الثلاثاء - 21 مايو 2024
الثلاثاء - 21 مايو 2024

«الشريك المخالف».. مواقف «إخوان المغرب» تحولهم إلى "عبء" على الدولة

«الشريك المخالف».. نتيجة تؤدي إليها مواقف عدة لحزب العدالة والتنمية، الذي يقود الحكومة المغربية منذ 2011، تتعارض مع ما تتبناه الجهات الرسمية داخل المغرب، وعلى رأسها المؤسسة الملكية، «خاصة فيما يتعلق بمجموعة من الملفات الحساسة»، ما جعل الحزب المحسوب على جماعة الإخوان يتحول إلى عبء على الدولة بحسب سياسيين وخبراء.

أحدث فصول هذا التعارض في المواقف، كان بخصوص قرار استئناف العلاقات المغربية - الإسرائيلية، الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، والقصر الملكي في المغرب، يوم الخميس الماضي، والذي جاء مرفوقاً باعتراف رسمي من طرف الولايات المتحدة بسيادة المملكة على كافة منطقة الصحراء المغربية.

وأفاد بلاغ الديوان الملكي المغربي، أن المغرب يدعم حل القضية الفلسطينية على أساس قيام دولتين: فلسطينية وإسرائيلية، تعيشان جنباً إلى جنب في أمن وسلام، لكن الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية خرجت ببلاغ ذكَّرت فيه «بأن الحزب يعتبر إسرائيل احتلالاً صهيونياً، ويدين الجرائم التي يقوم بها في حق الشعب الفلسطيني، والعدوان الذي يمارسه على المقدسات». وتجنب الحزب نفسه توجيه انتقاد مباشر إلى القرار الملكي، في حين أصدرت حركة التوحيد والإصلاح، الذراع الدعوي للعدالة والتنمية، بلاغاً اعتبرت فيه القرار تطوراً مؤسفاً، وخطوة مرفوضة، لا تنسجم مع «موقف الدعم الثابت والمشرف للمغرب» تجاه القضية الفلسطينية.

وأجرى الكاتب الوطني لشبيبة حزب العدالة والتنمية، محمد أمكراز، مداخلة على قناة «الميادين» اللبنانية المؤيدة لجماعة حزب الله، قال فيها «إن الشبيبة تعتبر أن القضية الفلسطينية قضية ظلم واغتصاب لحقوق أصحاب تلك الأرض»، مؤكداً «أن موقف الشبيبة يتبناه جميع المغاربة».

تصريحات أمكراز دفعت به إلى مرمى انتقادات مجموعة من المغاربة، الذين عبروا على مواقع التواصل الاجتماعي، عن رفضهم لتحدث الشبيبة باسمهم، وادعائها أنها تمثلهم. كما وجهت لأمكراز، الذي يشغل منصب وزير الشغل والإدماج المهني، انتقادات بسبب ظهوره على قناة الميادين، «الممولة من إيران»، التي قطع المغرب علاقاته معها رسمياً في مايو 2018، بسبب دعمها لجبهة البوليساريو، المطالبة بانفصال الصحراء المغربية.

محطات تعارض سابقة

وبحسب المحلل السياسي المغربي، يونس دافقير، فإن هذه «ليست المرة الأولى التي يتبنى فيها حزب العدالة والتنمية موقفاً يتعارض مع مصالح الدولة المغربية».

وأوضح دافقير، في حديث لـ«الرؤية» أنه في حين دعت الحكومة المغربية إلى تعديل بنود اتفاق التبادل الحر المغربي - التركي، بسبب الأضرار التي يلحقها بالاقتصاد المغربي، عبر النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، إدريس الأزمي، عن موقف معارض، معتبراً أن «تلك المراجعة إذا تمت ستكون بمثابة خدمة ستقدم إلى فرنسا».

وتستغل أنقرة هذه الاتفاقية التي دخلت إلى حيز التنفيذ سنة 2006 «لإغراق» السوق المغربية بالمنتجات التركية بشكل ألحق ضرراً كبيراً بالإنتاج المحلي والوظائف.

وبحسب الحكومة المغربية، فإن الاتفاقية، تكبد الاقتصاد المغربي، خسارة تقدر بمليارَي دولار سنوياً.

وصادق مجلس الحكومة في الرباط، أكتوبر الماضي، على تعديل اتفاقية التبادل الحر، وذلك بعد شهرين من التوصل إلى اتفاق مبدئي مع الجانب التركي.

وأضاف دافقير «إن الأمثلة كثيرة في هذا الجانب المتعلق بتبني حزب العدالة والتنمية لمواقف لا تخدم مصالح المغرب»، مردفاً: «إن التوتر الذي يطبع علاقة المغرب ببعض الأنظمة الحاكمة في العالم العربي، سببه فقط وجود حزب العدالة والتنمية على رأس الحكومة المغربية».

عبء على الدولة..

وقال دافقير لـ«الرؤية»: إنه «يجب على قياديي حزب العدالة والتنمية ألا يكونوا ضد مصالح المغرب، خصوصاً أن حصيلتهم على مستوى الإنجازات هزيلة جداً، الأمر الذي اضطر المؤسسة الملكية المغربية إلى التدخل بكل ثقلها منذ سنة 2017، لإطلاق مشاريع في مجال التعليم، وتمويل مشاريع الشباب، وغيرها من القطاعات الأخرى، لإصلاح الوضع».

ولاء الخلافة

وأكد أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة ابن طفيل في القنيطرة (غرب المغرب)، رشيد لزرق، أن «ولاء قوى الإسلام السياسي، بما فيها العدالة والتنمية في المغرب، لا يكون للأوطان، وإنما لمشروعهم المتمثل في إقامة دولة الخلافة»، معتبراً «أن الحزب المذكور أصبح يشكل عبئاً على التدبير الحكومي، وتحول إلى عنصر تشويش على العلاقات الخارجية للمغرب».

وأضاف لزرق، في حديث لـ«الرؤية»: إن حزب العدالة والتنمية المغربي «يتبنى توجهاً براغماتياً، ويعمل على خلط الأوراق»، موضحاً: «نجد أن سعد الدين العثماني، قد خرج ليرحب بقرار ترامب، لكن بصفته رئيساً للحكومة، وليس بصفته أميناً عاماً لحزب العدالة والتنمية، في حين ظهر محمد أمكراز على قناة الميادين، وندد بالقرار، لكن بصفته كاتباً وطنياً لشبيبة العدالة والتنمية، وليس بصفته وزيراً للشغل والإدماج المهني، وهو رد الفعل نفسه الذي صدر عن حركة التوحيد والإصلاح، التي تُمثل الذراع الدعوية للحزب المذكور».



وقال لزرق: إن حزب العدالة والتنمية يبني مواقفه «استناداً إلى الوضع القائم، فهو الآن، ينكر تبعيته لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، لأنها ضعيفة في الفترة الحالية، لكنها لو كانت قوية، وتحكم في مجموعة من الدول العربية، لخرج الحزب ليعلن أنه جزء منها»، داعياً قيادات حزب العدالة والتنمية، إلى «الاستقالة من الحكومة، إذا كانوا فعلاً يعارضون قرار استئناف العلاقات المغربية - الإسرائيلية».

وفسر لزرق استمرار تصدر حزب العدالة والتنمية لنتائج الانتخابات المغربية منذ 2011، بضعف إقبال المغاربة على التصويت، مبيناً «أن لذلك الحزب كتلة ناخبة ثابتة لا تتغير، تصوت له على أساس ديني، سواء حقق إنجازات خلال الولاية السابقة أو لم يحقق».

وبحسب وزارة الداخلية في المغرب، فإن نسبة المشاركة في آخر انتخابات تشريعية أجريت في المملكة بتاريخ 7 أكتوبر 2016، قد بلغت 43%، إذ صوت نحو 6 ملايين و752 ألفاً و114 ناخباً، من أصل نحو 15 مليوناً و700 ألف مسجلين في اللوائح الانتخابية، في حين كانت النسبة 45% في انتخابات 25 نوفمبر 2011، التي تصدر العدالة والتنمية نتائجها لأول مرة في تاريخ الانتخابات التشريعية في المغرب.

وخلافاً لما يعتقده دافقير ولزرق، اعتبر المحلل السياسي المغربي، عبدالرحيم العلام، أنه ليس من الضروري تبني جميع المغاربة لموقف مؤيد بخصوص استئناف العلاقات المغربية - الإسرائيلية، لأنه من الممكن، «أن ترغب الدولة المغربية في قطع تلك العلاقات مستقبلاً، وحينها ستحتاج إلى مبرر تبني عليه قرارها، والذي يمكن أن يتمثل في فئة من الشعب تعبر عن رفضها لاستمرار تلك العلاقات، وتتظاهر من أجل قطعها».