الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

تونس.. تحذيرات من «انتفاضة خبز» تُسقط الحكومة وتُنهي حكم الإخوان

تشهد تونس جدلاً واسعاً حول المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وسط أنباء عن تعهدات من حكومة رئيس الوزراء هشام المشيشي برفع الدعم عن السلع الأساسية في مقابل الحصول على قرض جديد لمواجهة عجز الميزانية.

وتأتي تلك التطورات وسط تحذيرات عديدة من المراقبين باندلاع اضطرابات واسعة، تذكر بالاحتجاجات الدامية التي وقعت في يناير 1984 بسبب رفع الحكومة للدعم، والمعروفة بـ«انتفاضة الخبز».

ويزداد الجدل في ظل صمت الحكومة عن تقديم أي معطيات دقيقة، عن حقيقة التعهدات التي قدمتها خلال مفاوضاتها مع صندوق النقد في واشنطن، والتي انسحب منها الاتحاد العام التونسي للشغل، رغم أنه تلقى دعوة من الصندوق للحضور، باعتباره شريكاً اجتماعياً.

وكانت وكالة رويترز للأنباء، قد سربت وثيقة عن تعهدات الحكومة، مقابل الحصول على القرض المقدر بحوالي 4 مليارات دولار، ويمتد على 3 سنوات للإصلاح الاقتصادي، ومن بينها رفع الدعم تدريجياً، وإلغاؤه كلياً في حدود عام 2024، عن السلع الأساسية، وقد أثارت هذه الوثيقة ردود فعل كبيرة في البرلمان وفي الأوساط السياسية.

مخاوف وتحذيرات

وقال النائب اليساري، عن حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد، منجي الرحوي في تصريحات صحفية «رفع الدعم هو جريمة في حق التونسيين، وخاصة الطبقتين الفقيرة والوسطى، التي سيتم سحقهما تماماً».

كما أدان الأمين العام لحركة الشعب (ناصريون) زهير المغزاوي، عضو مجلس نواب الشعب ما وصفه بـ«تستر» الحكومة على المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وعدم استشارتها للبرلمان، الذي يجهل حقيقة ما تعهدت به الحكومة حسب تصريحه لإذاعة موزاييك.

كما كتب الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل، صلاح الدين السالمي على صفحته على موقع «فيسبوك» قائلاً «الاتحاد لم يطّلع على وثيقة الحكومة لصندوق النقد الدولي، ومن يعتقد أن الاتحاد سيوافق على إلغاء الدعم نهائياً فهو واهم».

وفي هذا السياق قال الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشّغل، والناطق الرسمي سامي الطاهري لـ«الرؤية»: «رفع الدعم لا بد أن تسبقه مجموعة من الإجراءات، منها تدقيق منظومة الدعم، وتقديم الأرقام الحقيقية، لأن أرقام الوزارات والمعهد الوطني للإحصاء متضاربة، وثالثاً عند الحديث عن الجمهور المستهدف بالدعم، فالأمر لا يشمل فقط الفئات الفقيرة والمتوسطة، لا بد من التساؤل عن هامش الخطأ أو الإقصاء في الجمهور المستهدف، بتحويل الدعم العيني من دعم للسلع الأساسية إلى دعم نقدي للأسر المحتاجة».

مسؤولية النهضة

ويقول أستاذ علم الاجتماع في جامعة تونس، محمد الجويلي لـ«الرؤية» إن «رفع الدعم ستترتب عليه كلفة اجتماعية كبيرة واحتقان، والدولة غير قادرة على مواجهة رفع الدعم، وستكون هناك مفاجأة كبيرة للمواطنين، والمسألة ليست مادية فقط، فهناك جانب آخر، وهو ملفات الفساد، وجائحة، كورونا، وغلاء الأسعار، وعدم الثقة في الحكومة، وهو ما ستترتب عليه، ردود فعل سلبية جداً».

وقال المحلل السياسي حازم القصوري: «حكومة المشيشي المرتهنة لحركة النهضة الإخوانية، ترهن البلاد لصندوق النقد الدولي، من خلال التضحية بالقدرة الشرائية الحمائية، التي تخص الطبقتين الوسطى والفقيرة، وتستجيب لشروط وإملاءات صندوق النقد دون وعي بتبعات رفع الدعم اجتماعياً».

وأضاف لـ«الرؤية» قائلاً: «حركة الإخوان ستجد نفسها في مواجهة الغضب الشعبي مع تردي الأوضاع الاجتماعية والصحية، مع توتر العلاقة مع رئيس الجمهورية قيس سعيد، والتحولات الإقليمية، وقد يكون هذا مؤشراً على نهاية حكم الإخوان في تونس».

وفي سياق متصل اعتبرت الأستاذة في جامعة منوبة، والناشطة في المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة، زينب التوجاني، أن المقاربة المالية والاقتصادية لحركة النهضة الإخوانية خطر محدق بالفئات الفقيرة والمتوسطة».

وفي السياق نفسه، قال الأمين العام للحزب الاشتراكي (يسار) منصف الشريقي «رفع الدعم الذي تعتزم الحكومة تنفيذه، ستكون له انعكاسات سلبية جداً على الاستقرار الاجتماعي، وسيزيد من تدهور القدرة الشرائية للفقراء، ويزيد الفوارق بين التونسيين، ويدفع المهمشين للاحتجاج ضد سياسة الحكومة، التي سطرها صندوق النقد الدولي وربما ستنهي الحكومة وجودها بهذا الإجراء الذي سيؤدي لاندلاع الاحتجاجات في كامل البلاد».