لا يمكن إنكارها، مثل القوة الجوية، والوجود في المنطقة الشمالية الشرقية لسوريا، وكذلك السيطرة على حقول النفط الموجودة بتلك المنطقة، وكذلك فإن النفوذ الأمريكي يشمل أيضاً إمكانية تخفيف العقوبات على كل من إيران وسوريا، وهو الأمر الذي تحتاجه وبشدة كل من طهران ودمشق.



أهمية سوريا

واستعرض التقرير تاريخ العلاقات الإيرانية- السورية، مشيراً إلى أن سوريا كانت هي الوحيدة من بين الدول العربية التي ساندت طهران في الحرب ضد العراق، كما دعمت إيران نظام الرئيس بشار الأسد في قمع الاحتجاجات ضد نظامه والتي اندلعت في 2011.

وأوضح التقرير أنه من غير المعلوم حجم القوات الإيرانية وأتباعها في سوريا، إلا أن بعضاً منهم غادروا سوريا بعدما عزز الأسد قبضته على البلاد، مضيفاً أن بعض الوحدات والقادة الإيرانيين ظلوا حتى اليوم في سوريا لتأمين مصالح إيران ومتابعة العمليات العسكرية المستمرة.

وذكر التقرير أن إيران ترى سوريا بمثابة جزء هام من ما تسميه «محور المقاومة»، كما أنها أيضاً طريق محوري لتوصيل الأسلحة والإمدادات إلى حزب الله في لبنان، وإذا جاءت حكومة جديدة بعد نظام الأسد فإنها قد لا تكون مرحبة بالنفوذ الإيراني في سوريا، كما أنها قد تكون موالية للسنة أكثر من الشيعة، وقد تتجه لتعزيز العلاقات السورية مع الدول العربية السنية مثل السعودية، ولهذا فإن إيران ترى أن من مصلحتها وجود حكومة سورية صديقة لها، للحفاظ على النفوذ والقوة الإيرانية.

مصداقية أمريكا

وأشار التقرير إلى أن سياسات إدارة ترامب خلال سنوات حكمه ألحقت الضرر بمصداقية أمريكا في سوريا، وأدت إلى تعزيز قبضة إيران على دمشق، حيث أعلنت واشنطن انسحابات متكررة من سوريا، وتقليص وجودها العسكري، ما قلل من تنفيذ التزاماتها نحو «قوات سوريا الديمقراطية» المنشقة على نظام الأسد، والتي كانت شريكاً في الحرب على داعش في سوريا.

وأشار التقرير إلى أن إدارة بايدن المقبلة عليها التسليم بأن خياراتها محدودة في التعامل مع النفوذ الإيراني في سوريا، وبرغم ذلك فإنه يجب عليها الإقدام على بعض الخطوات العاجلة، مثل السماح لقوات سوريا الديمقراطية في أن يكون لها دور أكبر مع روسيا التي تعد وسيطاً في الأزمة السورية.

وأشار التقرير إلى أن القوة الوحيدة التي لا تساند إيران في سوريا ربما تكون هي قوات سوريا الديمقراطية، والتي تتعرض لمضايقات مستمرة على طول نهر الفرات وفي دير الزور والقامشلي من الميليشيات المدعومة من إيران، وإذا انخرطت قوات سوريا الديمقراطية في مفاوضات مع روسيا، فربما تنجح المفاوضات في إبعاد الميليشيات الإيرانية من تلك المناطق، وبذلك تستطيع الولايات المتحدة وحلفاؤها أن تعمل من أجل نشر الاستقرار بها.



قنوات الاتصال

وأضاف التقرير إلى أن الولايات الأمريكية تحتفظ بقنوات اتصال مع روسيا للتنسيق حول سوريا، ويمكن لأمريكا العمل على تعظيم المصالح مع روسيا، وتوسعة فجوة الخلافات ما بين مواقف موسكو وطهران، وكذلك العمل مع روسيا من أجل إزاحة وجود القوات الإيرانية والميليشيات الموالية لها من مناطق نهر الفرات ومن المناطق المتاخمة للحدود الإسرائيلية، وفي المقابل يمكن أن تقدم أمريكا لروسيا مناطق أقل أهمية بالنسبة لواشنطن، وأكثر أهمية بالنسبة لموسكو، مثل القاعدة الأمريكية في التنف.



ولفت التقرير أيضاً إلى إمكانية قيام الولايات المتحدة بالعمل مع تركيا، بالإضافة إلى روسيا، لتحجيم النفوذ الإيراني في سوريا، مضيفاً أنه من الممكن إقامة مناقشات ثلاثية أمريكية روسية تركية، حول الخلايا الإرهابية في منطقة إدلب، آخر معاقل المعارضة السورية والتي يتواجد بها أيضاً معقل لداعش والقاعدة، ويمكن للولايات المتحدة أن تعمل على خلع جذور وجود الجماعات الإرهابية من شمال سوريا، واستبداله بوجود أمريكي لتعزيز دور واشنطن ونفوذها كلاعب أساسي في الجهود الدبلوماسية الخاصة بسوريا.

وأوضح التقرير أنه على الولايات المتحدة العمل جنباً إلى جنب مع إسرائيل، والتأكيد على أن الدولة العبرية بمقدورها العمل بكل حرية ضد التهديدات ضدها والموجودة في المناطق المتاخمة للحدود السورية – الإسرائيلية، وبالطبع فإن لإسرائيل مصالح في أي مفاوضات مقبلة حول الوجود والنفوذ الإيراني في سوريا، ويمكن إجراء محادثات أمريكية ثنائية منفصلة مع كل من إسرائيل، وروسيا، ثم الانطلاق في حوار ثلاثي يجمعهم، لتحميل روسيا مسؤولية أي وعود يمكن لموسكو أن تقطعها، وقد تكون هذه المحادثات الثلاثية مفيدة لتبادل المعلومات الاستخباراتية حول تحركات الأسلحة الإيرانية والتهديدات المحتملة لإسرائيل.