الاحد - 19 مايو 2024
الاحد - 19 مايو 2024

صراع النفوذ.. كيف تُدير الدول حرب اللغات العالمية؟

في 7 مايو الماضي، حسمت الأكاديمية الفرنسية الجدل حول جنس مرض «كوفيد-19» الذي يتسبب فيه فيروس كورونا المستجد.



الأكاديمية التي تشرف منذ عام 1635 على حفظ وتطوير اللغة الفرنسية، أكدت أن المرض مؤنث، ولامت الفرنسيين على استخدامه بصيغة المذكر، وذلك بعد جدل «لغوي» حول المسألة اجتاح صفحات الجرائد ومواقع التواصل الاجتماعي منذ بدء تفشي الجائحة.

تعكس هذه القصة مدى الاهتمام القوي الذي توليه بعض الأمم للغاتها وكيف نجحت في تحويلها إلى سلاح سياسي ضمن ترسانة قوتها الناعمة لبسط النفوذ والسيطرة عالمياً.

حسب منظمة «اليونسكو» توجد في العالم أكثر من 6000 لغة، وعلى مدى الأجيال الثلاثة الأخيرة انقرضت 200 لغة، وهناك 199 لغة لا يتحدث بها حالياً أكثر من 10 أشخاص.. وفي بعض البلدان يتكلم السكان أكثر من 10 لغات، في الهند يصل العدد إلى 1600 لغة، وفي الصين هناك 50 لغة، فيما يتحدث سكان نيجيريا 470 لغة.



ووسط هذا العدد الكبير، استطاعت لغات معدودة الصمود والانتشار دولياً، بسبب عوامل تعود إلى قوة أممها وسيطرتها سواءً: السياسية أو الثقافية أو حتى التجارية.





سياسياً، هناك 40 دولة تعتمد رسمياً أكثر من لغة واحدة، ولدينا 8 دول ذات 3 لغات رسمية كما هي الحال في بلجيكا، ورواندا، وهناك دولتان لديهما 4 لغات رسمية: هما سنغافورة وسويسرا.



وبمعيار عدد الناطقين باللغة، بغض النظر عن كونها لغتهم الأم أم لا، تعد الإنجليزية الأولى، (1,12 مليار شخص)، وتأتي بعدها في الترتيب: الصينية (1,1 مليار)، الهندية والأردية: (697 مليوناً)، الإسبانية (513 مليوناً)، العربية (422 مليوناً)، والفرنسية (285 مليوناً).

إلاّ أن نخبة اللغات هذه، ليست كلها متساوية عندما يتعلق الأمر بالنفوذ الدولي.

في الأمم المتحدة، هناك فقط 6 لغات رسمية: الإنجليزية، الصينية، الإسبانية، العربية، الفرنسية، والروسية.





وفي الواقع تهيمن الإنجليزية على المشهد، إذ تُعد لغة رسمية في 50 دولة، وتتلقى رعاية قوية من رابطة الشعوب البريطانيّة، دولُ الكومنولث، التي تضم 52 بلداً.

فيما تقوم لندن بمجهودات كبيرة لنشرها عبر شبكة المجلس الثقافي البريطاني ذات الـ100 فرع حول العالم.





في الواجهة كذلك، نجد الفرنسية، لغة رسمية في 34 دولة، وتحظى برعاية المنظمة الدولية للفرانكوفونية التي تضم 88 دولة.



وتبذل باريس جهوداً كبيرة لتعليمها عبر شبكة التحالف الفرنسي التي تمتلك 832 مركزاً في 132 بلداً.

وبخطوات متقدمة، تكافح بكين لنشر لغتها التي تعد رسمية فقط في كل من تايوان، سنغافورة، والصين، ومنذ 2004 دشنت بكين 500 معهد تابع لشبكة كونفوشيوس الثقافية لتعليم لغتها حول العالم.

وتعد العربية من أكثر اللغات انتشاراً، وهي لغة رسمية في كل بلدان جامعة الدول العربية، ويتوزع متحدثو العربية في العديد من الدول المجاورة مثل تركيا وتشاد ومالي والسنغال وإرتيريا.



ورغم العوائق الكثيرة التي واجهها حضور العربية في المشهد الدولي، إلاّ أن العقود الماضية حفلت بالكثير من المبادرات الهادفة إلى تعزيز انتشارها وتأكيد قوتها في جهد يضاف إلى جهود قديمة منذ تأسيس أول مجمـع للغـة العربيـة فـي دمشـق سـنة 1919 وتأسيس مجمــع اللغــة العربيــة بالقاهــرة، فــي 1932 وبعد ذلك مجمــع اللغــة العربيــة فــي بغــداد ســنة 1947.

ومن أبرز المبادرات الحديثة: مشروع ميثاق اللغة العربية في الإمارات، وجائزة محمد بن راشد للغة العربية، إضافة إلى تحدي القراءة العربي، أكبر مشروع لتشجيع القراءة لدى الطلاب العرب.