الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

تداعيات إقليمية ودولية.. لماذا يجب منع انهيار تونس؟

تداعيات إقليمية ودولية.. لماذا يجب منع انهيار تونس؟

تسبب تراجع الحريات الفردية وسياسات النهضة في توتر شديد بتونس. (أ ب)

فقط من خلال تعزيز المؤسسات، وفصل السلطات، وضمان استقلال القضاء، يمكن لتونس أن تنقذ نفسها من المتشددين الذين يقصدون تدمير الديمقراطية نفسها.

لقد واجهت تونس المستقرة نسبياً الانهيار، حيث ينتشر فيروس كورونا بشكل شرس، مع معدل تطعيم منخفض وأعلى معدل وفيات بسبب الفيروس في العالم العربي.

ولم يؤدِ الوضع السياسي في الدولة إلا إلى تفاقم الأزمة. في السنوات الأخيرة، فشلت الحكومات الضعيفة المتوالية في تحقيق قيادة فعالة وأثارت غضب الناس واحتجاجات كبيرة، ما دفع الرئيس لإقالة الحكومة يوم الأحد وسرعان ما أعقبن ذلك مظاهرات لتأييده في الشوارع.

الاقتصاد

الاقتصاد هو مصدر آخر للبؤس لتونس، حيث انتشر الإحباط في جميع أنحاء البلاد، وتواصلت المظاهرات المطالبة بالوظائف والمزيد من الاستثمار، وأدى تعليق إنتاج الطاقة والفوسفات إلى الإضرار بالاقتصاد وتعميق الانقسامات الاجتماعية في جميع أنحاء البلاد.

أضف إلى ذلك التوتر السياسي العنيف بين المتشددين الإسلاميين والعلمانيين، وهو نظام هجين ينتج عنه في نهاية المطاف توتر شبه دائم بين الرئيس ورؤساء الوزراء.



هذه الفوضى السياسية تجعل العديد من التونسيين يشككون في فكرة الديمقراطية نفسها، بحسب تقرير لمجلة «ناشيونال انترست» الأمريكية نشرته أمس الجمعة.

ووفقاً للتقرير، فإن 40% فقط من التونسيين يرون أن الديمقراطية هي أفضل شكل للحكومة، بينما قال 50% إن أشكال الحكم الأخرى أفضل من الديمقراطية، وذلك بعد عقد من تجربة حكم النهضة.

مزاعم الديمقراطية

وبمزاعم الديمقراطية، استخدم حزب النهضة الإخواني الوسائل الديمقراطية لتقسيم المجتمع التونسي، وساهم الحزب بشكل كبير في هذا الانسداد المؤسسي.

راشد الغنوشي، زعيم الحزب، يتصرف مثل المستبد، رافضاً إفساح المجال لقيادة جديدة، الأمر الذي ساهم في المواجهة في البرلمان وفي طريق مسدود بين الرئيس التونسي قيس سعيد ورئيس الوزراء هشام المشيشي.

تسبب تراجع الحريات الفردية والسلوك الديكتاتوري لبعض أعضاء الحزب الإخواني في توتر شديد داخل المجتمع التونسي.

تعرضت عبير موسي، زعيمة المعارضة التونسية، للصفع والركل أثناء تصوير جلسة برلمانية على هاتفها المحمول في يونيو من عضوين في البرلمان ينتميان إلى ائتلاف إسلامي، ولم يتلقيا أي عقوبة حقيقية على فعلتهما.

وحذر التقرير من أن انهيار تونس، وتحولها إلى دولة فاشلة، سيفتح باب الهجرة غير الشرعية الى أوروبا بشكل كبير، كما يمكن أن يحول الدولة إلى أرض خصبة لانتشار الإرهاب.

دور أمريكي

وطالب التقرير الولايات المتحدة بمساعدة تونس من خلال تسهيل القرض البالغ 4 مليارات دولار الذي يخطط صندوق النقد الدولي لمنحه للبلاد، لأن الحصول على هذا القرض - مع كل الإصلاحات التي يتطلبها - أمر بالغ الأهمية لضمان عدم انزلاق البلاد إلى الفوضى العامة.

كما أن على إدارة بايدن الاستمرار في دعم القطاع الصحي وإرسال المزيد من اللقاحات والإمدادات الطبية اللازمة للدولة في أزمتها الحالية.



وقد تكون هناك حاجة أكثر إلى المساعدة السياسية، حيث إن الديمقراطية في تونس آخذة في التصدع، بعد أن أظهر الإخوان أن لديهم الرغبة ذاتها في السلطة المطلقة مثل الدكتاتور المخلوع بن علي.

ويجب على إدارة بايدن مساعدة المسؤولين التونسيين على إنشاء مؤسسات رئيسية للديمقراطية، مثل المحكمة الدستورية، والتي من شأنها أن تكون بمثابة ثقل موازن للسلطة التنفيذية.

فقط من خلال تعزيز المؤسسات، وفصل السلطات، وضمان استقلال القضاء، يمكن لتونس أن تنقذ نفسها من الراديكاليين الذين يقصدون تدمير الديمقراطية نفسها.