الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

«حرب العملات» في اليمن تعمق معاناة سكان على حافة المجاعة

«حرب العملات» في اليمن تعمق معاناة سكان على حافة المجاعة

استغلال الوضع باللجوء إلى السوق السوداء دفع بالريال نحو مزيد من التدهور. (أ ف ب)

تخوض مليشيات الحوثيين والحكومة اليمنية حرباً بشأن العملة الورقية، في جبهة مواجهة جديدة في النزاع الدامي تهدد بتعقيد حياة سكان يواجهون منذ سنوات أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

وبقيت الأطراف المتحاربة تستخدم العملة ذاتها حتى نهاية عام 2019، حين منع الحوثيون تداول أوراق نقدية جديدة طبعت في عدن (جنوب) مقر الحكومة في المنفى، في الأراضي الشاسعة التي يسيطرون عليها في شمال البلد الفقير.

وكانت النتيجة تراكم هذه الأوراق النقدية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، ما تسبب في انهيار غير مسبوق في قيمة الريال في هذه المناطق.

ووصل سعر الصرف إلى أدنى مستوى له على الإطلاق في الأسابيع الأخيرة، إذ بلغ أكثر من 1000 ريال للدولار الواحد في المناطق الحكومية، بينما بقي في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون مستقراً عند حوالي 600 ريال للدولار.

وقالت الباحثة في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية أمل ناصر إن «هناك سعرَي صرف للعملة ذاتها... ومن وجهة نظر اقتصادية، هذا أمر خارج عن المألوف».

ووفقاً لشهادات عدد من السكان في الشمال والجنوب، فإن هذه الفجوة باتت تعقّد التحويلات المالية بين مناطق الحوثيين، وتلك الخاضعة لسيطرة الحكومة، في بلد يواجه ملايين من سكانه خطر حدوث مجاعة كبرى.

ومنذ نحو 7 سنوات، يسيطر الحوثيون على الجزء الأكبر من شمال البلاد، بما في ذلك العاصمة صنعاء، بينما تتولى الحكومة إدارة مناطق الجنوب، وبينها مدينة عدن، مقرّها المؤقت.

وأودى الصراع بحياة عشرات الآلاف في اليمن منذ 2014، وفقاً لمنظمات إنسانية مختلفة. وبات يعتمد أكثر من ثلثي السكان البالغ عددهم 30 مليون نسمة على المساعدات الدولية.

وأدت المعارك بين الجيش اليمني والحوثيين إلى وضع البلاد على حافة الدمار الشامل. وجرى تدمير مدارس ومصانع ومستشفيات وشركات، وتجنيد الأطفال للقتال، فيما فقد مئات الآلاف سبل عيشهم.

وحذر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مارس من أن المجاعة قد تصبح «جزءاً من واقع اليمن» في 2021.

وكانت الحكومة نقلت البنك المركزي من صنعاء إلى عدن في 2016، بعد نحو عامين من استيلاء الحوثيين على العاصمة. وأمام التراجع الأخير في سعر الصرف، أعلنت الحكومة مطلع أغسطس الجاري أنّها تعمل على سحب الأوراق النقدية الجديدة تدريجياً والتي كان الحوثيون قد حظروها. لكنّها بدأت في موازاة ذلك بضخ أوراق نقدية أخرى قالت إنّها قديمة.

وقال علاء الحاج، أحد سكان عدن لـ«فرانس برس»: «هذا الضخ من العملة من الطبيعي أن يؤثر سلباً فيزيد التضخم ويرفع الأسعار، ما يؤثر على القدرة الشرائية للمواطن العادي على المدى القصير».

من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي ومستشار البنك المركزي في عدن وحيد الفودعي إن هذه العملات «القديمة» أُخذت من احتياطات المصرف، لكن البعض أثار شكوكاً بشأن ما إذا كانت قد طُبعت مؤخّراً.

وسارع الانقلابيون إلى اتهام الحكومة بطباعة هذه الأوراق في 2021، وقاموا على الفور بحظرها وأعطوا السكان توجيهات للتعرف على ما وصفوها بالأوراق «المزيفة».

كما اتّهموا مؤخّراً شركة «غوزناك» الروسية بأنها طبعت في يونيو 2021، «بالتواطؤ» مع البنك المركزي في عدن، كمية كبيرة من «النقود المزورة»، لا سيما فئة 1000 ريال.

وفي خضم «حرب العملات» هذه، ينتهز البعض الفرصة لتحقيق الأرباح من خلال عمليات الصرف في السوق السوداء، ما يدفع الريال نحو مزيد من التدهور.

وقالت صفاء معطي، وهي من سكان عدن، لـ«فرانس برس»: «لا نرى أي تحسّن في وضع العملة، ولا تغييراً. رواتبنا في تدهور. طبعوا أم لم يطبعوا، أتوا بعملة قديمة أو بعملة جديدة، الوضع يتدهور». وتابعت «نحتاج إلى حل جذري».