الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

موجات الحر وانقطاع الكهرباء تفاقم أزمات الشرق الأوسط

أدت موجات الحر غير المسبوقة ونقص مصادر الطاقة في معظم أنحاء الشرق الأوسط إلى غرق المنازل والشركات في الظلام من لبنان إلى إيران، ما نتج عنه اضطرابات بسبب فقدان الأسر الفقيرة للكهرباء التي لن ينعم بها العديد من الأثرياء القادرين على شراء المولدات الاحتياطية.

وقالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في تقرير نشرته أمس السبت، إن انقطاع التيار الكهربائي دفع المستشفيات إلى نقطة الأزمة، في حين تكافح الشركات والعائلات من أجل البقاء، وفي بعض المدن بالكاد تعمل مصابيح الشوارع.

موجة حر



بلغت درجات الحرارة في العديد من دول الشرق الأوسط هذا الصيف 50 درجة مئوية وأكثر، بما في ذلك في إيران والعراق الذي كاد يطابق الرقم القياسي المسجل العام الماضي والذي يبلغ 51.2.


وأشار التقرير إلى أن ذلك كان نتيجة لعقود من الإهمال وقلة الاستثمار في الطاقة وهو ما نتج عنه عدم قدرة شبكات الطاقة على التكيف مع الضغط.

وأضافت الصحيفة أن الجفاف أدى إلى شلل في محطات توليد الطاقة الكهرومائية، إلى جانب الأزمات الاقتصادية التي تعصف بالعديد من البلدان التي تكافح حكوماتها لشراء الوقود اللازم لتوليد الطاقة.

وقالت جيسيكا عبيد وهي باحثة غير مقيمة في معهد الشرق الأوسط بواشنطن: "لقد تفاقمت الأزمات بسبب تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة، ولكن جذور ذلك تكمن في سوء التخطيط والحوكمة الضعيفة والاستثمار المنخفض في قطاع الطاقة".

احتجاجات



في إيران، أثار انقطاع التيار الكهربائي احتجاجات في عدة مدن، ما أجبر الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني على تقديم اعتذار نادر لامتصاص الغضب، واندلعت المظاهرات أيضاً بسبب نقص المياه في محافظة خوزستان في جنوب غرب إيران.

وفي مدينة البصرة العراقية الغنية بالنفط، أغلق المتظاهرون الطرق السريعة، وأحرقوا الإطارات، حيث احتجوا على نقص الكهرباء، وضعف الخدمات العامة، كما اندلعت احتجاجات من ذات القبيل في أماكن متفرقة في لبنان.

وقالت جيسيكا عبيد، الباحثة غير المقيمة في معهد الشرق الأوسط بواشنطن: "لقد تفاقمت بسبب تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة ، لكن جذور ذلك تكمن في سوء التخطيط والحوكمة الضعيفة والاستثمار المنخفض في قطاع الطاقة".

ومع تعثر شبكات الكهرباء الحكومية في جميع أنحاء المنطقة، وتحولت المواقع التي تضم مواقع حكومية ومنازل عائلات إلى استخدام مولدات احتياطية يديرها القطاع الخاص، حيث يعمل جيش من المشغلين في مقطورات توفر هذه الخدمة على مدار الساعة.

ويقول الخبراء إن هذه المولدات التي باتت منتشرة في كل مكان، والتي تعمل بواسطة وقود الديزل، تشكل مخاطر حيث أنها مصدر للأدخنة السامة، ويضطر المتعاملون إلى دفع فواتير كهرباء باهظة لرجال الأعمال غير الخاضعين للمساءلة والذين غالباً ما يملكون هذه الآلات.

وفي الوقت الذي تنفق فيه العائلات الثرية في جميع أنحاء المنطقة مبالغ كبيرة للمولدات لتشغيل مكيفات الهواء الخاصة بهم، إلا أن الأقل ثراءً ينفقون جزءاً متزايداً من دخلهم فقط للحفاظ على إنارة منازلهم.

في لبنان، اعتاد الناس منذ فترة طويلة على انقطاع التيار الكهربائي لمدة 3 ساعات يومياً - لم يكن لدى البلاد إمدادات منتظمة على مدار 24 ساعة منذ انتهاء الحرب الأهلية في عام 1990 - وكان هناك أيضاً تطبيق هاتف لإعلام السكان بموعد انقطاع التيار الكهربائي.

إلا أن الانهيار الاقتصادي المأساوي في لبنان خلال الأشهر الأخيرة، ترك الحكومة بدون وقود كاف لتوفير الكهرباء لمعظم ساعات اليوم، بينما تعمل الدولة بأكملها على المولدات، وتعطل موقع شركة الكهرباء التي تديرها الدولة، والذي كان يعرض تعداد ساعات الكهرباء.

وأثر نقص الكهرباء في جميع أنحاء العراق، وذلك بعد أن تخلفت الحكومة عن سداد مدفوعات لإيران المجاورة مقابل كمية الكهرباء، ما تسبب في قطع إيران للإمداد.

وفي بغداد قال أصحاب الأعمال إن الانقطاعات تسببت في مشكلات كبيرة مع استمرارهم في البحث عن طرق لإعادة تكييف ميزانياتهم لدفع ثمن طاقة المولدات للحفاظ على تدفق الكهرباء.

وفي سوريا التي يعاني معظمها من نقص في الوقود، يلاحظ بعض السوريين أن انقطاع التيار الكهربائي يبدو أقل في العاصمة دمشق ومحيطها وكذلك في المناطق الساحلية، بينما تعاني بقية البلاد.

وفي مناطق شمال دمشق، اشتكى السكان عبر الإنترنت من أن انقطاع الكهرباء يصل إلى 20 ساعة في اليوم، وفي حلب تستمر الانقطاعات في بعض الأحيان لمدة 8 ساعات في كل يوم.

ومن ناحية أخرى يطالب المسؤولون في جميع أنحاء المنطقة المواطنين بتقليل الاستهلاك، خاصة بين الظهيرة والغروب، وفي إيران نشرت السلطان جداول زمنية لانقطاع التيار الكهربائي على الرغم من أن البعض قال إن شركات الكهرباء لم تلتزم بالجداول.

فساد

ويقول الباحثون إن نقص الطاقة في المنطقة قد تفاقم بسبب الفساد المستشري، وقدر فريق من الكيميائيين من الجامعة الأمريكية في بيروت، أن اعتماد لبنان على مدار 24 ساعة على المولدات يؤدي إلى تسميم الهواء بثماني مرات أسرع.

وقالوا إنه قد يؤدي إلى 550 حالة سرطان إضافية كل عام، بالإضافة إلى 3000 تشخيص جديد لأمراض القلب والأوعية الدموية.