الاحد - 19 مايو 2024
الاحد - 19 مايو 2024

تونس ومصر.. الأنظار تترقب إعادة إعمار ليبيا

تسود حالة من الترقب في مصر وتونس لبدء أعمال إعادة الإعمار في ليبيا، التي تشكل فرصة كبيرة لكلا الدولتين، حيث معدلات البطالة المرتفعة والتي زادها سوءاً تفشي وباء كورونا، ووسط تقارير تقدَّر كلفة عملية إعادة الإعمار في ليبيا بحوالي 100 مليار دولار قابلة للزيادة، ما يمثل سوقاً مفتوحاً أمام الشركات والعمال من جارتيها الشرقية والغربية.

ودعم حالة الترقب هذه الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي إلى ليبيا، السبت الماضي، رافقه خلالها وفد كبير، ضم عدداً من الوزراء، والمسؤولين المعنيين بالملفات الاقتصادية.

على الجانب المصري، كانت زيارة رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، إلى ليبيا الشهر الماضي على رأس وفد رفيع المستوى، انعكاساً لحجم الاهتمام المصري بليبيا التي تمثل عمقاً هاماً للدولة المصرية اقتصادياً وسياسياً، وخلال الزيارة تم توقيع العديد من الاتفاقيات في مختلف مجالات التعاون والتمهيد لعودة العمالة المصرية.

العمالة المصرية

رئيس نقابة العاملين في القطاع الخاص بمصر، شعبان خليفة قال إن «هناك علاقات قوية ومتينة وتاريخية تربط بين مصر وليبيا، وعلاقات مصاهرة ونسب، وهذا أحد أوجه دعم وجود عمال مصريين في ليبيا بشكل طبيعي».

وأضاف خليفة لـ«الرؤية» قائلاً: «إن العمال المصريين دفعوا ثمناً باهظًا للأحداث التي شهدتها ليبيا بعد 2011، فقد كان لدينا هناك نحو مليوني عامل مصري على الأراضي الليبية».

وتابع: «العمالة المصرية مدربة ومتمرسة على العمل داخل المدن والبلدات الليبية، والمصريون يعرفون ليبيا كما لو كانت مسقط رأسهم، ونتمنى أن يزيد عدد العمال عن 2 مليون عامل، مع استئناف إلحاق العمالة المصرية بالأراضي الليبية، عن طريق وزارة القوى العاملة المصرية، وموافقة وزارة العمل الليبية، للحيلولة دون تسرب أي عناصر غير مرغوب فيها».

وقال: «يجب أن يسارع رجال الأعمال المصريون لانتهاز الفرصة وتقديم خدماتهم لإعادة إعمار ليبيا».



العمالة التونسية

وليست مصر وحدها المهتمة بسوق العمل الليبي، فقد أكد الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل نورالدين الطبوبي، أهمية تشغيل اليد العاملة التونسية في ليبيا، خصوصاً أنها تتمتع بالخبرة والمهارات، بحسب وكالة تونس أفريقيا للأنباء.

وخلال زيارته إلى ليبيا، التي التقى خلالها ممثلي النقابات الليبية ووزير العمل الليبي وعدداً من رجال الأعمال الليبيين، قال الطبوبي إن هناك مراكز تكوين مهني عمومية في تونس توفر أيدي عاملة ماهرة تتمتع بالكفاءة.

وأشار الأمين العام بوصفه أيضاً أميناً عاماً للاتحاد النقابي لعمال المغرب العربي، إلى أهمية عودة الدور النقابي الليبي دولياً وعربياً ومغاربياً.



أهمية سوق العمل الليبي

وقال الخبير الاقتصادي وليد جاب الله إن «من المتوقع أن يصل عدد العمال المصريين في ليبيا إلى مليوني عامل تدريجياً، مع دخول الشركات المصرية لبدء عملية إعادة الإعمار».

وأضاف جاب الله لـ«الرؤية»، قائلاً: «سوق العمل الليبي مهم جداً للعمالة المصرية من جوانب كثيرة، أهمها أنه يوفر فرص عمل حتى للبسطاء الذين لا يجيدون الأعمال المعقدة، كما أن الشعب الليبي يفضل العامل المصري نظراً لوحدة اللغة والروابط المتينة بين الشعبين».

وأكد جاب الله أن هناك فائدة كبيرة ستعود على الاقتصاد المصري من خلال عملية تحويلات العمال هناك، وفائدة كبيرة أيضاً على الاقتصاد الليبي من خلال إعادة بناء البنية التحتية والطرق والمنشآت، وكلها عوامل جذب للاستثمار.

وأشار إلى أن العمالة التونسية أيضاً سيكون لها نصيب من حجم الأعمال الكبير في ليبيا، لافتاً إلى أن عمال تونس يتركزون في الغرب الليبي عادة، نظراً للقرب الجغرافي من وطنهم، مؤكداً أن السوق الليبي كبير وسيكون له تأثير إيجابي على الوضع الاقتصادي المختنق في تونس.

وأوضح جاب الله، أن السوق الليبي يستطيع استيعاب الكثير من الشركات، لأن تكلفة إعادة الإعمار التقديرية 100 مليار دولار قابلة للزيادة، ومن الممكن أن تمثل رئة يتنفس منها الاقتصاد التونسي إذا توافرت الإرادة السياسية في هذا الأمر.



الآثار الاجتماعية

وتوقع أستاذ علم الاجتماع الدكتور رشاد عبداللطيف، أن يصاحب عملية عودة العمالة سواء المصرية أو التونسية إلى ليبيا، انخفاض في معدلات الجريمة والبطالة والعنف الأسري في المجتمعات المصدرة لهذه العمالة.

وأضاف عبداللطيف لـ«الرؤية» قائلاً: «إن المشكلات الاجتماعية المرتبطة بالدخل وإمكانية تكوين أسرة ستتلاشى مع توفر فرص العمل، وستجعل الإنسان يغير نظرته إلى نفسه وإلى الآخرين، حين يجد لنفسه حياة اجتماعية وفرصة عمل ودخلاً جيداً».

وأضاف أن فرص العمل في ليبيا كثيرة، وليست كلها مرتبطة بأعمال الإنشاءات كما يروج البعض، ولكن هناك قطاعات خدمية كثيرة تحتاج إلى عمالة ماهرة.