الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

رفض الشباب لأسلوب "السمع والطاعة" يدخل إخوان المغرب في أزمة

خروج الشباب على قيادات «السمع والطاعة» في حزب العدالة والتنمية المغربي أصبح أحد أبرز أسباب الأزمة الداخلية في الحزب المحسوب على جماعة الإخوان والذي يقود الحكومة، بحسب محللين وقياديين في الحزب تحدثوا لـ«الرؤية»، رغم نفي رئيس الحكومة الدين العثماني تعرض الحزب لأزمات.

وقال العثماني الأمين العام للحزب، في أحدث لقاء تواصلي مع مسؤولي حزبه في جهة سوس ماسة جنوب المغرب «إن حزبه حزب حي، ويدافع عن حرية الرأي»، ولا يعاني أزمة داخلية.

لكن وجوهاً بارزة وأعضاءً في الحزب استقالوا، خلال الفترة الأخيرة، لأسباب تنوعت بين «عدم تقبل الحزب للنقد، وعدم وفائه بوعوده الانتخابية، وانقلابه على مبادئه، وتدخله في الحياة الشخصية لأعضائه»، بحسب ما عبر عنه مستقيلون في تصريحات إعلامية.

وكانت العضوة في الحزب، يسرى الميموني، أحدث الوجوه البارزة المستقيلة من العدالة والتنمية، إذ قدمت استقالتها من الحزب يوم 29 ديسمبر المنصرم، بحسب ما صرحت به لـ«الرؤية».

وقالت الميموني «استقلت لأن الحزب لا يتقبل النقد، ولأن قياداته تنتقدني بسبب شكلي، ولباسي، والحياة المتحررة التي أعيشها، لأنني لا أعتبر أن الدين عزلة عن الحياة، وهي الأمور التي لم تتقبلها قيادات الحزب».

حقيقة "الأزمة الداخلية"

وفي الوقت الذي نفى فيه العثماني معاناة حزبه من «أزمة داخلية» في الفترة الحالية، كان لبعض أعضائه وقياداته رأي آخر، من بينهم عضوة المجلس الوطني للحزب، والنائبة البرلمانية أمينة ماء العينين، التي قالت إن «حزبها دخل في مرحلة أزمة، على المستويين النظري والفكري».

وأضافت ماء العينين في حديث لـ«الرؤية» أن «حزب العدالة والتنمية يعيش أزمة، لكنها ليست ذات طابع سياسي، بل أزمة فكرية، لأنه لم يراجع الرؤية التي تؤطره منذ فترة طويلة، وورقته المذهبية تعود إلى تسعينيات القرن الماضي، كما أن آخر أطروحة خاصة به وضعها سنة 2008، عندما كان لا يزال في صفوف المعارضة».

وقالت ماء العينين، التي تُعتبَر من أبرز وجوه حزب العدالة والتنمية المغربي، إن «عدم مراجعة الحزب لرؤيته المؤطرة منذ سنوات، أنتج إشكالات بين أعضائه بخصوص مجموعة من القضايا، من بينها اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل».

وتحدثت تقارير إعلامية عن «أن العثماني هدد بالاستقالة من الأمانة العامة للحزب، إذا تعرض للضغط من قِبل أعضائها»، بعدما وقع على الإعلان المشترك بين المغرب، والولايات المتحدة، وإسرائيل، في 22 ديسمبر المنصرم، خلال زيارة الوفدين الأمريكي والإسرائيلي للمغرب، حيث تم إبرام مجموعة من اتفاقيات التعاون بين البلدان الثلاثة.

لكن العثماني نفى ذلك في اللقاء التواصلي المذكور، مساء أمس الأربعاء.

ومن جانبه، أفاد أستاذ القانون في جامعة محمد الخامس بالرباط، عبد الحفيظ أدمينو، في حديث مع «الرؤية»، بأن «تذمر بعض أعضاء حزب العدالة والتنمية من أوضاعه الداخلية وانتقادهم لها، وتقديم آخرين استقالاتهم من الحزب، راجع إلى الاختلاف في وجهات النظر بين القيادات التي أسست الحزب، والقادمة من حركة التوحيد والإصلاح (الذراع الدعوي للحزب)، وأعضاء الحزب الشباب».

وأردف أدمينو موضحاً أن «القيادات المؤسسة لحزب العدالة والتنمية بدأت في حركة التوحيد والإصلاح، القائمة على الطاعة، والانقياد، والتراتبية، عكس قواعد العمل الحزبي، في حين يتذمر أعضاء الحزب من الجيل الجديد من هذه العقلية، ويرفضون مبدأ الرأي شخصي والقرار ملزم».

وتأسس حزب العدالة والتنمية المغربي عبر التحاق مجموعة من أعضاء الحركة الإسلامية المغربية سنة 1996 بحزب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية، برئاسة عبدالكريم الخطيب (رئيس أول برلمان مغربي)، الذي عين وقتها سعد الدين العثماني نائباً له في الأمانة العامة للحزب، ثم تغير اسم الحزب في سنة 1998، وأصبح العدالة والتنمية، ورمزه المصباح التقليدي (القنديل).

اتجاه نحو الانشقاق؟

يدفع تضارب تصريحات قيادات وأعضاء في حزب العدالة والتنمية، بخصوص وجود أزمة داخلية من عدمه، نحو الحديث عن إمكانية «حدوث انشقاق داخل الحزب، وميلاد حزب سياسي مغربي جديد من رحم العدالة والتنمية»، كما حدث في مجموعة من الأحزاب السياسية المغربية في أوقات سابقة.

وفي هذا الجانب، استبعدت أمينة ماء العينين، في حديثها مع «الرؤية»، إمكانية «حدوث انشقاق داخل حزبها»، واعتبرت «أن الاستقالات التي يشهدها، تعد أمراً عادياً، ولا تمثل ظاهرة ستقود نحو حدوث انشقاق أو مشاكل تنظيمية داخل الحزب».

في المقابل، قال أدمينو «إن الانشقاق بمعنى تقديم بعض مؤسسي العدالة والتنمية استقالاتهم منه، وتأسيسهم حزباً سياسياً جديداً، يعد أمراً مستبعداً، لكن من المحتمل، بحسبه، أن يُقبِل على هذه الخطوة بعض أعضاء الحزب من الجيل الجديد، الذين لا يتقاسمون نفس الرؤية ونفس وجهات النظر مع مؤسسي الحزب».

وعرف المشهد الحزبي المغربي مجموعة من الانشقاقات، منذ استقلال المغرب عن فرنسا في خمسينيات القرن الماضي، إذ شهد حزب الاستقلال المغربي (محافظ، وينتمي إلى المعارضة) انشقاقاً سنة 1959، نتج عنه ميلاد حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية (يساري، غير ممثل حالياً في مجلس النواب) الذي خرج من رحمه سنة 1975 حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (يساري، ومشارك في الائتلاف الحكومي الحالي)، والذي شهد بدوره مجموعة من الانشقاقات، التي أدت إلى ميلاد مجموعة من الأحزاب السياسية المغربية.