الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

تشييع ضحايا انفجار خزان عكار في شمال لبنان

تشييع ضحايا انفجار خزان عكار في شمال لبنان

جثامين الضحايا إلى مثواها الأخير. (إي بي أيه)

شيع لبنانيون، اليوم الأربعاء، عدداً من ضحايا انفجار خزان الوقود الذي قتل نهاية الأسبوع الماضي نحو 30 شخصاً كانوا يحاولون الحصول على القليل من البنزين، وسط أزمة محروقات حادة يشهدها لبنان.

وأسفر الانفجار فجر الأحد الماضي أيضاً عن إصابة نحو 80 شخصاً غالبيتهم بحروق جسيمة، أثناء تجمعهم حول خزان الوقود في بلدة التليل في منطقة عكار في شمال البلاد. وكان الجيش صادر الخزان في إطار حملة أطلقها لمصادرة البضائع المخزنة وتوزيعها على المواطنين الذين يخشون ارتفاعاً هائلاً في الأسعار بعد قرار للمصرف المركزي الأسبوع الماضي برفع الدعم عن المحروقات.

وشيع أهالي المنطقة، الأربعاء، عدة ضحايا، بينهم عسكريون. وجرى دفن آخرين أمس الثلاثاء. ولا تزال مواعيد تشييع باقي الضحايا غير واضحة، كما لا يزال هناك مفقودون وكميات من الأشلاء تجري عليها الجهات المختصة فحوصات الحمض النووي.

وفي قرية الدوسة، التي شيعت 4 من أبنائها من عائلة واحدة، قال معين شريتح، والد ضحيتين في الـ16 والـ20 من العمر، لوكالة فرانس برس: «ماتا من أجل البنزين، لو توفر البنزين لما ذهب ولداي لتعبئة البنزين من أجل الدراجة النارية عند الساعة الثانية فجراً».

وأضاف: «أسأل أي زعيم أو مسؤول أن يضع نفسه مكاني، أن يعتبر أن لديه ولدين رآهما أمامه جثتين متفحمتين».

وخلال التشييع في القرية التي علقت فيها صور للقتلى، رشت نساء متشحات بالسواد الأرز والورود على جثامين الضحايا الأربع، وبينهما اثنان لفا بالعلم اللبناني، كما أطلق شبان ملثمون النار في الهواء.

وقال فواز شريتح شقيق الضحيتين الأخريين، وهما عسكريان، «ما حصل سببه الحرمان.. ليس هناك بنزين ولا مازوت ولا دواء ولا حتى خبز».

وعلى وقع الانهيار الاقتصادي المستمر منذ عامين، وصنفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ 1850، يشهد لبنان منذ أشهر أزمة محروقات متفاقمة تنعكس بشكل كبير على مختلف القطاعات من مستشفيات وأفران واتصالات ومواد غذائية.

وتعد منطقة عكار الأكثر فقراً في لبنان، وطالما اشتكى أهلها من إهمال مؤسسات الدولة كافة وغياب الخدمات عنها. وفاقم الانهيار الاقتصادي الوضع المعيشي سوءاً في المنطقة، التي شهدت الثلاثاء انقطاعاً في الاتصالات والإنترنت والكهرباء لعدم توفر مادة المازوت.

وخلال الأشهر الماضية، تراجعت تدريجياً قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على توفير التغذية لكافة المناطق، ما أدى الى رفع ساعات التقنين لتتجاوز 22 ساعة يومياً. ولم تعد المولدات الخاصة قادرة على تأمين المازوت اللازم لتغطية ساعات انقطاع الكهرباء، ما اضطرها إلى التقنين أيضاً ورفع سعر التعرفة.

وجراء أزمة المحروقات المتفاقمة، دقت مستشفيات مراراً ناقوس الخطر خصوصاً أنها تعاني أساساً من نقص في الأدوية فضلاً عن هجرة طواقمها الطبية.

وينتظر اللبنانيون يومياً في طوابير طويلة أمام محطات الوقود للحصول على البنزين، بينما أقفلت بعض المحطات أبوابها. ويلجأ كثيرون إلى شراء المحروقات من السوق السوداء. وشهدت زحمة الطوابير خلال الأشهر الماضية إشكالات وحتى إطلاق نار، ما أدى إلى سقوط قتلى.

تفاقمت أزمة المحروقات أكثر مع إعلان مصرف لبنان منتصف الأسبوع الماضي رفع الدعم عن المحروقات، ما أحدث هلعاً بين الناس، إذ إن رفع الدعم عن الوقود يعني ارتفاع أسعارها بنسبة تفوق 300% كما يعني احتمال ارتفاع أسعار كافة المواد بشكل كبير.

ولم تصدر حتى الآن أسعار المحروقات الجديدة، والتي كانت ارتفعت بنسبة تفوق 50% في يونيو. وفيما أكد مصرف لبنان عدم نيته التراجع عن القرار، لم تمنحه الحكومة حتى الآن الضوء الأخضر للسير بتنفيذه.

ومع الفوضى المخيمة والزحمة للحصول على البنزين والمازوت، تدخل الجيش لفتح محطات الوقود ومصادرة المحروقات المخزنة التي تباع غالبيتها في السوق السوداء. وأعلن الثلاثاء أنه صادر خلال 3 أيام أكثر من 4.3 مليون لتر من البنزين و2.2 مليون لتر من المازوت.

ويربط مسؤولون أزمة المحروقات بعاملين رئيسيين هما مبادرة تجار وأصحاب المحطات إلى تخزين الوقود بانتظار ارتفاع الأسعار، وتزايد عمليات التهريب إلى سوريا المجاورة.

فمنذ عشرات السنين، تنشط عمليات التهريب بين لبنان وسوريا خصوصا من منطقتي عكار والبقاع (شرقاً) وتشمل بضائع مختلفة. إلا تلك العمليات تضاعفت خلال سنوات النزاع في سوريا، ثم خلال العامين الماضيين مع تفاقم الأزمة الاقتصادية في كلا البلدين.

ويحمّل اللبنانيون الطبقة السياسية مسؤولية الكوارث الحاصلة والانهيار الاقتصادي جراء الفساد المستشري في مؤسسات الدولة والعجز والإهمال.

ومنذ انفجار مرفأ بيروت المروع قبل عام، تسير شؤون البلاد حكومة تصريف أعمال برئاسة حسان دياب. وقد فشلت محاولتان لتشكيل حكومة جديدة. واعتذر الشهر الماضي رئيس الحكومة السابق سعد الحريري عن إتمام المهمة بعد 9 أشهر من تكليفه.