الاحد - 28 أبريل 2024
الاحد - 28 أبريل 2024

على عتبات عام جديد.. العالم إلى أين؟ (2 من 3): الشرق الأوسط والخليج العربي.. مآلات وتحديات مستقبلية

على عتبات عام جديد.. العالم إلى أين؟ (2 من 3): الشرق الأوسط والخليج العربي.. مآلات وتحديات مستقبلية

توقيع معاهدة السلام الإماراتية الإسرائيلية في البيت الأبيض - أ ف ب.

كيف يمكن النظر إلى الشرق الأوسط والخليج العربي على عتبات 2021؟

المؤكد أن العام الفائت قد رحل بعد أن ترك الجسد العربي مثخناً بالجراح، وغالبها موروث من الأعوام التي سبقته، ومرد معظمها، إذا استثنينا القضية الفلسطينية، يعود إلى العقد الأخير من القرن العشرين، والذي عرف ظاهرة «الربيع العربي المغشوش».

على أن الحدث المركزي الذي فتح الأبواب واسعة في 2020 لطريق مغاير في المنطقة، تمثل في معاهدة السلام بين دولة الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل، والذي تبعته مبادرات مشابهة من مملكة البحرين، ثم السودان وصولاً إلى المغرب.

والشاهد أن الحدث مهم للغاية، ويحمل للمنطقة آمالاً وطموحات إيجابية، من أجل عيش أكثر أمناً وأماناً، ومن غير تهديدات وحروب وموت، ثم التفرغ لقضايا التنمية المستمرة والمستقرة، وتحسين حياة البشر.

في العام المنصرم، جاءت معاهدة السلام الإماراتية – الإسرائيلية، لتستنقذ قضية العرب المركزية، القضية الفلسطينية، من براثن بل أنياب الضياع، فقد كاد المشروع الأخير الذي عمل عليه طويلاً الجانب الإسرائيلي، والخاص بضم أراضٍ من الضفة وغزة، أن يطيح بما تبقى من أمل في قيام دولة فلسطينية مستقلة، وقد أعادت المعاهدة وضع القضية بعدالتها أمام أنظار العالم، وهي التي تعرضت خلال السنوات الأربع المنصرمة لهزات عميقة وطعنات قاسية من جانب إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خاصة بعد أن أقدم على قرار نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.

في 2021 حكماً ستمضي الإمارات في مشروعاتها للتنمية التي تشمل البشر والحجر، وستنطلق من جديد في آفاق النمو، وستتجاوز عارض أزمة كورونا، وهي تنتظر الاحتفال بمرور 5 عقود على إعلان اتحادها، وستتعاظم جهودها السلمية في الشرق الأوسط والخليج العربي، وتمتد هذه الجهود الإنسانية الخيرة والمغيرة إلى إفريقيا، والكثير من بقاع وأصقاع العالم، وقد وصلت طائرات الإغاثة الإماراتية خلال الأشهر الماضية إلى عمق غابات الأمازون في أمريكا اللاتينية، في دعم إنساني لقبائل بدائية أصابها الفيروس الشائه كوفيد-19.

يتساءل المرء: كيف سيكون حظ القضية الفلسطينية في العام الجديد؟

من المؤكد أن هناك «عمدة جديداً في المدينة»، وهو تعبير أمريكي يطلق على كل رئيس جديد للولايات المتحدة الأمريكية، ومن الواضح أن الرئيس الجديد جو بايدن له نظرة مختلفة عن سابقه ترامب، فيما خص الإشكال الذي طال بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والرجل لا يميل إلى الذهنية الأحادية، أو القرارات الفوقية التي ظهرت خلال حكم سلفه، بل يميل أكثر بنوع أو بآخر إلى إحداث توازنات تعطي الفلسطينيين بعضاً من الحق التاريخي لهم، وإن بقي الرجل على ولائه التقليدي لإسرائيل، الأمر الذي تميز به الديمقراطيون منذ زمن بعيد.

الخطر الإيراني

ولعل الخليج العربي بنوع خاص ينتظر في 2021 أحداثاً مهمة، وفي القلب منها توجه الإدارة الأمريكية الجديدة لجهة إيران، وهل ستعود واشنطن مرة أخرى إلى الاتفاق سيئ السمعة الذي أبرمه الرئيس السابق باراك أوباما مع الإيرانيين، أم إن الخرق الإيراني اتسع على الراتق الأمريكي، ذلك أن الخلاف لم يعد يدور حول البرنامج النووي الإيراني فحسب، بل تجاوزه إلى ما هو أبعد بكثير، متمثلاً في البرنامج الصاروخي الذي بات يهدد البر الأوروبي أولاً، وعما قليل الأمريكي، وفي الأثناء يرسل الملالي صواريخهم الباليستية إلى الفضاء الخارجي للكرة الأرضية، حاملة أقماراً صناعية، وفي الغد قد تحمل الصواريخ عينها رؤوساً نووية.

أما عن الإقليم، فتظل إيران حجر عثرة، ولا يحتاج المرء إلى تخيل امتلاكها أسلحة دمار شامل، لكي تمضي في نشر الذعر في المنطقة، ذلك أن ما لديها من أسلحة تقليدية يكفي ويزيد، وقد رأى العالم بأم عينيه كيف فعلت صواريخها بعيدة المدى، وطائراتها من غير طيار في معامل شركة أرامكو السعودية من قبل.

الحديث عن إيران في العام الجديد يجلب معه بلا شك نظرة إلى اليمن، هذا الذي كان يوماً سعيداً، واليوم يغني حاله عن سؤاله، وعلامة الاستفهام المثيرة للحيرة والقلق معاً: "إلى متى يبقى اليمن دالة لإيران، وحتى متى أيضاً يبقى التماهي الأممي مع جماعة الحوثي، مع العلم أن التحالف العربي بقيادة الإمارات والسعودية كان كفيلاً بإنهاء الكثير من المواقع والمواضع الساخنة، مثل ميناء الحديدة، ولو كان الحوثي قد خسره قبل نحو عامين، لكان المشهد اليمني قد تغير دفعة وإلى الأبد.

أوضاع العراق وسوريا

يدخل العالم العربي 2021 والعراق ما يزال يعاني بدوره من إشكالية الدوران في فلك طهران، طوعاً أو قسراً، بل أكثر من ذلك نقول إن المشهد العراقي، وعلى الرغم من توافر إرادات عراقية حقيقية لاستنقاذه، والجهود الواضحة التي يبذلها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، ما يزال محملاً بأعباء لا طاقة له بها، وقد يخشى المرء عما قريب أن يدفع أكلافاً ويطالب بالتكفير عن ذنوب لم يرتكبها، خاصة إذا تعرض الوجود العسكري الأمريكي هناك إلى اعتداءات من قبل الميليشيات الشيعية، سواء حدث ذلك في الذكرى السنوية لاغتيال قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، أو بعدها، وفي كل الأحوال يبدو العراق اليوم كناقل رسائل ما بين طهران وواشنطن والعكس، فيما العراقيون هم الضحية.

والثابت أنه إذا انتقلنا من العراق إلى سوريا فإننا سنجد المشهد ليس أكثر نجاعة، فما تزال سوريا ملعباً أممياً لقوى غربية وشرقية، ويكفي الإشارة إلى أن بعض الأراضي السورية التي قامت عليها قواعد روسية أو احتلتها قوات تركية أضحت ممنوعة الدخول على السوريين أنفسهم.

ولعل أزمة سوريا تتفاقم يوماً تلو الآخر طالما بقي السوريون أنفسهم متصارعين وسائرين على غير هدى، وفيما هم يسنّون السيوف ويهيئون الرماح، بعضهم لبعض، يتوضأ أعداؤهم بالدم للإجهاز عليهم، ما يعيد مأساة ملوك الطوائف في الأندلس قبل مئات السنين.

هل يتوقف المشهد العربي – الشرق أوسطي عند هذا الحد؟

حكماً هناك بقية عن شمال إفريقيا حيث مصر وليبيا، السودان والمغرب والجزائر وعموم ساحل المتوسط.

إلى الحلقة القادمة بإذن الله.