الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

«طوابير الخبز».. أطفال سوريا يتركون المدارس للحصول على أرغفة «المعاناة»

«طوابير الخبز».. أطفال سوريا يتركون المدارس للحصول على أرغفة «المعاناة»

الحرب تسببت في أزمات كثيرة للشعب السوري. (أرشيفية)

باتت طوابير الخبز علامة بارزة لمعاناة الأسر في سوريا، حيث تضطر لإرسال أبنائها للوقوف ساعات في طوابير للحصول على أرغفة من الخبز لا تكفي احتياجات كل أفرادها، ثم تضطر إلى شراء الخبز غير المدعوم بأسعار مرتفعة.

وسلطت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية الضوء على حجم المعاناة التي تتكبدها الأسر السورية للحصول على احتياجاتها من الخبز بشكل يومي في تقرير نشرته اليوم الأحد، معتبرة أن الأزمة الاقتصادية المستمرة بسبب الحرب تطحن الأسر الفقيرة.



معاناة الطوابير

وروى التقرير معاناة إحدى الأسر، حيث يخرج أبومحمد (عامل مصنع وأب لخمسة أطفال، وأحد الواقفين في طوابير الخبز والذي رفض الإفصاح عن اسمه بالكامل خوفاً من الأجهزة الأمنية)، ومعه نجلاه كل يوم لصلاة الفجر، ثم التبديل في ما بينهم في الوقوف في طوابير الخبز الطويلة، والتي تستغرق منهم 3 ساعات على أقل تقدير، للحصول على بضعة أرغفة من الخبز، وأحياناً لا يتمكن نجلاه من اللحاق بالحصص الأولى من المدرسة بسبب التأخير في طوابير الخبز، وفي بعض الأحيان لا يتمكنان أصلاً من اللحاق بالمدرسة بسبب التأخير الكبير.

ونقلت الصحيفة عن "أبومحمد" قوله «في بعض الأيام استغرق طابور الخبز 7 ساعات، وفي اليوم التالي استغرق 8 ساعات، وفي اليوم التالي 6 ساعات، ذلك التأخير أضرني جداً في عملي، الذي أقتات منه وأنفق على أسرتي».

أرغفة قليلة

وأوضح التقرير أن أزمة الخبز في سوريا تعد أوضح مظهر على المشكلات الاقتصادية في البلاد، خاصة مع خفض عدد الأرغفة المدعمة المخصصة لكل أسرة إلى النصف تقريباً، وتضاعفت أسعار الخبز المدعم منذ أكتوبر الماضي، رغم الوعود الرسمية في الربيع الماضي بعدم المساس بأسعار الخبز، وأنها تعد «خطاً أحمر» لا يمكن تجاوزه.

وأضاف أبومحمد قائلاً: "أحتاج يومياً ما بين 3- 4 أكياس من الخبز، كل منها بداخله 7 أرغفة تقريباً، أحصل على كيسين من خلال طابور الخبز في المخابز الحكومية، وأشتري الباقي من المخابز غير المدعمة، ذات الجودة الأحسن مقارنة بالخبز الحكومي المدعوم، ولكن بأسعار تفوق أسعار الخبز المدعم بنحو 10 أضعاف".

وأوضح التقرير أن أسعار الخبز في سوريا قد تضاعفت، بينما تراجعت جودة رغيف الخبز، وفي الوقت نفسه يتزايد اكتظاظ الطوابير، ما يزيد من سخط السوريين، وزاد ذلك السخط أيضاً مع كشف صحيفة حزب البعث الحاكم في سوريا عن اختفاء 500 طن من القمح أثناء تفريغها من سفينة في وقت سابق خلال شهر ديسمبر الجاري.

الأزمة الاقتصادية

ولفت التقرير إلى أن سوريا اعتادت خلال السنوات الثلاث الأخيرة استيراد أكثر من 1.1 مليون طن من القمح لتلبية احتياجاتها من الخبز، وعادة يتم الاستيراد من روسيا الحليف التقليدي لسوريا، إلَّا أن موسكو خفضت كميات القمح التي تصدرها بعد جائحة كورونا لتوفير احتياجاتها المحلية، وذكر مسؤول سوري أن الشركات الروسية انسحبت من توريد 6 صفقات قمح إلى سوريا خلال الشهر الجاري ما أدى إلى انخفاض الواردات السورية إلى النصف.

ولفت التقرير إلى الأزمة الاقتصادية الكبيرة في سوريا بسبب الحرب، إضافة إلى العقوبات الأمريكية، والانهيار المالي في لبنان، كل ذلك أدى إلى انخفاض كبير لقيمة العملة السورية (الليرة)، وهو ما أدى لتراجع واردات سوريا من القمح، بخلاف التراجع في إنتاج وتسويق المحاصيل، حيث كانت سوريا من أكبر الدول في إنتاج القمح، وهو ما كان يحقق لها الاكتفاء الذاتي من احتياجاتها منه، ولكن الحرب أدت إلى تقويض ذلك.

قمح سوريا

وأوضح التقرير أن المحافظات الأكثر إنتاجاً للقمح في سوريا هي الرقة والحسكة وحلب، عانت بشدة بسبب الحرب التي دمرت المزارع والمعدات الزراعية، وأصبحت طرق النقل غير آمنة، وتزايدت كلفة الإنتاج على نحو كبير.

وأشار التقرير إلى أن العام الماضي شهد تحسناً طفيفاً، تمثل في زيادة إنتاج القمح، بسبب الأمطار والتحسن النسبي للأوضاع الأمنية ليصل الإنتاج إلى 2.2 مليون طن وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، لكن ذلك لا يلبي إلا نصف احتياجات سوريا من القمح.

وأشار التقرير إلى أن الحكومة السورية تلقي باللوم على الولايات المتحدة في أزمة الخبز، وتقول دمشق إن السبب يرجع في جزء منه إلى العقوبات الأمريكية التي قلصت من واردات سوريا من قطع غيار المعدات الزراعية والمبيدات، كما قللت من المعاملات المالية والتحويلات، ما أدى لتراجع الليرة السورية، وزاد من حدة الأزمة الاقتصادية.