السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

قيادي مستقيل من النهضة لـ«الرؤية»: فشل إخوان تونس يقودهم إلى مصير بن علي

قيادي مستقيل من النهضة لـ«الرؤية»: فشل إخوان تونس يقودهم إلى مصير بن علي

لطفي زيتون. (أرشيفية)

أكد لطفي زيتون، أحد القياديين المستقيلين من حركة النهضة التونسية، أن الحركة انشغلت بصراعاتها الداخلية عن احتياجات المواطنين. وفشلت في استقطاب دماء جديدة، وإعلاء المصلحة العامة على المصالح الحزبية والفئوية. محذراً قادتها من مصير زين العابدين بن علي.

وأشار زيتون في حواره مع «الرؤية» إلى أن استقالته جاءت بعد جملة من المراجعات الفكرية والسياسية التي استمرت فترة طويلة، وانتهت بقناعة أن النهضة لم تعد الوعاء الذي يمكنه من خلاله القيام بالإصلاحات التي تحتاجها البلاد. مشيراً إلى أن الخلافات التنظيمية والصراعات على الخلافة، مظهر من مظاهر الأزمة داخل الحركة، جعلتها تتلهى بأوضاعها الداخلية بعيداً عن مشاكل البلاد.

منظومة تقليدية

وتابع زيتون، الذي تقلد مناصب قيادية داخل الحركة، منها عضوية مجلس الشورى، وعضوية المكتب التنفيذي، وحقائب وزارية، ورئاسة مكتب زعيم الحركة راشد الغنوشي، أنه مع تحوّل طبيعة الدولة في تونس بعد عام 2011 من دولة منغلقة تعتمد على حزب واحد، إلى دولة منفتحة تعتمد في تسييرها على نتائج انتخابات حرة ونزيهة، كان منتظراً أن يقابل ذلك إصلاحات في طبيعة وتركيبة الأحزاب الأيديولوجية، تحولها إلى أحزاب وطنية مؤهلة لتسيير الدولة، وإنتاج البرامج والحلول لمشاكل الناس، والتأسيس لنمط اقتصادي جديد يتوافق مع الحالة الديمقراطية الجديدة، و يستجيب للمطالب الاجتماعية للفئات التي قامت بالثورة.

وأضاف زيتون أنه بعد 10 سنوات تبين له أن المنظومة الحزبية التقليدية بكل مكوناتها تمترست في مربعاتها الأيديولوجية، وحوّلت الأيديولوجيا من أداة للصراع مع الدولة إلى أداة للصراع فيما بينها. ما جعل البلاد تعيش على وقع عدم الاستقرار السياسي، الذي ربما يعصف بالتجربة من أساسها.

استغلال الدين

وأكد زيتون أن أول المتضررين من الاستغراق في الصراع الأيديولوجي، هو الإسلام، الذي تحوّل من أداة وحدة ومكون أساسي من مكونات الهوية الجامعة، إلى أداة للصراع الحزبي، وشعار انتخابي، وهو ما أدى إلى خلط في أذهان الناس بين الإسلام السياسي والإسلام، الذي أصبح ينوء بأعباء الأخطاء التي يرتكبها السياسيون، الذين يصرون على الزج به في الصراع، وينعكس ذلك ضعفاً في نسب التدين، وما تشهده المنظومة الأخلاقية والتربوية من انهيار.

وقال زيتون إن رئاسة الغنوشي لمجلس نواب الشعب أفقده الدور الذي كان يلعبه وهو رئيس للنهضة فقط، كعامل توازن بين السلطات الثلاث، ليتحول إلى طرف في التدافع بينهم.

وأشار زيتون إلى أن السنوات العشر الماضية كانت فرصة ذهبية لخروج الإسلاميين من مربع الصراع مع الدولة سياسياً، ومربع أيديولوجيا الإسلام السياسي فكرياً، إلى مربع الحزب الوطني المنفتح على كل الكفاءات، مهما كانت مشاربها، وهو ما لم يتحقق على أرض الواقع.

سياسات خاطئة

وأوضح أن سياسات الحزب الخاطئة تسببت في انصراف الناخبين بنسب كبيرة عن المشاركة في العملية الانتخابية، وبروز قوى أكثر تشدداً يهدد وجودها عملية الانتقال الديمقراطي، بالإضافة إلى توتر العلاقات مع الشارع التونسي بسبب الفشل المتواصل في تحقيق إصلاحات ضرورية داخل الدولة.

وتابع أنه حذر قيادات الحركة من غضب الشارع، والذي قد يعصف باستقرار البلاد، وتجنب مصير زين العابدين بن علي، الذي طردته سياساته خارج السلطة.

وأشار زيتون إلى اعتقاده عقب سقوط نظام بن علي، وتنظيم انتخابات، بأن تونس ستصبح بلداً ديمقراطياً يتحمل الصراع السياسي، كما في الديمقراطيات العريقة، لكن سرعان ما تبينت له هشاشة هذه التجربة، بعد سنة تبين أننا عاجزون عن الوفاء بعهد قطعناه للناخبين أن تستمر فترة كتابة الدستور لسنة واحدة، تنظم بعدها انتخابات، وتتفرغ البلاد لتحقيق الأهداف الاجتماعية العميقة للثورة: العدل والرفاه. هذا الفشل الأول جعلني أقتنع أن البلاد لا يمكن أن تسير بعد أن عجزت النخبة السياسية عن تأسيس حزب وطني جامع، تمد من خلاله الجسور مع المختلف، والتعاون في المشترك.

وجهة مقبلة

وأكد زيتون أن وجهته المقبلة ستكون الخروج من ضيق المربعات الأيديولوجية إلى سعة التجمع الوطني الجامع لكل الطاقات الحية والكفاءات الوطنية التي عجزت المنظومة الحزبية التقليدية عن استقطابها. مشيراً إلى أن تونس اليوم «ليست في حاجة إلى دكان حزبي جديد يلبي الحاجة النفسية لشخص باحث عن الزعامة، بل هي في حاجة إلى التقاء ذوي العزائم، قادة الرأي، وأصحاب الكفاءة، من أجل تأسيس جديد».