السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

خاص| 3 صعوبات تعرقل استرجاع الأموال الجزائرية المهربة في عهد بوتفليقة

خاص|  3 صعوبات تعرقل استرجاع الأموال الجزائرية المهربة في عهد بوتفليقة

تقديرات بتخطي الأموال الجزائرية المهربة 30 مليار دولار. (أرشيفية)

يشهد مسلسل استرجاع الأموال الجزائرية المنهوبة من الخارج، الذي أطلقه الرئيس الجزائري، عبدالمجيد تبون، مجموعة من العراقيل التي تقف عقبة أمام استرجاعها مليارات الدولات، التي نهبت وهربت إلى خارج الجزائر في عهد النظام الجزائري السابق.

وأعلن الوزير الأول الجزائري، أيمن بن عبدالرحمن، مؤخراً أن حكومته تواصل العمل على محاربة الفساد، واستعادة الأموال المنهوبة.

وتختلف التقديرات حول حجم الأموال، التي تم نهبها وتهريبها إلى خارج الجزائر، في عهد الرئيس الجزائري السابق، عبدالعزيز بوتفليقة، بين من يتحدث عن عشرات المليارات من الدولارات، وبين من يقول إنها تقدر بالمئات.

طرق سرية

وبخصوص التطورات التي عرفها «مسلسل استرجاع الأموال الجزائرية المنهوبة من الخارج» منذ انطلاقه، قال مسؤول جزائري، طلب عدم الكشف عن اسمه لحساسية مركزه، إن «السلطات العمومية الجزائرية، وعلى رأسها الدولة، والحكومة بقنواتها الرسمية، وبمفاوضاتها مع أطراف في الخارج، تعمل على هذا الملف، لكن لا يمكن في كل مرة أن نتوقع من الحكومة، أو المسؤولين، تصريحات في هذا الملف، لأنه يعالج بطريقة سرية وتفاوضية مع أطراف خارجية، وهناك تفعيل لبعض الاتفاقيات الدولية التي تخص مكافحة تهريب وتبييض الأموال، ومخالفة قواعد الصرف، إلى جانب اتفاقيات تعمل عليها الحكومة الجزائرية، لكي تفعلها مع أطراف أجنبية، ومفاوضات مباشرة ربما مع بعض الدول».

وأضاف المسؤول الجزائري، في تصريحات خاصة، أن «هناك إصراراً من قِبل الوزير الأول الجزائري، وقبله رئيس الجمهورية، على استرجاع الأموال المهربة، لكن الأمر معقد، لأن تلك الأموال، التي نهبت في قضايا فساد، وتحويلات أموال بطرق مشبوهة؛ عن طريق تضخيم الفواتير، وعمليات رشاوى لمسؤولين سابقين، وغيرها من الطرق الأخرى، وظفت بطريقة ذكية في الملاذات الضريبية، وفي الحسابات المصرفية في دول تعتمد ما يسمى بالسر المصرفي».

وأبرز المسؤول أن «الجزائر، كما هو الشأن بالنسبة للدول التي حاولت تتبع الأموال المنهوبة في الخارج كتونس ومصر، تعترضها صعوبات، نظراً لأن تلك الأموال تم توظيفها في عقارات، وحسابات، وفي ملاذات ضريبية، ما يجعل من تتبع هذه الأموال بدقة أمراً صعباً».

وفي السياق نفسه، تابع المصدر: «على المستوى الداخلي، فقد حاكم القضاء بعض رجال الأعمال الفاسدين، وصادر أموالهم، كما تم تخصيص صندوق خاص على مستوى خزينة الدولة، تودع فيه الأموال التي تم استرجاعها من طرف الدولة على المستوى الداخلي، لكن الأمر ليس سهلاً على المستوى الخارجي».

مشكلة ازدواج الجنسية

ومن جانبه، قال الخبير الدولي في الاقتصاد والمالية، الجزائري نبيل جمعة، إن «الجزائر تربطها اتفاقية تبييض أموال مع الاتحاد الأوروبي، ومع الاتحاد المغاربي، ومع دول البحر الأبيض المتوسط، وكذا هناك اتفاقيات دولية في هذا المجال، لكن المشكلة تكمن، بحسب جمعة، في أن الأشخاص الذين هربوا الأموال إلى خارج الجزائر، يحملون جنسيات أخرى إلى جانب الجنسية الجزائرية، كالجنسية الفرنسية، والبريطانية، والأمريكية، واللبنانية، وغيرها، ما ينتج عنه رفض تلك الدول التفاعل مع مطالب الجزائر، الخاصة بمتابعة أولئك الأشخاص، واستعادة الأموال المهربة، حتى لو كانت المحاكم الجزائرية قد أدانتهم، لأن تلك الدول تعتبرهم مواطنين تابعين لها، ولا تتعامل معهم على أساس أنهم جزائريون».

وأضاف جمعة، في حديث مع «الرؤية»، أن «الاتفاقية لا تشمل البند الخاص بازدواج الجنسية، وهو ما يطرح مشكلة، وأن الجزائر في حاجة إلى اتفاقيات جديدة مع الدول الأوروبية، ومع دول أمريكا اللاتينية، لكي تسترجع تلك الأموال».

صعوبة إثبات التهريب

وأبرز جمعة أن «الجزائر يمكن أن تطلب محاكمة أولئك الجزائريين في محاكم تلك الدول، لكن هذه الأخيرة تشترط تقديم ملف الموضوع التشريعي، الذي يوضح من الألف إلى الياء كيف هربت تلك الأموال، وهو ما يعتبر صعباً جداً»، بحسب جمعة.

وتابع جمعة حديثه موضحاً: «تلك الأموال أخرجت من الجزائر بصفة قانونية، وليس بصفة غير شرعية، وهذا هو المشكل المطروح اليوم، لأن تهريب الأموال تم عن طريق تضخيم الفواتير، والمشاريع الوهمية، إذ كان المهربون يحولونها إلى الخارج بملف تشريعي يمر على البنك المركزي، وحاصل على كل الترخيصات، لأن هؤلاء المهربين كانوا يشكلون عصابة، وكانوا في مراكز الحكم، وبالتالي فليست هناك أدلة موضوعية قانونياً، يمكن تقديمها إلى الدول الأجنبية في هذا الموضوع».

حجم الأموال المهربة

وفي ما يتعلق بحجم الأموال الجزائرية، التي تم تهريبها إلى الخارج بطريقة غير مشروعة، قال جمعة إنها تقدر بـ«أكثر من 300 مليار دولار، وإن مسلسل التهريب استمر إلى غاية سنة 2018»، مبرزاً أن «الواردات الجزائرية منذ سنة 2003 كانت قيمتها 60 مليار دولار سنوياً، لكن بعد مجيء الرئيس الجزائري الحالي، عبدالمجيد تبون، أصبحت الواردات 30 مليار دولار سنوياً فقط، ما يعني أن نصف الواردات في السابق كان وهمياً».

ومن جهته، قال المسؤول الجزائري، طلب عدم الكشف عن اسمه، إن «التقديرات التي تتحدث عن 400 مليار دولار مجانبة للصواب، لأن تلك الأموال وأماكنها غير معروفة بدقة، ما يجعل التكهن والتقدير الحقيقي لهذه الأموال صعباً، في ظل غياب أي معطيات علمية منهجية، يمكن التوقع بناء عليها».

وفي المقابل، بين أن «تلك الأموال تقدر بمليارات الدولارات»، مبرزاً أن «حجم ما يسمى بتضخيم الفواتير يقدر بأكثر من 30 مليار دولار، فما بالك بحجم العقارات، والصفقات المشبوهة، والعمولات التي ربما تقاضاها بعض المسؤولين، وبالتالي فإن المبلغ يفوق الـ30 مليار دولار على الأقل».