الاحد - 05 مايو 2024
الاحد - 05 مايو 2024

استقالة الحريري.. الأزمة السياسية في لبنان إلى أين؟

استقالة الحريري.. الأزمة السياسية في لبنان إلى أين؟

سعد الحريري - أ ف ب.

لبنان ينتقل إلى خطر أكبر، الإصرار على تدمير لبنان، المجتمع العربي والدولي يخشى الفوضى، تصدرت هذه العناوين اهتمام وسائل الإعلام أمس الجمعة بعد يوم من تخلي رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري عن مهام تشكيل الحكومة المقبلة.

شبكة "سي إن إن" الأمريكية قالت إن تكرار ظاهرة الانقسام السياسي الشائع في لبنان وكثرة الخلافات بين الأحزاب السياسية، تُظهر بوضوح حقيقتين لا يمكن تجاهلهما، الأولى أن نظام تقاسم السلطة في لبنان لم يعد قابلاً للتطبيق، وأن انسحاب الحريري الزعيم السني منذ فترة طويلة والذي كان عنصراً أساسياً في الحكومة اللبنانية قد يؤدي إلى كارثة لا يمكن تفاديها في البلاد.



وأطلقت الشبكة على المشكلة السياسية التي لم يتم حلها حتى الآن في لبنان وصف "العقدة الغوردية"، وهو مصطلح أسطوري متعلق بالإسكندر الأكبر، ويستخدم عادة للدلالة على مشكلة صعبة الحل.



وأشارت الشبكة إلى أنه مع اقتراب لبنان من ذكرى تأسيسه الـ101، هناك مخاوف من أن تكلف هذه المعضلة البلاد الثمن الأكبر.

الصدمة والاستقالة



شهدت لبنان خلال الأسابيع الأخيرة تسارع في وتيرة الأزمة الاقتصادية والتي وصفها البنك الدولي بأنها من أسوء الأزمات منذ منتصف القرن الـ19، وأدى النقص الهائل بالوقود الذي تشهده البلاد إلى وقوف طوابير بشرية لساعات طويلة خارج محطات الوقود، لا سيما انقطاع التيار الكهربائي لأكثر من 22 ساعة في اليوم وارتفاع التضخم بشكل كبير، بالإضافة إلى أن 77% من الأسر لا تستطيع تأمين ما يكفي من قوت يومها، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة.

وكانت استقالة الحريري هي آخر ما تحتاجه البلاد في ظل هذه الأوضاع، إلا أنها كانت حتمية، حيث تبين أنه غير قادر على كسر الجمود السياسي مع خصمه الرئيس ميشال عون، وغير قادر على استعادة الدعم الإقليمي والخارجي.

وقالت الشبكة إن هذه الخطوة كانت مفاجئة ومدمرة أيضاً، إذ تؤكد عدم التحام النخبة السياسية والمعارضة غير الطائفية والناشئة والمجتمع الدولي حول بديل الحريري.

وبالإضافة إلى ذلك ألقى المجتمع الدولي بثقله لدفع عملية تشكيل الحكومة في الأسابيع الأخيرة، وحذر مراراً وتكراراً من احتمال انهيار وشيك للدولة.

كما أرسل الاتحاد الأوروبي عدة وفود إلى لبنان بهدف حث النخبة السياسية الحاكمة على حل الخلاف بين عون والحريري.

وفي نهاية المطاف هدد الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على كبار المسؤولين، وأكد أنه يسعى لوضع إطار قانوني لتطبيق تلك العقوبات بحلول نهاية يوليو.

وقبل ساعات فقط من إعلان الاستقالة، بعث وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكين ووزير الخارجية الفرنسي إيف لودريان برسالة إلى عون عبر سفاراتهما في بيروت لحثه على الإسراع في تشكيل الحكومة.

وأدت استقالة الحريري على الفور لتدهور الليرة اللبنانية إلى الهاوية، حيث شهدت العملة المحلية أكبر انخفاض لها على مدار 24 ساعه منذ بداية الأزمة.

وأصدر المجتمع الدولي بيانات شديدة اللهجة ضد النخبة الحاكمة التي تتألف من بعض السياسيين الذين كانوا يعتبرونهم حلفاء في السابق.

واتهمت باريس قادة البلاد بالتقاعس عمداً لإبقاء العملية السياسية مجمدة، بينما يغرق لبنان في أزمة اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة.

وخلال مقابلة متلفزة استمرت ساعتين بعد فترة وجيزة من استقالته، حاول الحريري تبديد الفكرة القائلة بأن محاولاته لتشكيل حكومة كانت فاترة، واتهم عون بعرقلة العملية من خلال محاولة الحصول على حق النقض من خلال تشكيل الحكومة.

تزايد اليأس



ويخيم هدوء حذر على العاصمة اللبنانية بيروت وسط الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي تشهدها البلاد.

وتناشد الجماعات السياسية غير الطائفية الشعب من خلال وسائل التواصل الاجتماعي لتقديم دعمهم للبديل السياسي الذي لا يزال غير معروف.

ويعيش عدد كبير من الشعب اللبناني حالة من اليأس، ويفضلون خيار الفرار خارج البلاد على البقاء والانتظار.

وفي بعض الأماكن يبحث الأشخاص عن الطعام في حاويات القمامة، كما تنبض الشوارع باحتجاجات أهالي ضحايا مرفأ بيروت مع اقتراب الذكرى السنوية لهذا الحدث المدمر.

وركزت الصحف اللبنانية الجمعة على تداعيات اعتذار سعد الحريري بعد قرابة 9 أشهر من تكليفه بها وذلك بعد استمرار الخلافات بينه وبين رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون رغم تسليمه تشكيله جديدة من 24 وزيراً أمس الأول.

وتحت عنوان "اعتذار الحريري.. لبنان إلى الخطر"، اعتبرت صحيفة النهار اللبنانية أن الارتفاع القياسي في سعر الدولار الأمريكي أمام الليرة اللبنانية بالإضافة إلى الموجة العارمة لقطع الطرق في العاصمة وبعض المناطق واندلاع مواجهات في بعض أحياء بيروت بين المتظاهرين، ما هي إلا العينات الأولية لردود الفعل المتفجرة على اعتذار الحريري عن تشكيل الحكومة.

وذكرت الصحيفة أن الحريري تم دفعه للاعتذار لتتويج مسار من تعطيل تشكيل الحكومة بذرائع مختلفة منذ 9 أشهر.

وتحت عنوان "عون يدفع الحريري للاعتذار.. ومخاوف عربية ودولية من الفوضى" نشرت صحيفة اللواء تقريراً أشارت فيه إلى أن وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان وصف ما تفعله الطبقة السياسية بالبلد بأنه "تدمير ذاتي" للبنان.