الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

زراعة الحشيش ملاذ آمن للبنانيين وسط انحدار معيشي غير مسبوق

زراعة الحشيش ملاذ آمن للبنانيين وسط انحدار معيشي غير مسبوق

نبتة الحشيش - رويترز.

خلال نحو 30 عاماً، زرع أبوعلي البطاطس في أرضه في شرق لبنان، لكن في ظل الانهيار الاقتصادي المتسارع وتداعياته على القطاع الزراعي الضعيف أساساً، استبدل البطاطس بنبتة أكثر شهرة في المنطقة، وهي الحشيش.

ويقول أبوعلي (57 عاماً) لوكالة فرانس برس عبر الهاتف "لا محبة بالحشيش، لكن كلفة زراعتها أقل ويسمح إنتاجها بحياة كريمة لنا".

ومنذ عقود، تزدهر زراعة الحشيشة في منطقة البقاع، رغم حظرها من السلطات التي أقرت في أبريل 2020 قانون تنظيم زراعة القنب الهندي للاستخدام الطبي فقط، على اعتبار أن من شأن ذلك أن يوفر مئات ملايين الدولارات للخزينة، لكنه لم يدخل قيد التنفيذ بعد.


ومع تسارع الانهيار الاقتصادي المتواصل منذ أكثر من عام ونصف، قرّر مزارعون صغار في المنطقة أن يحذوا حذو معارفهم، وأن يبدؤوا بدورهم زراعة الحشيشة. لكن كثيرين منهم يخشون التحدث عن الموضوع خشية الملاحقة الأمنية.


ويقول أبوعلي الذي بدأ عام 2019 بزراعة الحشيشة في أرضه في منطقة بعلبك (شرق)، "كنت أزرع البطاطس بكميات كبيرة والحمص والفاصولياء.. لكنها زراعة خاسرة" اليوم.

أما الحشيشة فأمرها سهل، خصوصاً أنها "بعكس الزراعات الأخرى، لا تحتاج إلى أسمدة ومواد كيميائية"، وباتت تباع بالدولار أو بحسب سعر الصرف في السوق السوداء الذي تخطى عتبة 12 ألفاً للدولار الواحد.

ويتحدث أبوعلي الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، عن فلاحين اضطروا لبيع منازلهم أو أراضيهم لسداد ديون تراكمت عليهم للمصارف أو حتى للمرابين.

ويقول الأب لطفل يبلغ 11 عاماً، "حين كنا نزرع البطاطس، لم يكن بوسعنا حتى شراء المازوت لنتدفأ خلال فصل الشتاء".

أما اليوم، فينتج في الموسم نحو 100 كلغ من الحشيشة التي يزرعها على أرض تمتد مساحتها على 20 دونماً.

حبر على ورق

ويتوقف سعر كيلو الحشيشة على جودتها، ويراوح بين مليون و5 ملايين ليرة، أي بين أقل من 100 و416 دولاراً، بحسب سعر الصرف في السوق السوداء.

ويقول أبوعلي "لا أعيش بترف، لكني بتُّ متوسط الدخل، وقادراً على إعالة أسرتي".

وتزرع الحشيشة مطلع الربيع وتحصد في سبتمبر. وتجفّف بعدها تحت أشعة الشمس قبل أن يتم تبريدها، ثم "دقّها" أو طحنها في معامل صغيرة في منطقة البقاع (شرق).

في بلدة اليمونة القريبة من بعلبك، يدافع أصحاب الأراضي عن زراعة الحشيشة التي تحقّق لهم مداخيل كثيرة.

ويقول نائب رئيس البلدية حسين شريف "تخلّى مزارعون كثر في منطقة بعلبك - الهرمل عن زراعات أساسية وباتوا يزرعونها (الحشيشة) لأن كلفتها أقل.. ويحققون ربحاً بغض النظر عن سعر البيع".

ويُعد لبنان، وفق الأمم المتحدة، رابع منتِج لنبتة الحشيش في العالم بعد أفغانستان والمغرب وباكستان. ويجد المنتج اللبناني بشكل أساسي أسواقاً له في منطقة الشرق الأوسط وخصوصاً في سوريا والأردن ومصر وإسرائيل وقبرص وتركيا.

وبغض النظر عن عدم قانونيتها، يُزرع اليوم 40 ألف هكتار من الأراضي على الأقل بالحشيشة في لبنان، وفق تقرير لمكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة عام 2020.