السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

«أساتذة نازحون».. هل حانت نهاية قطاع التعليم في لبنان؟

«أساتذة نازحون».. هل حانت نهاية قطاع التعليم في لبنان؟

(رويترز)

لعقود كان ينظر إلى القطاع التعليمي في لبنان باعتباره رائداً على المستوى الإقليمي في الشرق الأوسط، حيث كان هذا البلد يحتل المرتبة العاشرة على مستوى العالم في تقرير التنافسية العالمية الذي يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي.

أما الآن، فقد تغير الوضع كثيراً في ظل اشتداد أزمة لبنان متعددة الجوانب، فيما تدور أسئلة كثيرة حول "كيف ستتمكن المدارس من تدبير أمورها عندما تبدأ السنة الدراسية الجديدة في أكتوبر؟".



موجة نزوح



ورصد تقرير ميداني لوكالة فرانس برس جوانب من تصاعد أزمة لبنان ومعاناة المدرسين اللبنانيين، مسلطاً الضوء على قصة الأستاذة اللبنانية كريسولا فياض التي تخرجت في جامعة السوربون الفرنسية، وقضت قرابة 20 عاماً وهي تتولى تدريس التاريخ والجغرافيا في مدارس فرنسية راقية بلبنان حتى أصبحت رئيسة أكثر من قسم.

أما الآن فقد تحولت إلى معلمة احتياطية في باريس، بعد أن جرفتها موجة النزوح من النظام التعليمي الذي أوشك على الانهيار.

تركت فياض بيتها ومدخرات العمر في أغسطس 2020 وهي في الخمسين من عمرها. قبل ذلك بأيام أصيب المستشفى الذي يعمل به زوجها وعيادته الطبية بأضرار بسبب انفجار ميناء بيروت.



تسبب الفساد والخلافات السياسية في انخفاض قيمة العملة المحلية بأكثر من 90% في أقل من عامين الأمر الذي دفع بنصف السكان إلى براثن الفقر وحال بين المودعين من أمثال فياض وبين حساباتهم المصرفية.





90 دولاراً

بدوره، قال رينيه كرم رئيس رابطة أساتذة اللغة الإنجليزية في لبنان «عندما نشبت الأزمة في 2019 فاجأت القطاع التعليمي».

ففي البداية استغنت بعض المدارس الخاصة عن المعلمين ذوي الأجور الأعلى أي حوالي 30% من العاملين لتوفير المال لكن بمرور الوقت رحل كثيرون غيرهم من تلقاء أنفسهم. وأشار كرم إلى أن نصف أعضاء الرابطة البالغ عددهم 100 مدرس انتقلوا الآن إلى العراق ودبي وسلطنة عمان.

وأصبحت المرتبات التي تبدأ من 1.5 مليون ليرة لبنانية شهرياً تساوي الآن أقل من 90 دولاراً بسعر السوق الحرة في بلد كانت تعادل فيه من قبل 1000 دولار.



البقاء على قيد الحياة

تمثل المدارس الخاصة 70% من القطاع التعليمي بما يفوق 1500 مؤسسة تعليمية.



وقال رودولف عبود نقيب المعلمين في المدارس الخاصة إن كل مدرسة فقدت ما بين عشرة و40 من المعلمين حتى الآن وإن بعضهم يبقون في منازلهم لأنهم لا يستطيعون تدبير نفقات رعاية الأطفال.

وأضاف «نحن في مرحلة البقاء على قيد الحياة فقط، الضروريات. لا توجد مدرسة واحدة الآن لا تعلن عن وظائف خالية».

وحدث بالفعل ضم تلاميذ من عدة فصول دراسية في بعض المواد، كما أن انقطاعات الكهرباء اليومية ونقص المواد الأساسية يجعل من الصعب تسيير العمل في المدارس.





إلغاء الامتحانات

وهذا الأسبوع ألغت وزارة التعليم الامتحانات النهائية للشهادة المتوسطة استجابة لضغوط الآباء والعاملين الذين يصرون أن الظروف الاقتصادية تجعل تنظيم هذه الامتحانات مستحيلاً.

قال كرم: «الوزير أراد إجراء الامتحانات، لكن ألا يعلم أن في لبنان نقص في الورق والحبر وأن المعلمين لا يمكنهم العمل مجاناً والمدارس لا يمكنها العمل دون وقود لمولدات الكهرباء؟»

وقالت وزارة التعليم إنها ضمنت صرف أجور إضافية من متبرعين للمعلمين الذين سيشرفون على الامتحانات لكن معظمهم انسحبوا.



المدارس العامة

وقالت موظفة حكومية إنه لم يدفع أحد حتى الآن مصروفات العام المقبل بالمدرسة التي يذهب إليها ابناها وهما في العاشرة والسابعة من العمر. وكانت المدرسة طلبت 600 دولار عن كل طفل بالدولار الأمريكي بالإضافة إلى 12 مليون ليرة لبنانية.

وأضافت «أين يأتي أحد بدولارات جديدة للسداد هذه الأيام؟ كلنا نحصل على أجورنا بالعملة المحلية ولذا كيف يُفترض أن نحصل على هذا المبلغ؟».

أوضح رودولف عبود وهو يجلس في واحدة من 130 مدرسة لحقت بها أضرار في انفجار مرفأ بيروت إن بعض الآباء يسحبون أولادهم من المدارس الخاصة إلى مدارس الدولة.

وقال «نحن نشهد عائلات تنتقل من المدارس الخاصة إلى المدارس العامة وآخرين ينتقلون خارج لبنان إلى دول عربية أو أوروبا والولايات المتحدة وكندا وهذا يخلق مشكلة».