الثلاثاء - 21 مايو 2024
الثلاثاء - 21 مايو 2024

بعد قرار اليونسكو.. الكسكس يحيي آمال المغاربيين في تجاوز خلافات السياسة

أعاد تسجيل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو»، يوم الأربعاء، لطبق الكسكس في قائمتها للتراث العالمي غير المادي، باعتباره طبقاً مغاربياً مشتركاً، النقاش حول حلم «اتحاد المغرب العربي» المجهض، وإمكانية تفعيله من جديد، بعدما تجمد وأصبح مجرد إدارات متفرقة في البلدان المغاربية، منذ آخر قمة لقادتها في سنة 1994 بتونس، بسبب خلافات سياسية بين الدول الأعضاء، على رأسها مشكل الصحراء المغربية بين المغرب والجزائر.

واتخذت اليونسكو القرار بعد طلب مشترك من تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا.

تم الإعلان عن تأسيس اتحاد المغرب العربي في مدينة مراكش (جنوب المغرب) بتاريخ 17 فبراير 1989، من طرف المغرب، والجزائر، وتونس، وليبيا، وموريتانيا.

وأُعلِن عن ذلك من قبل حكام تلك الدول وقتها، وهم الملك المغربي، الحسن الثاني، والرئيس التونسي، زين العابدين بن علي، والرئيس الجزائري، الشاذلي بن جديد، والزعيم الليبي، معمر القذافي، والرئيس الموريتاني، معاوية ولد سيدي أحمد الطايع.

عراقيل إعادة التفعيل

قال المحلل السياسي المغربي، علي سدجاري، «إن أبرز الأسباب التي تمنع إحياء اتحاد المغرب العربي، يتجلى في الصراع المغربي الجزائري بسبب جبهة البوليساريو، التي تطالب بانفصال الصحراء المغربية، إلى جانب أسباب أخرى، من بينها غياب القناعة والإيمان بثقافة التحالف».

واعتبر سدجاري، في حديث مع «الرؤية»، «أن وضع الحرب الذي تعيشه ليبيا اليوم، يعد كذلك من بين الأسباب التي لن تسمح بإعادة تفعيل الاتحاد». وأضاف «أنه إذا تم تفعيل هذا الأخير مستقبلاً، فقد يتم استبعاد ليبيا، لأن الحروب لا تتوقف بعد أن تندلع في الدول العربية» على حد قوله.

وفي هذا السياق، اعتبر المحلل السياسي المغربي، محمد بودن، في تصريح لـ«الرؤية» أن الجزائر «استبقت المسار الأممي لتسوية قضية الصحراء المغربية، الذي ترعاه منظمة الأمم المتحدة، وأعلنت البوليساريو جمهورية فوق أرضها في تندوف (الجنوب الغربي للجزائر)».

وتطالب جبهة «البوليساريو»، مسنودة من قبل الجزائر، بانفصال الصحراء المغربية، في حين يؤكد المغرب أنها جزء من أراضيه منذ القدم، حتى قبل أن تستعمرها إسبانيا ما بين سنتي 1884 و1975.

ومن جانبه، قال الخبير المغربي في القانون الدولي والهجرة ونزاع الصحراء، صبري لحو، في حديثه لـ«الرؤية» إنه «إلى جانب النزاع حول الصحراء المغربية، ومشكل تفكك ليبيا بسبب الحرب الدائرة فيها، فإن الأسباب التي تقف حالياً في وجه حلم الوحدة المغاربي، راجعة أيضاً إلى حب الريادة؛ فكل دولة من الدول المغاربية الخمس، لا تقبل أن تحظى الدولة الأخرى بالريادة أو القيادة».

كما استبعد صبري لحو إمكانية تفعيل اتحاد المغرب العربي في المدى القريب أو المتوسط، معتبراً أنه «ما لم تحدث انتكاسة وأزمة حقيقية في تلك الدول، في المجال الاقتصادي أو غيره، تجبرهم على الاتحاد، فإنهم لن يفعلوا ذلك».

مكاسب الاتحاد

وبخصوص المكاسب التي ستحققها بلدان المغرب العربي إذا تم إحياء الاتحاد المذكور، أوضح صبري لحو «أنها ستصبح قوة تفاوضية سياسية، وقوة عسكرية وبشرية، وستتخلص من التبعية للبلدان الأجنبية، من خلال خلق تكامل في المجال الاقتصادي، لأن كل دولة من تلك الدول الخمس لديها فائض في إنتاجات معينة، تكون الدولة الأخرى في حاجة إليه».

وتتوفر بلدان المغرب العربي على موارد طبيعية هائلة؛ فالمغرب يحظى بأكبر احتياطي للفوسفات في العالم، والجزائر لها ثاني أكبر احتياطي للغاز في إفريقيا، في حين تتصدر ليبيا البلدان الإفريقية على مستوى احتياطي النفط، وموريتانيا هي أكبر منتج للحديد الخام في العالم العربي.

وإذا كانت 4 دول من المغرب العربي اتفقت على ملف ثقافي لإدراج الكسكس ضمن التراث العالمي، يأمل مواطنو هذه الدول في مزيد من الاتفاقات بما يخفف معاناتهم.

وقال محمد بودن عن الجانب الإنساني المتعلق بالأسر المغربية-الجزائرية، التي يعيش بعض أفرادها في المغرب والبعض الآخر في الجزائر، إن هناك من لم يلتق أخاه أو ابن عمه لمدة سنوات، بسبب إغلاق الحدود البرية بين البلدين"، علما أن رحلات الطيران متاحة بين الدولتين، لكن بعض المغاربة والجزائريين من تلك الأسر لا يقدرون على تحمل تكاليفها.

وقررت الجزائر عام 1994 إغلاق حدودها البرية مع المغرب، بعد اتهام المخابرات الجزائرية بالوقوف وراء تفجير فندق أطلس أسني في مراكش في السنة نفسها، وفرضت الرباط تأشيرة دخول على الجزائريين.