الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

الملكية الدستورية.. هل تكون الحل لأزمات ليبيا؟

الملكية الدستورية.. هل تكون الحل لأزمات ليبيا؟

علم ليبيا الملكية كان بارزاً في الاحتجاجات ضد القذافي. (أرشيفية)

ما تزال الأزمة الليبية تبحث عن حل للمشكلات الكبيرة أمام قيام دولة ديمقراطية، بعد عقود من النظام اﻻستبدادي ثم الإنزﻻق إلى في حرب أهلية وحشية تحولت إلى حرب بالوكالة بين قوى أجنبية.

وحذرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية من أن المرحلة الانتقالية لأي دولة تكون صعبة دائما بسبب الموروثات الناتجة عن سنوات الصراع وما يشوبها من الخلافات وعدم الثقة، وربما تلوح في الأفق الانتكاسات المفاجئة والعودة إلى حالة عدم الاستقرار.

وأشارت المجلة إلى أن "الحل الملكي" قد يكون المخرج مع البحث في المؤسسات والآليات السياسية التي يمكن أن تشجع إعادة توحيد المجتمع وإعادة البناء الاقتصادي للبلاد، خاصة مع مشروع دستور جديد من المقرر إصداره قبل الانتخابات المنتظرة في نهاية هذا العام.

وقال التقرير إن النظام الملكي الدستوري، ربما يكون هو الأنسب لليبيا خلال الفترة المقبلة، مستشهداً بدستور عام 1951 الذي مزج بين الممارسات الديمقراطية وشخص بارز قادر على ضمان مصالح المواطنين الليبيين المتنوعين. وأوضح التقرير أن الملكية الدستورية لتلك الحقبة تقدم على الأقل إجابة قوية للعديد من التحديات التي تشهدها البلاد اليوم.

وأشار التقرير إلى أن معمر القذافي هو الذي قسم الليبيين وخلق العداوة بين الأطراف المختلفة لتحقيق مصالحه الشخصية، حيث كان الليبيون قبله موحدين، وأن الوقت قد حان لتجاوز الضرر الذي أحدثه القذافي، وتشكيل مستقبل حقيقي لليبيا كدولة موحدة.

وقال تقرير «فورين بوليسي» إن الملكيات تهدف إلى تحقيق الاستقرار، حيث يلتزمون بدعم سيادة القانون ومصالح المواطنين دون أي شكل من أشكال الاحتكار في سن القوانين أو أي واجبات تنفيذية، لذلك يمكن أن يكون لها تأثيرات إيجابية حتى في المجتمعات الأكثر انقساماً مثل ليبيا.

وأشار التقرير إلى أنه ليس من قبيل المصادفة أنه مع احتجاجات الربيع العربي التي اجتاحت المنطقة عام 2011، ظلت تلك البلدان ذات التقاليد الملكية القوية مستقرة.

وفي الواقع فإن هذه الأنظمة الملكية هي مرتكزات نسبية للاستقرار وهي أكثر قدرة على الاستجابة للعوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بالمقارنة مع العديد من جيرانها.

وضرب التقرير مثلاً بما قامت به المملكة الأردنية من تشاور مع مواطنيها وتغييرات دستورية، وانتخابات جديدة ساهمت في إرضاء الشعب، حيث كشفت استطلاعات الرأي التي أجراها الاتحاد الأوروبي عام 2020 أن حوالي 74% من الأردنيين ينظرون إلى حياتهم على أنها جيدة بشكل عام.

وأضاف أن ليبيا، مع تاريخها الحديث من التشرذم والانقسامات المستمرة التي تخترق نسيج المجتمع، في حاجة ماسة إلى شخصية قيادية رمزية مثل التي تقود تلك الأنظمة. إن فصل الملك عن السياسات الحزبية من شأنه أن يضمن هوية ليبيا كدولة واحدة، رغم اختلاف المصالح الاقتصادية للمناطق الأساسية في البلاد، والهويات المنفصلة لقبائلها، والدم الفاسد الذي نتج عن عقد من الحرب.

الوحدة تحت علم واحد، بدورها، يمكن أن تكون حيوية للسماح لنظام ديمقراطي جديد بأن يتماسك. غالباً ما يستغرق الأمر سنوات، إن لم يكن عقوداً حتى تتجذر المشاركة الديمقراطية للمواطنين والمواقف الساعية إلى التوافق بين المسؤولين المنتخبين. لكن يمكن أن يساعد الملك في ضمان استمرار النظام لفترة كافية حتى يحدث ذلك، كما يمكن للملك أن يلعب دوراً حاسماً في نشر أفكار السلام، والتسوية والاندماج والثقة.

ويمكن للملكية الدستورية أيضاً أن تلعب دوراً في كبح الحكومات أو القادة التنفيذيين الفرديين الذين قد يدوسون على الحقوق الإنسانية والسياسية للأفراد أو يحاولون إضعاف الترتيبات الدستورية التي تضمنها.

كما يمكن لملك دستوري إعطاء الأولوية لحماية القوانين الأساسية اللازمة لتحسين الصحة الاقتصادية في ليبيا، وبالتالي يبدأ الاستثمار من الخارج في التدفق مرة أخرى مع ضمان استقرار البلاد، وهذا بدوره سيعزز النمو الاقتصادي الإجمالي، ويؤدي إلى زيادة ملحوظة في مستويات المعيشة - ما يساهم في العودة مرة أخرى للاستقرار الديمقراطي الشامل.

وقالت المجلة إن مثل هذه الصيغة يمكن أن تتجذر فقط في البلدان التي لديها بعض تقاليد الملكية والسلالة الحاكمة الشرعية. وليبيا لديها كلاهما. ومع نموذج دستور عام 1951 - الذي أطاح به القذافي من خلال استغلال المشاعر المعادية للغرب - وعائلة السنوسي المنفية، فإن ليبيا لديها خيار قابل للتطبيق قادر على إعادة تأسيس البلاد كبلد إقليمي مستقر ومزدهر.