السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

غزة.. من أجواء رمضان وانتظار العيد إلى ترقب الغارة المقبلة

كانت الحياة في قطاع غزة تسير على نحو طبيعي، في أواخر شهر رمضان قبيل عيد الفطر، السيدات يشترين احتياجاتهن، والأطفال يلعبون في الشوارع، والرجال يتبادلون الأحاديث.

وفجأة تبدلت الأحوال وبسرعة مع غارات واسعة، لتسود مشاعر القلق على الحياة، في انتظار الغارة المقبلة، وتتراجع المخاوف بسبب جائحة كورونا، بحسب مقال نشرته صحيفة «واشنطن بوست الأمريكية».

وكتبت ليلى برهوم مسؤولة السياسة في منظمة أوكسفام في غزة في المقال «إذا كنت تعيش في قطاع غزة، وبمجرد رؤيتك لأعمدة الدخان الأسود تشق طريقها إلى السماء، عندئذ تعلم أنك من المحظوظين الذين لم تصبهم الغارات هذه المرة، وبعدها يأتيك الشعور بالذنب، لأنه بينما تجلس آمناً في هذه اللحظة، فإنك تعلم أن هناك شخصاً آخر يعاني.. شخص فقد شيئاً أو فقد بعض الأحباب».

وأضافت «في كل ليلة نخشى الظلام، لأننا لا يمكننا أن ندرك مدى قرب أعمدة الدخان الأسود، يمكنك فقط سماعها، والإحساس بها، ونجتمع سوياً لنساند بعضنا البعض، ونقول لأنفسنا «بإذن الله سننجو الليلة».

وتابعت «بدأت الغارات على غزة بشكل سريع، وعلى نطاق واسع، وفوراً تبدلت الحياة العادية في غزة، أصوات النساء وهن يشترين حاجاتهن استعداداً للعيد بعد شهر رمضان المبارك، حوارات الرجال مع الأقارب والأصدقاء، أصوات الأطفال وهم يلعبون في الطرقات، كل ذلك اختفى.. وحل بدلاً منه الصمت الذي يخيم على غزة، ولا يقطعه إلا أصوات الطائرات المسيرة، والمقاتلات والغارات الجوية.. الحياة الطبيعية التي كنا نعيشها تحولت إلى حياة بطعم الخوف والترقب والرعب الذي يتسلل من بيت إلى آخر».

واستطردت قائلة «لم أتصور لحظة أن جائحة كورونا ستكون أقل ما نخشاه، وبدلاً من مشاعر القلق والأمل في النجاة من كورونا، سأضطر إلى القلق بشأن حياتي وحياة كل أفراد عائلتي».

ومضت تقول «تجتاحني صور النساء وهن يركضن في الطرقات يمسكن بقوة بأيدي أطفالهن، وأظل أفكر في كل من فقد أحداً من أحبابه، أو من فقدوا منازلهم، ويحتاجون إلى أن يبدؤوا مجدداً من الصفر.. وعندما بدأ الإعلان عن أسماء الضحايا، لم نفعل إلا الشيء الوحيد بمقدورنا.. وهو البقاء في المنزل والانتظار.. تلقيت اتصالات من أصدقاء بالخارج يطالبونني بالبقاء بأمان، وكان تفكيري هو: كيف يمكنني ذلك؟ ليس لدي قبة حديدية تستطيع حمايتي، وليس لدي ملجأ من القنابل أو مكان أهرب إليه».

وأوضحت قائلة «بالنسبة لحياة الفلسطينيين في غزة، فليس هذا أمراً جديداً، فقد قضينا 14 عاماً من الحصار ومررنا بـ3 جولات من الحرب خلال السنوات العشر الأخيرة.. ماضينا هو حاضرنا».

وقالت «نشعر بالإرهاق.. يوماً بعد يوم، نشاهد القنابل وهي تسقط على المنازل حيث يعيش أصدقاؤنا وعائلاتنا، ومناطق عمل زملائنا، ونتساءل: هل سيكون الدور علينا في المرة المقبلة؟.. ننتظر عبثا سماع اعتراف المجتمع الدولي بإنسانيتنا من خلال أقوال وأفعال، لكننا لا نحصل على أي شيء، ويتركوننا لنشعر كما لو أن حقوقنا وحياتنا كبشر لا تهم أحداً.. وعندما يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار سنخرج مجدداً من تحت الأنقاض ونعيد البناء من جديد، في انتظار لموجة جديدة من القصف تدمر ما بنيناه».

واختتمت مقالها قائلة «لا أعلم موعد الغارة المقبلة.. ولا بالمكان الذي ستنزل فيه القنابل.. لكننا نعلم أنها يمكن أن تصيبنا».