الاثنين - 20 مايو 2024
الاثنين - 20 مايو 2024

في ندوة كتاب جمال السويدي: حسابات الإخوان الخاطئة كشفت انفصالهم عن مجتمع الإمارات

أكد خبراء وباحثون في مجال دراسات الإسلام السياسي في العالم العربي أن جماعة الإخوان الإرهابية حاولت التغلغل داخل الإمارات، مستخدمة أساليب متنوعة، متوهمين إمكانية السيطرة على المجتمع عبرها. وأوضح المشاركون في الندوة الافتراضية حول «كتاب جماعة الإخوان المسلمين في الإمارات.. الحسابات الخاطئة» لمؤلفه معالي الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي نائب رئيس مجلس أمناء مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أن الكتاب سلط الضوء على مرحلة مهمة من تاريخ الدولة، مشيرين إلى تميز الطرح وتناول الكتاب لمختلف جوانب ملف الإخوان داخل الإمارات وارتباطات الجماعة الخارجية، وصولاً إلى مرحلة كشفها ومواجهتها من قبل الدولة.

قائمة الـ«تكتيكات»

وبيّن الكاتب والخبير في علم الاجتماع السياسي الدكتور عمار علي حسن أن جماعة الإخوان مرت بتغييرات عديدة على مدى 93 عاماً من تاريخ نشأتها في مصر كان من أبرزها تأسيس تنظيمها الدولي في عام 1958، وصولاً إلى تمددها في العقود اللاحقة وتغلغلها في عالم السياسة والاقتصاد والعمل الخيري والنشاط النقابي والإعلامي.


وأوضح أن القفز على رئاسة مصر أوهم الجماعة بأنها دخلت مرحلة «التمكين» قبل ثورة 30 يونيو التي أرجعت الجماعة إلى مرحلة «المحنة» و«الصبر» وفق أدبياتها، وهي المرحلة التي تميزت بتورط الجماعة في أعمال إرهابية والاعتماد على العمل السري.


ولفت إلى أن نشاط الجماعة العالمي وصل إلى نحو 80 دولة، سواء من خلال الجماعات المرتبطة بالإخوان أو المتعاطفة أو عبر المراكز البحثية وغيرها، مشيراً إلى تنسيق قائم بين أفرع الجماعة والمركز الرئيسي المتمثل في المرشد العام ودائرته.

واعتبر الباحث أن الإخوان حرصوا طوال مسيرتهم على العمل وفق تكتيكات محددة، تشمل إبداء المرونة والتفاهم مع السلطة القائمة في محطات مهمة من أجل بقاء الجماعة على قيد الحياة، إضافة إلى الاستفادة من الضغوط الخارجية لتعزيز نفوذ الجماعة.

وتضم قائمة التكتيكات أيضاً، قابليتهم للتوظيف السياسي، كما حدث مع الإنجليز للجماعة واستغلال الرئيس المصري الأسبق أنور السادات لهم لضرب تيار اليسار، وتتميز الجماعة كذلك بالرضا بالهامش المتاح والحريات المتوفرة واستغلال القوانين، والتعاون مع القوى المعارضة، ثم التخلي عنها عندما تقوى شوكتها.

ولفت في هذا الصدد إلى اعتماد الإخوان على استغلال الأزمات الداخلية، خصوصاً الإنسانية، للترويج لخطابهم، وتسخير قدراتهم الاقتصادية للتوسع السياسي.



هشاشة الإخوان

بدوره، رصد رئيس جمعية الصحفيين الإماراتية محمد الحمادي تفاصيل نشأة جماعة الإخوان وتاريخها في دولة الإمارات.

وقال الحمادي مؤلف كتاب «خريف الإخوان» إن قصة الإخوان في الإمارات بدأت في السبعينات وإنهم لم يظهروا في الإمارات باسم الإخوان ولم يعلنوا عن أنفسهم كـ«إخوان» وإنما ظهروا كجماعة دعوية من خلال جمعية الإصلاح التي ركز خطابها على إصلاح المجتمع والأسرة، وذلك حتى بداية الثمانينات عندما استطاعوا الدخول في حكومة الإمارات وكانت لديهم وزارتان هما وزارة التربية والتعليم ووزارة الأوقاف والعدل.

وبين الحمادي أن الإخوان اقترفوا جرائم في الوزارات التي تولوها خصوصاً عبر تغيير المناهج والسيطرة على التعليم، حيث عملوا في هذه الفترة على القيام بكل ما في وسعهم لتعزيز نفوذهم، لافتاً إلى أنهم شنوا حرباً على جميع التيارات الفكرية المختلفة عن خطابهم.

كما عملوا بجد للسيطرة على المساجد والأئمة ووظفوا التقنيات المتوفر في ذلك الوقت مثل «الكاسيت» لنشر فكرهم.

وبين الحمادي أن نفوذ الجماعة وصل إلى شركات الحج والعمرة، حيث استثمروا في هذا المجال، كما دخلوا في قطاع التجارة بقوة مع نهاية الثمانينات.

واعتبر أن فترة التسعينات كانت هي بداية المواجهة مع الإخوان في الإمارات، حيث زاد الوعي حيال خطر الجماعة وارتباطها بالتنظيم الدولي للإخوان، مشيراً إلى أن الحوار معهم آنذاك كان ودياً جداً، وكان المطلب هو أن يتخلوا عن التنظيم الخارجي، موضحاً أن بداية الألفية شهدت المواجهة الفعلية مع الإخوان بعد اتخاذ إجراءات بحق المدرسين التابعين للجماعة والذين تميز تعامل الدولة معهم بالرحمة والرأفة إذ لم يتم فصلهم وإنما اكتفي بنقلهم من التربية إلى وزارات متعددة دون المس برواتبهم أو مخصصاتهم.

وروى الحمادي كيف احتج الإخوان على القرارات التي اتخذت في حقهم في هذه الفترة أمام مقر وزارة التربية والتعليم حاملين لافتات باللغة الإنجليزية ومحاولين استقطاب الإعلام الأجنبي بقصد تصعيد الموقف ومنحه بعداً دولياً.

وذكر الحمادي أن فترة ما يعرف بالربيع العربي كانت مفصلية، مؤكداً أن الحسابات الخاطئة للجماعة كشفت في هذه الفترة، حيث تبين مدى هشاشة الجماعة في الإمارات وانفصامها عن المجتمع الإماراتي الرافض لوجودها وتبعيتها المطلقة للخارج.

وقال: «حضرت محاكمات الإخوان في عام 2013 كانت صدمة عندما اكتشفنا عبر التسجيلات الموثقة كيف كانوا يدعون إلى العنف وإراقة الدماء من أجل التغيير».

وفي رده على سؤال حول ضعف التغطية الإعلامية لملف الإخوان على مدى سنوات طويلة، قال الحمادي إنه عندما بدأ كتابة مقالات نقدية حول الإخوان في بداية الألفين كان يواجه هجوماً من قبل الناس العاديين الذين يرون في عناصر هذه الجماعة مجرد دعاة وأناس متدينين، لافتاً إلى أن جهود جمال سند السويدي في كتابه الأخير وكتابه السابق «السراب» كشفت الكثير من الأمور التي يجب أن يعرفها الناس عن هذه الجماعة.

وأشار إلى تصريح أدلى به المؤلف في حوار مع صحيفة «الرؤية» حول أهمية التركيز على نشر الوعي بخطر الجماعات المتطرفة في المدارس من أجل زيادة وعي الطلبة.

غباء سياسي

بدوره، تحدث الدكتور عبداللطيف الصيادي خبير البحوث والمحاضر في الأرشيف الوطني بوزارة شؤون الرئاسة عن الفترة بين 2011 و2013، التي وُصفت بسنوات «الصحوة» في الكتاب الجديد.

ولفت إلى أن هذه السنوات شهدت صحوة من طرف الجميع حكومة ومجتمعاً ضد فكر الجماعة المتطرفة، حيث انكشف خطر هذه الجماعة بشكل جلي وواضح.

وبين أن الجماعة حاولت استغلال طبيعة المجتمع الإماراتي المتدين والوسطي، حيث اتخذت من هذا التدين التلقائي مطية لتوسيع قاعدتها الشعبية مستغلة قدراتها على الحشد.

وبين أن الأخطاء التي ارتكبها الإخوان كشفت حقيقتهم، إذ توهمت الجماعة في الإمارات أن وصول الإخوان في مصر إلى سدة الحكم سيمكنها من تحقيق أحلامها والإعلان عن نيتها بشكل سافر.

واعتبر أن حركة الإخوان رغم قدراتها في مجال التسويق لخطابها، تميزت بـ«الغباء السياسي»، مبيناً أن عام 1994، شهد ارتكاب الإخوان خطأً فادحاً، حيث قامت الجماعة في الإمارات بعملية تهريب أموال إلى مصر عبر مطار الإسكندرية إلى التنظيم في مصر، حيث أرسلت القاهرة تقارير موثقة إلى الإمارات حول الواقعة.

وأوضح أن عام 2011، شهد المواجهة الفعلية بين الدولة والإخوان في ظل تقديم عناصرهم لعريضة مارس 2011 وتوهمهم بإمكانية الاستفادة من زخم أحداث ما يعرف بـ«الربيع العربي»، مؤكداً أنه بات من الواضح آنذاك حجم الخطر الذي تشكله هذه الجماعة على السلم الاجتماعي والأمن القومي الإماراتي.

بدوره، اعتبر الكاتب الصحفي والباحث في العلوم السياسية طه حسيب أن الإخوان في الإمارات قفزوا على معطيات الواقع عندما حاولوا استغلال أحداث الربيع العربي، موضحاً أن الكتاب الجديد كشف انتهازية الجماعة والوهم الذي سقطت فيه عندما حاولت استنساخ تجارب حدثت في بعض الدول داخل الإمارات التي تعد نموذجاً للتنمية والازدهار والحكم الرشيد.

وأوضح أن ما يعرف بالربيع العربي تحول إلى خريف وأدى إلى زيادة رفض الشعوب العربية للإخوان كما حدث في مصر والسودان وتونس.

بدوره، اعتبر الدكتور علي العمودي مستشار التنمية المستدامة السابق في الأمم المتحدة أن جماعة الإخوان حاولت تحدي السلطات الإماراتية إذ شرعت في تشكيل نفسها ومد جذورها ومحاولة السيطرة بشكل كامل على قطاعات مثل التعليم والقضاء والإعلام.

وبين أن الجماعة هاجمت عبر مجلتها الإصلاح، أعضاء في الحكومة والمنتمين إلى تيارات فكرية مخالفة للإخوان، مستخدمة أسلوب التكفير، مؤكداً أن الإخوان بذلوا جهوداً كبيرة للاستحواذ على المساجد ومحاولة منع الاحتفالات الاجتماعية.

طالبان والإخوان

وتوجه معالي الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي إلى المشاركين بسؤال حول أسباب فرحة عناصر الإخوان بعد سقوط العاصمة الأفغانية كابول في يد حركة طالبان، حيث تمحورت الإجابات حول محاولة التنظيم للاستفادة من الزخم الإعلامي للحدث الأفغاني لتوجيه رسائل سياسية متعددة.

وقال محمد الحمادي إن كل هذه الجماعات هي أوجه مختلفة لعملة واحدة، موضحاً أن وصول أي جماعة تدعي أنها دينية أمر يفرح الإخوان حيث إنهم لم يخفوا فرحهم عند استحواذ تنظيم داعش على مناطق واسعة في العراق وسوريا، مؤكداً أنه إذا وصلت أي مجموعة إخوانية إلى الحكم فإن شكلها لن يختلف كثيراً عما رأيناه في كابول خلال الأيام الماضية.

بدوره اعتبر الخبير عبداللطيف الصيادي أن جماعة الإخوان تسعى لتوظيف ما حدث في أفغانستان لتضليل العامة كما دأبت بما معناه "انظروا كيف تمكن الإسلام السياسي من هزيمة أمريكا"، وأنه يمكن أن تكون أفغانستان نواة لدولة "إسلامية".