السبت - 04 مايو 2024
السبت - 04 مايو 2024

منافسة محتدمة بين المغرب والجزائر للفوز بكعكة الغاز النيجيري

منافسة قوية ما بين المغرب والجزائر تحتدم هذه الأيام خلف الأبواب المغلقة، من أجل فوز كل منهما بإنشاء خط أنابيب لتوصيل الغاز الطبيعي النيجيري إلى أوروبا، وذلك بعد إعلان الرباط الاتفاق مع رئيس نيجيريا على إنجاز خط الغاز بينهما في أقرب وقت، وهي الخطوة التي يتوقع المراقبون أن تؤدي لتحركات جزائرية عاجلة للإسراع بتنفيذ اتفاق مماثل تأخر لسنوات بين الجزائر وأبوجا.

فقد أعلن الديوان الملكي المغربي، مساء الأحد، أن ملك المغرب، محمد السادس، والرئيس النيجيري، محمد بوهاري، عبَّرا عن عزمهما إنجاز مشروع خط الغاز الطبيعي، الذي سيربط نيجيريا بأوروبا، مروراً بعدة دول أفريقية ضمنها المغرب، في أقرب الآجال.

وتوقع خبراء تحدثوا لـ«الرؤية» أن تؤدي الخطوة المغربية إلى تحركات جزائرية مكثفة خلال الفترة المقبلة، لدفع نيجيريا نحو تنفيذ مشروعها المُمَاثِل مع الجزائر، والذي اتفق عليه الطرفان سنة 2002، لإيصال غاز نيجيريا إلى أوروبا عبر الجزائر، ولجعلها تتخلى عن مشروعها مع المغرب، الذي أُعلِن عنه أواخر 2016.

وروَّجت تقارير إعلامية جزائرية، أخيراً، «لتراجع نيجيريا عن مشروعها مع المغرب»، بعدما أعلن وزير الخارجية الجزائري، صبري بوقادوم، «أنه سيتم تنفيذ المشروع النيجيري - الجزائري»، خلال زيارته السابقة إلى نيجيريا في نوفمبر المنصرم.

تحركات الجزائر

وبخصوص تحركات الجزائر المحتمَلة، قال الباحث المغربي في العلوم السياسية، محمد شقير لـ«الرؤية»: من بين الإمكانات المطروحة أن تقرر الجزائر تحمل النسبة الأكبر من تكاليف مشروعها مع نيجيريا، ويحتمل أيضاً أن تُوسِّع الجزائر مجالات التعاون الاقتصادي مع نيجيريا، وتبرم اتفاقيات معها، من أجل إغرائها.

ومن جانبه، أوضح أستاذ علم السياسة في جامعة محمد الخامس بالرباط، أحمد بوز لـ«الرؤية» أن استثمار الجزائر في نيجيريا خلال الفترة المقبلة، سيكون من أبرز المغريات، التي ستقدمها الجزائر لنيجيريا.

ومن جهته، رجَّح المحلل السياسي المغربي، أحمد نور الدين إمكانية حدوث زيارة قريبة للوزير الأول الجزائري، أو وزير خارجيتها، إلى نيجيريا، لإقناعها بالتراجع عن اتفاقها مع المغرب، ومن المرجح أن نيجيريا لن تقتنع، بسبب مجموعة من العوامل الموضوعية.

ومشروع أنبوب الغاز بين نيجيريا والمغرب، أُعلِن عنه في ديسمبر 2016، بمناسبة زيارة ملك المغرب إلى أبوجا، ثم أُطلِقت دراسة الجدوى الخاصة بالمشروع في مايو 2017، وتم التوقيع على المشروع في يونيو 2018 في العاصمة المغربية الرباط، خلال زيارة رسمية للرئيس النيجيري للمغرب.

ويمتد خط الغاز، الذي سيربط بين نيجيريا والمغرب، وسيصل إلى أوروبا في وقت لاحق، لمسافة 5660 كم، وسيستغرق 25 سنة، وسيمر عبر دول بنين، وتوغو، وغانا، وساحل العاج، وليبيريا، وسيراليون، وغينيا، وغينيا بيساو، وغامبيا، والسنغال، وموريتانيا، في حين سينطلق أنبوب الغاز الطبيعي في المشروع النيجيري- الجزائري من نيجيريا، وسيمر عبر النيجر، ليصل إلى الجزائر، ومنها إلى أوروبا.

واقعية المشروعين

فيما يخص العوامل الموضوعية، التي تجعل نيجيريا تتمسك بمشروعها مع المغرب، أوضح نور الدين «إذا نفذت نيجيريا مشروع خط الغاز مع الجزائر، فسيكون مهدداً من طرف الجماعات الإرهابية الناشطة في منطقة الساحل الأفريقي»، وهو الرأي الذي اتفق معه شقير قائلاً: خط الغاز النيجيري-المغربي، سيمر عبر طريق آمن وسط الدول المطلة على المحيط الأطلنطي.

وفي السياق نفسه، أضاف نور الدين: مشروع خط الغاز مع المغرب سيمر عبر عدة دول إفريقية، ضمنها المملكة المغربية، لا تنتِج الغاز الطبيعي، وستحصل على الغاز من خلاله، عكس الجزائر التي تنتج الغاز الطبيعي، وبالتالي فهي تنافس نيجيريا، وليست مُكمِّلة لها.

واسترسل نور الدين قائلاً: إن سِيدْيَاوْ (المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا)، التي تضم 15 دولة، تبنَّت المشروع النيجيري - المغربي في قمتها الأخيرة، لأنه سيساهم في اندماج تلك الدول، وسيساعدها على إنتاج الطاقة الكهربائية، وبعد تنفيذ المشروع ستحرر أوروبا من تبعيتها لروسيا، فيما يتعلق باستيراد الغاز الطبيعي منها.

وأضاف نور الدين: المشروع الجزائري ظل يُرَاوِح مكانه منذ 2002، بينما قطع المشروع المغربي أشواطاً على مستوى إنجاز دراسة الجدوى، والدراسة التقنية، والحصول على التمويل.

نزاع الصحراء المغربية

وكان النزاع الدائر بين المغرب وجبهة «الْبُولِيسَارِيُو» الانفصالية، حول منطقة الصحراء المغربية، من بين الأمور، التي روَّجت بعض التقارير الإعلامية إلى أنها «تقف وراء تراجع نيجيريا عن تنفيذ مشروعها مع المغرب، لأن نيجيريا لا ترغب في توريط نفسها في تمرير أنبوب غاز طبيعي خاص بها من منطقة متنازع عليها»، بحسب تلك التقارير.

لكن شقير، وبوز أكدا لـ«الرؤية» أن ذلك الطَّرح انهار، بعدما اعترفت أمريكا في 10 ديسمبر المنصرم، بسيادة المغرب على كافة منطقة الصحراء المغربية، وشرعت في إنشاء قنصلية لها في مدينة الداخلة بالمنطقة المذكورة.

وقال شقير «الخطوة الأمريكية تمثل ضمانة سياسية لنيجيريا، ستجعلها مطمئنة على سلامة أنبوب الغاز الطبيعي الخاص بها، إذا مرَّ من الصحراء المغربية»، وهو ما أكده بوز قائلاً: الخطوة الأمريكية تشكل إغراءً، وتأثيراً معنوياً، بالنسبة لنيجيريا، لتنفذ مشروعها مع المغرب.