الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

المغرب.. تقنين زراعة القنب الهندي يفاقم أزمات حزب العدالة والتنمية

المغرب.. تقنين زراعة القنب الهندي يفاقم أزمات حزب العدالة والتنمية

مزراع القنب الهندي بالمغرب.(رويترز)

زاد الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية المغربي، وأحد أكثر رموزه شعبية، عبد الإله بن كيران، من تعقيد أوضاع الحزب الذي يشهد صراعات داخلية، بعدما هَدد عشية أمس الاثنين بتجميد عضويته في الحزب، إذا وافقت أمانته العامة على تبني قانون متعلق بالقنب الهندي معروض على الحكومة.

ويتجه المغرب نحو تقنين زراعة القنب الهندي، المعروف في البلاد باسم «الْكِيف»، بغرض استعماله في أغراض مشروعة طبية وصناعية.

وتُقدَّر المساحة المزروعة به نحو 13400 كم، من أصل 14 ألف كم مربع، تمتد عليها أقاليم شْفْشَاوْنْ، وتَاوْنَاتْ، والْحُسَيْمَة، والْعَرَائِشْ وتِطْوَانْ، وتَازَة، شمال المغرب، والتي تنتج 47 ألفاً و400 طن سنوياً من القنب الهندي الخام، في حين يُقدَّر الإنتاج من القنب الهندي المستخلص (أي الحشيش) 3080 طناً سنوياً في الأقاليم المذكورة، بحسب بحث لمكتب الأمم المتحدة لمحاربة المخدرات والجريمة، بشراكة مع وكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لعمالات وأقاليم الشمال بالمغرب صدر عام 2003.

ويحقق المزارعون من تجارته 214 مليون دولار أمريكي أرباحا سنوياً، ويبيعون 66% من محصولهم في شكله الخام، و34% منه على شكل مسحوق، وهي الحالة الأولى قبل تحويله إلى قطع من الحشيش، بحسب نفس المصدر.

ويفاقِم موقف ابن كيران، الذي شغل منصب رئيس الحكومة المغربية في الفترة من نوفمبر 2011 حتى أبريل 2017، الأزمة الداخلية الحادة، التي يعاني منها حزبه خلال الفترة الحالية، ودفعت عدداً من أعضائه و قيادييه إلى تقديم استقالاتهم منه، بسبب «عدم رضاهم عن أوضاعه»، والذين كان آخرهم رئيس المجلس الوطني للحزب، وعضو أمانته العامة، إدريس الأزمي الإدريسي، الذي رفضت استقالته.

وكان مقرراً أن تصادق الحكومة المغربية في اجتماعها الأسبوعي الأخير، الذي انعقد، الخميس الماضي، على مشروع قانون يسمح بزراعة القنب الهندي، لتسخيره في استعمالات مشروعة، وفق شروط معينة، وتحت مراقبة الدولة. لكن الحكومة قررت تأجيل المصادقة على مشروع القانون، الذي تقدمت به وزارة الداخلية، إلى اجتماعها المقبل، بعد استكمال دراسته، بحسب بلاغ للمجلس الحكومي، صدر عقب انتهاء الاجتماع الأسبوعي الأخير

وبحسب نص مشروع القانون، ستصبح هذه الزراعة مباحة في مناطق محددة سيتم حصرها لاحقاً بموجب ترخيص تسلمه وكالة متخصصة. وسيكون هذا الترخيص مشروعة فقط «في حدود الكميات الضرورية لتلبية حاجيات إنتاج مواد لأغراض طبية وصيدلية وصناعية». كما يشترط على المزارعين المرخص لهم الانخراط في تعاونيات، مع «إجبارية استلام المحاصيل من طرف شركات التصنيع والتصدير»، ومن يخالف ذلك سيقع تحت طائلة عقوبات.

.

حركات بهلوانية

واعتبر المحلل السياسي المغربي، عمر الشرقاوي، أن ما يقوم به ابن كيران «مجرد حركات بهلوانية، الغرض منها الضغط على الحكومة والبرلمان، لكي لا يُصَادِقَا على مشروع القانون المذكور، وأيضاً ليحظى بتعاطف مجتمعي، ويعود إلى الواجهة».

وأضاف الشرقاوي، في حديثه لـ«الرؤية» أن ابن كيران «لن ينفذ تهديده ويستقيل بعد مصادقة برلماني حزبه على مشروع القانون المذكور؛ لأن قيادات الحزب ستقوم بتطييب خاطره، وسيعقدون حوارات داخلية، ويشكلون لجنة لزيارته، لدفعه نحو التراجع عن قرار الانسحاب من الحزب، كما فعلوا مؤخراً مع رئيس المجلس الوطني للحزب، إدريس الأزمي الإدريسي، بعدما استقال من رئاسة المجلس، ومن عضوية الأمانة العامة».

وأوضح الشرقاوي أنه من بين الأسباب، التي تقف وراء محاربة حزب العدالة والتنمية لشرعنة زراعة القنب الهندي، هو أنه بنى جزءاً من مجده السياسي على انتقاد تقنين زراعة تلك النبتة، عكس الموقف الذي يتبناه حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، ثاني أقوى حزب سياسي في البلاد، الذي كان يدعو أمينه العام السابق، إلياس العماري، إلى اتخاذ هذه الخطوة.

صراع سياسي

وأشار المحلل السياسي المغربي، عبدالرحيم العلام، إلى أن رفض حزب العدالة والتنمية تقنين زراعة القنب الهندي، يدخل في إطار صراعه السياسي مع حزب الأصالة والمعاصرة، الذي يتمتع بثقل سياسي في مناطق الريف (شمال المغرب) والذي وعد ساكني تلك المناطق بشرعنة زراعة القنب الهندي، وإنهاء أزمة سكان الريف الهاربين من تنفيذ أحكام قضائية، صدرت في حقهم بسبب زراعتهم تلك النبتة.

وقال العلام، في تصريحات لـ«الرؤية»، إن «الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية لن تتبنى مشروع القانون المذكور، وبرلمانيو الحزب لن يصادقوا عليه.. إذا رحل ابن كيران، سيرحل بعده نصف الحزب».

ومن جهته، أفاد أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، محمد كَالوي، بـ«أن ابن كيران انتهى زمنه، وأن هدفه من هذه التصريحات هو القول إنه موجود بعدما تم نسيانه، وابتزاز الحكومة والضغط عليها، وإضفاء نوع من المصداقية على الحزب أمام الرأي العام».

وأبرز كَالوي لـ«الرؤية» «أن احتمال مغادرة ابن كيران للحزب واردة، وأن انشقاق الحزب بسبب ذلك وارد أيضاً، إلا أن ذلك لن يغير شيئاً؛ لأن الحزب فقد مصداقيته عند الشعب»، على حد قوله.