الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

في الذكرى الثانية للثورة السودانية.. موكب واحد و«أجندات» مختلفة

في الذكرى الثانية للثورة السودانية.. موكب واحد و«أجندات» مختلفة

تعتزم «لجان المقاومة السودانية» وبعض القوى الشبابية والحزبية، تنظيم مسيرة مليونية غداً السبت؛ بمناسبة الذكرى الثانية لثورة 19 ديسمبر، التي أطاحت بنظام الجبهة الإسلامية (إخوان السودان)، ودعم المكون المدني في السلطة بعدما شهد بعض التفكك على مدى العامين المنصرمين وسط مخاوف من اختطاف المسيرة من جماعات مصالح بحسب مراقبين وخبراء تحدثوا لـ«الرؤية».

وبعد أشهر من الاحتجاجات أطاح الجيش السوداني بالرئيس عمر البشير ونظام الجبهة الإسلامية التي جثمت على صدر الشعب زهاء 30 عاماً، وفي أغسطس 2019، توصل «تحالف الحرية والتغيير» الذي قاد الاحتجاجات، والمجلس العسكري الذي تولى السلطة آنذاك، إلى اتفاق تاريخي حول مرحلة انتقالية تستمر 3 أعوام، نصّ على تشكيل مجلس سيادة وحكومة من عسكريين ومدنيين.

وأعلنت لجان المقاومة السودانية التي ساهمت في نجاح الثورة تنظيم مليونية تحمل اسم «تصحيح مسار الثورة» لتسريع وتيرة تحقيق شعاراتها في السلام والعدالة والحرية.

ويتخوف مراقبون ومحللون سياسيون من أن «يسطو المعارضون للثورة والحكومة المدنية على المسيرة، وأن تجذب عناصر من النظام السابق، وأصحاب أجندة خفية، يعملون لإضعاف الثورة والحكومة الانتقالية في البلاد».

مخاوف مشروعة

وقال مراقبون لـ«الرؤية» إن هناك تخوفاً من أن يصبح يوم 19 ديسمبر «مسرحاً لعروض مختلفة تحمل دعوات متباينة، تبدأ من تصحيح مسار الثورة، وتنتهي بإجهاض الثورة، مروراً بتغيير الحكومة، أو الوثيقة الدستورية التي وضعها ممثلو المجلس العسكري وتحالف قوى الحرية والتغيير، الفصيل الذي قاد التظاهرات».

ووقع الفريق أول محمد حمدان دقلو نائب رئيس المجلس العسكري، وممثل ائتلاف قوى إعلان الحرية والتغيير المعارض أحمد الربيع، في أغسطس عام 2019، وثيقة دستورية تنص على تقاسم السلطة بين المجلس العسكري الحاكم والمعارضة المدنية. وتلغي العمل بدستور السودان الانتقالي لعام 2005 ودساتير الولايات. و تنص على أن جميع الجرائم التي تنطوي على إساءة استخدام السلطة، والتي ارتكبت منذ 30 يونيو 1989 لا تسقط بالتقادم.

وتأتي المسيرة في ظل ظروف معيشية صعبة، وأزمات اقتصادية مستفحلة، فشلت الحكومة الانتقالية في إيجاد حل لها. «ويُحمِّل الثوار المكون العسكري مسؤولية الإخفاق، بجانب ضعف أداء المكون المدني».

وقال منسق لجان السوق العربي «وسط الخرطوم» د. بخيت علي بخيت، لـ«الرؤية» إن الثورة بدأت بحراك شبابي بغايات وأهداف واضحة، بُذلت من أجلها الدماء، «ثم أتت الحكومة الانتقالية بالمكون المدني والعسكري، ولكنها لم تلبِّ طموحات الثوار، ولا تشبه الثورة التي شارك فيها الملايين من الشعب السوداني، فالحكومة لم تأتِ بالقصاص لشهيد واحد، ولم تحقق الشعارات المرفوعة».



وأوضح أن من أهداف المسيرة «إسقاط المكون العسكري، وتشكيل المجلس التشريعي الذي يمثل الثورة، ودعم المكون المدني، ودعوة الحركات المسلحة التي لم توقع على اتفاق جوبا للحاق بركب السلام، وإعادة هيكلة المؤسسات العسكرية «جيش ـ شرطة ـ أمن» والشركات التي تتبع لها. ومحاكمة الفاسدين، وتسليم عمر البشير والمطلوبين معه للمحكمة الجنائية. وأن تكون ولاية المال العام لوزارة المالية».

لجان المقاومة

و ذكر عضو لجنة المقاومة في جنوب الخرطوم، أحمد صالح كرور، أن «هناك أيادي تريد العبث بلجان المقاومة بعد نجاحها في الإطاحة بنظام الإخوان، وتحويلها إلى لجان خدمية، مثل اللجان الشعبية التي كونها النظام السابق».

وأضاف كرور لـ«الرؤية» أن بعض الأحزاب السياسية «سعت لاستقطاب لجان المقاومة، وهو أمر مرفوض للجان.. خروجنا في ذكرى ثورة ديسمبر يأتي لتجديد العهد للشهداء والمصابين، وتأكيد ضرورة تحقيق شعار حرية سلام وعدالة، الذي رفعه الثوار، مهما كان الثمن».

وأكد كرور على أن «إزاحة المكون العسكري من الحكم هو السبيل لتحقيق أهداف الثورة، التي سعى كثيرون لسرقتها، وهذا هو سبب التباطؤ والتواطؤ في تنفيذ مطلوبات الثورة من حكم مدني كامل، وسلام عادل يشمل كل السودان، وديمقراطية واجبة».

و أبدى عضو لجنة المقاومة بالولاية الشمالية، إبراهيم سراج، غضبه من المكون العسكري ومن تحالف الحرية والتغيير، قائلاً إن «الثورة لم تحقق غاياتها بسبب تغول المكون العسكري على صلاحيات المكون المدني».

وشن سراج هجوماً عنيفاً على الحرية والتغيير التي اتهمها «بالسير على النمط القديم للأحزاب، وإبعاد الخصوم عن دوائر اتخاذ القرار»، مؤكداً لـ«الرؤية» على جاهزية اللجان لمسيرة 19 ديسمبر «مليونية تصحيح الأوضاع وإزالة التشوهات».

تباين في المطالب

قال الكاتب والمحلل السياسي، الهادي محمد الأمين، إن «الموكب واحد، عكْس الأجندة التي يحملها كل فريق». ويرى الأمين أن أهداف الثوار المعلنة هي تجديد ذكرى الثورة واستلهام معانيها، والمطالبة بتحقيق أهدافها. «غير أن المعارضين للحكومة الانتقالية يتخذونها مناسبة للخروج على الحكومة والعمل على إسقاطها، ودعوة الجيش لاستلام السلطة، أو حل الحكومة وتكوين حكومة أخرى. رافعين شعار «تسقط تالت».

و أضاف الأمين لـ«الرؤية» أن «اختلاف الأجندة يعني احتمالية الصدام والمواجهة، ووقوع ضحايا».

مساندة وتخوف

وذكر رئيس حركة تحرير كوش «إحدى الحركات الانفصالية التي تنشط في شمال السودان»، محمد داوود بنداك، أنهم مع أي مسيرة يقودها الشباب دون أجندة حزبية، مضيفاً أن «الثورة تحتاج إلى تصحيح مسارها بتكملة السلام، وتحقيق العدالة، ومحاكمة الذين أجرموا في حق الوطن». ويخشى من أن «ترتفع أجندة حزبية، أو أن يتم استغلالها من طرف فلول النظام السابق».



وقال بنداك لـ«الرؤية» إن «الحرية والتغيير أصبح ضعيفاً بعد خروج أحزاب كبيرة ومجموعات صغيرة من المكون المدني للبلاد، عكس المكون العسكري، فهو موحد ومتماسك».

وأضاف أن الحاضنة السياسية المدنية «بدأت تتحلل بعد نشوب خلافات بين أعضائها، ولم يعد بمقدورها التماسك لتحقيق مطالب الثورة، وهو ما استفاد منه الشق العسكري». مطالباً بتوحيد قوى الثورة، وتكوين المجلس التشريعي في أقرب فرصة لاستكمال هياكل الدولة.