الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

المغرب.. كيف يحتفي الأمازيع برأس السنة الأمازيغية؟

يحتفل أمازيغ شمال أفريقيا، وعلى رأسهم الأمازيغ بالمغرب، برأس السنة الأمازيغية، في الفترة بين 11 - 13 يناير من كل سنة، المعروف بـ«إِيضْ ينَّاير»، والذي يخلدون فيه ذكرى اعتلاء الملك الأمازيغي شيشنق، لعرش مصر القديمة، وفق المعتقد الأمازيعي، ويُحتفل فيه ببداية السنة الزراعية.

ويحتفل أمازيغ المغرب هذا العام برأس سنتهم رقم 2971 في ظل ظروف استثنائية، بعدما منعتهم جائحة كورونا من إقامة الاحتفالات، التي اعتادوا على إحيائها بهذه المناسبة أمام مقر البرلمان المغربي في العاصمة الرباط، وفي مقر المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية (مؤسسة ملكية تعنى بشؤون الأمازيغية في المغرب)، بسبب منع السلطات المغربية للتجمعات، للحد من انتشار كورونا، بينما استمرت مطالبات أمازيغ المغرب للدولة بإقرار هذه المناسبة عيداً وطنياً، وعطلة رسمية، كما هو الحال في الجزائر منذ 2018.

رأس السنة الأمازيغية

تعود حكاية رأس السنة الأمازيغية إلى 950 عاماً قبل الميلاد، عندما اعتلى الملك الأمازيغي، شيشنق الأول، عرش مصر القديمة، وفق الرواية الأمازيغية، حيث يختلف مؤرخوهم حول طريقة وصول شيشنق إلى العرش الفرعوني، بين من يقول إنه «انتصر على رمسيس الثالث، ثم استولى على الحكم»، ومن يؤكد «أنه وصل إليه بطريقة سلمية».

ونصَّبت الجزائر، أول أمس الأحد، تمثالاً لشيشنق الأول في مدينة تِيزِي وْزُو (شرق الجزائر)، بمناسبة رأس السنة الأمازيغية الجديدة، ما أثار جدلاً ونقاشاً واسعين بين الجزائريين، والمصريين، والتونسيين، والليبيين، حول أصول هذا الملك الأمازيغي، إذ أصر نشطاء كل بلد من تلك البلدان الأربعة على أن شيشنق ينحدر من بلدهم.

ولا يزال الأمازيغ يعيشون حتى الآن في منطقة سيوة المصرية (واحة في الصحراء الغربية المصرية)، كما أن الملكة كليوباترا سيليني الثانية، ابنة الملكة المصرية الشهيرة كليوباترا، كانت متزوجة من الملك الأمازيغي، يوبا الثاني، الذي حكم مملكة كانت تدعى «موريطنية» في شمال أفريقيا.

ويعتبر احتفال الأمازيغ برأس السنة الأمازيغية، أيضاً احتفاء ببداية الموسم الزراعي الجديد، وفي هذا الجانب، قال الناشط المدني الأمازيغي المغربي البارز، منير كجي لـ«الرؤية»: «يحتفل الأمازيغ برأس السنة في بداية الموسم الزراعي، لتقديم الامتنان إلى الأرض على خيراتها، من خلال إعداد وتناول المأكولات الأمازيغية، وليتمنوا أن تكون السنة زراعية بامتياز».

مظاهر الاحتفال

وتقدَّم مأكولات أمازيغية متنوعة، في رأس السنة في بلدان شمال أفريقيا، وتُغنَّى فيها الأغاني الأمازيغية المصحوبة بالرقصات، كما تتبادل خلالها الأسر الأمازيغية الزيارات مع أقاربها وجيرانها.

وأضاف كجي «لكل بلد من بلدان شمال أفريقيا خصوصيته في ما يتعلق بتلك المأكولات الأمازيغية، كما أن هناك اختلافاً وتنوعاً داخل البلد الواحد».

وأوضح «في منطقة سُوسْ (جنوب المغرب)، تحضر الأسر الأمازيغية أكلة الْعَصِيدَة بالخضر وخيرات الأرض، وتقدم مصحوبة بالسمن وآمْلُو (خليط سائل يتكون من زيت أركَان، والعسل، واللوز أو الفول السوداني)، أما في مدن الجنوب الشرقي المغربي، كالرَّاشِيدِيَّة ووَرْزَازَاتْ، تحضر الأسر الأمازيغية كسكس السبع خضر، وهي الأكلة نفسها التي يعدها أمازيغ منطقة القبائل في الجزائر، وتكون وجبة العشاء موحدة في البلدة كلها، وتضع الأسر في داخل ذلك الكسكس نواة تمر، ومن وجدها يحالفه الحظ طوال السنة، بحسب الثقافة الأمازيغية في تلك المنطقة».

واستطرد كجي قائلاً «يحرص الأمازيغ المغاربة، في هذه المناسبة، على ارتداء الزي الأمازيغي التقليدي، وعلى تأدية الأهازيج والرقصات الأمازيغية».

مطالب بعطلة رسمية

ويطالب أمازيغ المغرب، الدولة منذ سنوات، بإعلان رأس السنة الأمازيغية عيداً وطنياً، وعطلة رسمية، وراسلوا في هذا الشأن الملك محمد السادس، ورئاسة الحكومة، والأحزاب السياسية المغربية، معتبرين أن «مطلبهم مشروع، لأنهم سكان المغرب الأصليون، ويمثلون أكثر من نصف سكانه»، في الوقت الذي قالت فيه المندوبية السامية للتخطيط (المؤسسة العمومية المكلفة بالإحصاء) إن نسبة الناطقين بالأمازيغية في البلاد «لا تتجاوز 26.7 %»، بحسب آخر إحصاء عام للسكان شهدته المملكة المغربية في سنة 2014، وهو ما يشكل نقطة خلاف بين الطرفين.

وفي هذا السياق، قال الباحث الأمازيغي المغربي رشيد الحاحي، في حديث لـ«الرؤية»: «نطالب الدولة المغربية بعدالة ثقافية ورمزية على مستوى الأعياد والمناسبات، من خلال جعل رأس السنة الأمازيغية عيداً وطنياً وعطلة رسمية، كما هو الحال بالنسبة لأعياد ومناسبات فئات مغربية أخرى، ليتم تكريس مضامين الدستور المغربي الخاصة بالأمازيغية».

وينص الدستور المغربي على أن الأمازيغية مكون من مكونات الهوية المغربية، كما يعتبرها لغة رسمية للبلاد إلى جانب العربية.

وازداد تمسك الأمازيغ المغاربة بمطلبهم بعدما تحول رأس السنة الأمازيغية إلى عيد رسمي وعطلة مدفوعة الأجر في الجزائر منذ 2018، بعد إصدار الرئيس الجزائري السابق، عبدالعزيز بوتفليقة قراراً بذلك، وهو ما أقره البرلمان الجزائري بالإجماع في 30 أبريل 2018.