الاحد - 28 أبريل 2024
الاحد - 28 أبريل 2024

في غياب أي مطالب قومية.. الإسلام السياسي يجد أرضية مشتركة مع اليمين المتطرف في إسرائيل

في غياب أي مطالب قومية.. الإسلام السياسي يجد أرضية مشتركة مع اليمين المتطرف في إسرائيل

منصور عباس وقع مع بينيت وﻻبيد على اتفاق اﻻئتلاف. (رويترز)

كانت لقطة تاريخية جمعت بين سياسي إسلامي من الأقلية العربية في إسرائيل وهو يقف مبتسماً إلى جوار زعيم يهودي من اليمين المتطرف وحلفائه، وذلك بعد لحظات من الموافقة على توليه رئاسة الوزراء ومنحه أغلبية حاكمة في البرلمان، في خطوة أثارت انتقادات لمواقف جماعات الإسلام السياسي في حين امتنعت حركة حماس وجماعة الإخوان عن انتقاد التحالف الجديد.

وساعد اﻻشتراك في هدف الوقوف في وجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في دفع منصور عباس إلى المسرح السياسي، إذ حقق الفصيل الإسلامي الصغير أغلبية بسيطة للأحزاب اليهودية التي تأمل في عزل نتنياهو أطول رؤساء الوزراء بقاء في السلطة في إسرائيل.

وستصبح القائمة العربية الموحدة أول حزب ينتمي للأقلية العربية التي تمثل 21%من سكان إسرائيل يشارك في حكومة إسرائيلية. ولم تحصل الحكومة بعد على موافقة برلمانية.

وتعود آخر مرة دعم فيها حزب عربي إسرائيلي حكومة لكن من دون المشاركة فيها، إلى 1992 في عهد «حكومة السلام» برئاسة إسحاق رابين.

ونحى عباس (47 عاماً) جانبا خلافاته مع نفتالي بينيت رئيس الوزراء المقبل في الحكومة الجديدة والزعيم السابق لتنظيم كبير للمستوطنات اليهودية وأحد المدافعين عن ضم معظم الضفة الغربية المحتلة.

وقال بينيت إن أي تحفظات ربما كانت لديه قد تلاشت لأنه لا توجد «كلمة قومية واحدة» في مطالب عباس.

وقال عباس، الذي يعمل طبيب أسنان، في رسالة إلى أنصاره بعد توقيع اتفاق الائتلاف مع بينيت وزعيم المعارضة يائير لابيد، إن فصيله قرر الانضمام للحكومة «من أجل تغيير توازن القوى السياسية في البلاد».

وأضاف أنه عندما تتأسس الحكومة على دعم الفصيل العربي فإنه سيتمكن من التأثير فيها وتحقيق إنجازات للمجتمع العربي.

قرار جماعي

ينتمي عباس لبلدة المغار التي يتألف سكانها من المسلمين والدروز، قرب بحيرة طبرية. وحزبه هو الجناح السياسي للفرع الجنوبي من الحركة الإسلامية في إسرائيل التي تأسست في عام 1971 وترجع أصولها إلى جماعة الإخوان.

ولم يكن قرار عباس فردياً، فقبل إقرار اتفاق الائتلاف طلب موافقة مجلس شورى الحركة الإسلامية الذي سبق أن وجه تصويت الحزب في البرلمان في قضايا حقوق المثليين وقضايا أخرى.

كان حزب عباس قد انشق عن التحالف العربي الرئيسي في إسرائيل وهو القائمة المشتركة قبل انتخابات 23 مارس، وذلك بعد أن نادى دون أن يحقق أي نجاح بالعمل مع نتنياهو وفصائل يمينية أخرى لتحسين الأوضاع المعيشية للعرب.

وينتقد كثيرون من العرب نهج عباس.

وقال موسى الزيادنة في بلدة رهط البدوية في جنوب إسرائيل إنه إذا نشبت حرب أخرى في غزة وهو مشارك في الحكومة فسيتعرض لضغوط للانسحاب منها.

وقال سامي أبوشحادة عضو القائمة المشتركة إن حزب عباس غيّر بشكل جذري مسلكه السياسي التاريخي بالانضمام إلى بينيت وقيادات يمينية أخرى ووصف ذلك بأنه «جريمة كبيرة جداً».

وأضاف أن بينيت كان رئيساً لمجلس يشع الذي يمثل مظلة للمستوطنين وأن تأييد من وصفهم بأنهم خطرون معناه أن عباس اختار الوقوف مع اليمين المتطرف في المستوطنات «ضد مصالح شعبنا».

ولم تعلق القائمة المشتركة التي فازت بستة مقاعد في الانتخابات على قرار عباس المشاركة في الائتلاف.

ولم يصدر تعليق أيضاً من حركة حماس وﻻ زعمائها على القرار. وامتنع زعماء جماعة الإخوان عن التعليق أيضاً.

ومن جانبه، وصف بينيت عباس في تصريحات للقناة 12 التلفزيونية الإسرائيلية بقوله «رأيت شخصاً لطيفاً وشجاعاً».

استياء وخيبة أمل

وكان منصور عباس أثار قبل الانتخابات التشريعية التي جرت في مارس الماضي، جدلاً واسعاً عندما أعرب عن استعداده للعمل مع نتنياهو في مواجهة تفشي الجريمة في الوسط العربي.

وانشقت القائمة بزعامة عباس عن القائمة المشتركة التي كانت تجمع الأحزاب العربية، للترشح للانتخابات.

وقالت إيلاف دغش (43 عاماً) من بلدة دير حنا في الجليل (شمال إسرائيل) إنها «مستاءة من دخول منصور عباس لحكومة الائتلاف» معتبرة أنه «كان من الممكن أن تؤثر الأحزاب العربية أكثر لو بقيت متحدة. وكان من الممكن أن تفرض شروطها على الحكومة».

وأوضحت: «أصابتني سياسة منصور عباس بخيبة أمل»

وقال المحامي والناشط رضا جابر من مدينة الطيبة القريبة من تل أبيب: «الدخول في الائتلاف هذا ليس تكتيكاً وإنما يغير موضع علاقتنا مع الدولة من علاقة الند إلى التماهي».

وأضاف: «كان على القائمة الموحدة أن تترك مسافة (..) الائتلاف الحكومي معناه أن توافق على سياسة الحكومة وتتبناها، هذه تحالفات تدخلنا في حالة الذوبان».

ورأى المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية المشارك في جامعة تل أبيب أمل جمال، أن هذه «المرة الأولى التي يتفاوض فيها حزب عربي بهذه الطريقة» موضحاً: «قدم حزب عباس هذا على أنه إنجاز، ولكنه في الواقع قد يكون استسلاماً كاملاً».

وبحسب جمال، فإن «تخصيص الموارد لا يؤكد التغييرات الضرورية في سياسات الحكومة الإسرائيلية» تجاه الوسط العربي.

ولم يطالب عباس مثلاً بإلغاء قانون القومية الذي أقر عام 2018 ويكرس الطابع اليهودي للدولة.

وأوضح جمال: «عندما كانوا في حاجة ماسة إليه حقاً، لم يتمكن من فرض تغييرات معينة في السياسات وإرساء مبدأ المساواة كجزء لا يتجزأ من القانون الأساسي الإسرائيلي، فلم يتحدث عن قانون القومية. فمتى يستطيع ذلك؟».