الاحد - 19 مايو 2024
الاحد - 19 مايو 2024

جمال سند السويدي لـ «الرؤية»: حسابات الإخوان الخاطئة دمرتهم (1)

جمال سند السويدي لـ «الرؤية»: حسابات الإخوان الخاطئة دمرتهم (1)

معالي الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي نائب رئيس مجلس أمناء مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية. (تصوير: محمد بدر الدين)

من السياسة والفكر إلى التعليم والثقافة، مروراً بالعمل الخيري ومواجهة صعوبات المرض بشجاعة وأمل، تنوعت معالم تجربة ومسار معالي الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي نائب رئيس مجلس أمناء مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، وتراكمت خبراته لتُقدم نموذجاً للمفكر الإماراتي المهموم بالدفاع عن بلده، الخبير في شؤون المنطقة، الواعي بالمخاطر المُحدقة بها والمحذر من الجماعات المتربصة بأمنها.

شغل جمال سند السويدي منصب مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية من عام 1994 حتى عام 2020، وفي يونيو 2020 أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله» مرسوماً اتحادياً بترقيته لدرجة وزير.

عرف الرجل عالم الفكر والسياسة مبكراً من خلال مسار جامعي توج بدرجَتَي الماجستير والدكتوراه في العلوم السـياسـية من جامعة ويسكنسن في 1985 و1990 على التوالي، وفي 2017 منحته جامعة «لوجانو» السويسرية درجة الأستاذية في العلوم السياسية والآداب.


حصل على أوسمة وتكريمات عدة، أبرزها نيل كتابه «السراب» جائزة الشـيخ زايد للكتاب لعام 2016، كما كرم معاليه بجائـزة «نجيب محفوظ للآداب» في 2016، ومنحه اتحاد السلام العالمي لقب «سفير السلام» في 2017، تقديراً لجهوده في نشر ثقافة التسامح.


الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي فتح لـ«الرؤية» قلبه للإجابة عن أسئلة عدة، شملت الكثير من القضايا التي خبِرها معاليه عبر مساره الأكاديمي والوظيفي، وانطلق الحوار من موضوع أحدث كتبه المعنون بـ«جماعة الإخوان المسلمين في دولة الإمارات العربية المتحدة: الحسابات الخاطئة» الصادر العام الجاري.



- ما الدافع وراء تأليف كتابكم الجديد وماذا يُقدم للقارئ؟

هناك سببان أساسيان وراء تأليف الكتاب، الأول هو توثيق مرحلة مهمة من تاريخ الإمارات، والتي مع الأسف لا توجد كتب كثيرة تتطرق إليها، ويكمن السبب الثاني في توضيح مدى امتعاض الشعوب من الجماعات الدينية المتطرفة ومنها «الإخوان»، إضافة إلى إبراز حقيقة أن هذه الجماعات لا تمثل الدين الإسلامي ولا تعكس قيمه.

في الماضي، كانت الشعوب تمثل حاضنة لهذا النوع من الجماعات، وما حصل الآن هو تغير جذري في هذا المسار، في ظل الرفض الشعبي لهذه التنظيمات، كانت معركتها في السابق تنحصر في مواجهة أنظمة الحكم، وحالياً انتقل الصراع إلى مواجهة بينها وبين والشعوب.

وجاء التركيز على جماعة الإخوان، نظراً لكونها من أقدم هذه الجماعات، وأكثرها تأثيراً في العالم العربي، والجماعات الدينية بكافة أنواعها سواء كانت «إخوان» أو جهادية أو غيرها هدفها واحد هو الوصول للحكم، وأظهرت الأحداث أن الكلام عن تعاطف الشعوب مع خطابها أمر غير صحيح.

- هل تكتب أحداث تونس الأخيرة صفحة نهاية الإسلام السياسي في المنطقة؟

في تونس طبعاً، وفي العالم العربي أعتقد أن هذه هي بداية النهاية، لأن ما حصل سابقاً في مصر، ويحصل الآن في تونس يعد دليلاً واضحاً على أن الشعوب سئمت من الجماعات الدينية، في تونس أعلن 87% من السكان رفضهم الإخوان وهذه نسبة كبيرة.

ما زال «الإخوان» موجودين في دولتين عربيتين هما الكويت والأردن، وفي حال القضاء عليهم هناك سيظل وجودهم محصوراً في دول تحاول استقطابهم مثل تركيا وغيرها.



- هل تؤيد فكرة تسليط الضوء على تجربة «الإخوان» في المناهج الدراسية المحلية؟

نعم، ولكن بشرط أن تعاد صياغة محتوى الكتب البحثية والعلمية والأدبية التي سلطت الضوء على جماعة الإخوان أو الجماعات الدينية بطريقة مبسطة تتناسب مع مستوى وفكر الطلبة، لتساعدهم على الفهم والإدراك حتى يتمكنوا من التصدي للأفكار الدخيلة والمتطرفة.

الحصانة الوحيدة التي تمكن الشعوب من مواجهة انتشار هذا النوع من الأفكار هي التعليم، تعليم الدين الصحيح بعيداً عن آراء الجماعات الدينية.

ومن أجل التصدي للإخوان على الدول أن تركز على التعليم، وتنظف القطاع من أفكار الجماعة وتعزز المناهج بأفكار ترسخ وعي الشباب بخطورة طرحها.

وتأثير الإخوان وغيرهم من الجماعات الدينية المتطرفة السلبي يطال الدين نفسه، إذ إن الإلحاد بات ينتشر في أوساط الشباب بسبب تفسيرهم المتشدد للدين الحنيف، وهم مسؤولون مسؤولية كاملة عن هذه الظاهرة.

- مثّل العمل الخيري باباً حاول الإخوان اختراق المجتمعات عبره، كيف ترون النموذج الإماراتي في ضبط هذا القطاع؟

يعتبر نموذج الإمارات في ضبط قطاع العمل الخيري، خطوة رائدة ومهمة جداً، حركة الأموال باتت مضبوطة لتفادي تمويل الجماعات المتطرفة، وهذا علاج جذري لمسألة تدفق التبرعات إلى وجهات غير مستحقة، والأمر ينطبق أيضاً على المساجد التي تم إبعاد الجماعات المتطرفة عن السيطرة عليها، وهي التي كان عناصرها يستخدمون المساجد لعقد اجتماعاتهم، وهنا نقطة مهمة، يجب التفريق بين الجماعات الدينية ومنها الإخوان، والدين الإسلامي والمسلمين، هذه الجماعة لا تمثل الإسلام وتسعى دائماً لإقحام السياسة في الدين، ونقد خطابهم المتطرف ليس نقداً للدين الإسلامي.

وإضافة إلى الإخوان تشكل القاعدة وداعش وغيرها، كذلك خطراً كبيراً على المجتمعات، إذ يشتركون في استخدام العنف وسيلةً للوصول للحكم.

- استطاعت الإمارات أن تسبق الكثير من الدول في اكتشاف خطر «الإخوان»، فما السر وراء ذلك؟

صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، هو الذي انتبه لخطر هذه الجماعة، ومنذ تأسيس جمعية الإصلاح في دبي عام 1974 حتى 2011 و2012 كان لدى الجماعة مخطط واضح وكانت سيطرتهم على التعليم جلية لدرجة أن عضواً مؤسساً رئيسياً في جماعة الإخوان، وصل لمنصب وزير للتربية.

في الإمارات، يعتبر 2011 مرحلة مهمة تم فيها كشف أوراق الإخوان، هم اعتقدوا أن ما يعرف بـ«الربيع العربي» وعريضة شهر مارس 2011 (عريضة إصلاح المجلس الوطني الاتحادي) عاملان يكفيان للإطاحة بحكومة دولة الإمارات، طبعاً كيف يمكن الإطاحة بحكومة بلد وأنتم لا تمثلون حتى 1% والشعب ينبذ مشروعكم؟

- أصدرت بلدان غربية مثل ألمانيا والنمسا مؤخراً، قرارات تستهدف حركة الإخوان، هل تعتقدون أن أوروبا بدأت تتجه لمحاصرة الحركة؟

أعتقد أن الاتحاد الأوروبي، لديه سياسة واضحة ضد الإخوان والجماعات المتطرفة المشابهة، لأن كثيراً من المساجد الموجودة في أوروبا باتت تحت سيطرة هذه الجماعات وعناصرها يستغلون حضورهم هناك للهجوم على الدول العربية، كما تستغل الجماعات كذلك البيئة التشريعية في أوروبا للحفاظ على نفوذها.

- من وجهة نظركم.. ما أبرز التحديات التي تواجه المنطقة؟

أول تحدٍّ هو الجماعات الدينية وعلى رأسها الإخوان، وهناك تحدي التركيز على التنمية وتوفير الغذاء والرفاهية للشعوب، الاخوان كانوا يتسللون عن طريق توفير الأكل للفقراء كما حدث في مصر مثلاً من خلال «موائد الرحمن»، لكن هذه الاستراتيجية لا تجدي نفعاً في بلدان مثل دول الخليج.وهناك أيضاً تحدٍّ يتعلق بالسلوك الإيراني في المنطقة، نتمنى أن تعود إيران إلى رشدها بدل التلويح باستخدام القوة الصلبة لأنها لن تؤدي إلى حل، وأعتقد أن إيران إذا استمرت في أسلوبها فهذا يعني أن هناك قوى أخرى إقليمية أو عالمية يمكن أن تتدخل لتضع حداً لها، وهو ما قد يجرف المنطقة إلى الحرب وهذا لا يمثل حلاً، والإمارات تلعب دوراً مهماً في خفض التصعيد وتبعث رسائل السلام إلى الجميع.

(.. يتواصل في الجزء الثاني)