السبت - 11 مايو 2024
السبت - 11 مايو 2024

«رؤية القائد المتبصر»| منتدى أصيلة: زايد قائد عربي فذ وصاحب «قوة ناعمة»

عَدَّدَ وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي الأسبق، وأمين عام مؤسسة «منتدى أصيلة»، محمد بن عيسى، الصفات القيادية التي تفرد بها مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وتحدث عن بنائه لدولة الإمارات ومشروعها الوحدوي، وأعماله الخيرية، وعلاقاته المتميزة مع الملك المغربي، محمد السادس، وأبيه الراحل، الملك الحسن الثاني، طيب الله ثراه. وذلك في إطار ندوة بعنوان «الشيخ زايد.. رؤية القائد المتبصر»، ضمن الدورة 42 من موسم أصيلة الثقافي الدولي، وبحضور مسؤولين إماراتيين رفيعي المستوى.

وقال بن عيسى «يغمرني شعور بتأثر عميق خلال افتتاح الندوة المخصصة لاستحضار ذكرى وصورة زعيم عربي وقائد فذ، لم تنقطع الإشادة بمناقبه الطيبة وسيرته العطرة في مختلف المحافل الفكرية والسياسية بالوطن العربي وخارجه، منذ أن غادر دنيانا ».

الأصالة والمعاصرة

وأضاف «كلما مر الوقت، وتغيرت الأحوال، وتأزمت الأوضاع، وكثرت المستجدات في المنطقة العربية، اشتدت الحاجة إلى زعامات من طراز الشيخ زايد، وعمنا شعور جماعي بالرغبة في استعادة سيرته، للتأمل في ملامحها المتفردة، والتمعن في أسلوب بناء دولته، وكيف قادها في ظرف سياسي حرج، ميزه زخم إقليمي ودولي، لم يكن أقل توتراً وغلياناً من الذي نعيش تبعاته في الوقت الراهن».

وأبرز بن عيسى أن «تعاطي الشيخ زايد، قيد حياته وحكمه المديد، مع العديد من العواصف والأزمات، تميز بحكمة السليقة وصفاء الذهن اللذين جبل عليهما، وأن مزايا خلقية جعلته يزن القضايا بميزان الحق والإنصاف دون مبالغة أو تهويل، ولا تبخيس لقيمتها وخطورتها».

وأردف «نظرة زايد تأسست على التأليف بين الأصيل والمعاصر في تاريخ الأمة العربية، وذلك التآلف قصد منه التعبير الحذر عن الإعجاب بأهم ما في الغرب، أي فكره ومنجزاته الصناعية، بغاية الاستفادة من جوهر حضارته، دون التفريط في خصوصيات ومقومات الأمة العربية والحضارة الإسلامية، وذلك التوازن الدقيق هو الذي جعل الباحثين والمحللين السياسيين يضفون على الشيخ زايد، من خلال أعماله، صفة القائد الفذ، طالما وزع الحكمة، وبشر بفضائلها، وطبقها في كل شأن، كبر أو صغر، يتعلق بأمته ومصلحتها الآنية والمستقبلية».

المشروع الوحدوي

وتابع بن عيسى «ولأنه عُرِف بطيبته النقية، وشمائله الإنسانية، وكذلك تواضعه الكبير، ونظرته البعيدة إلى شؤون الأمة، فقد تبعه وصدقه أبناؤه وأشقاؤه، مقتنعين بأهمية الصرح السياسي وبناء الدولة الذي عرضه عليهم، ليناقشوه بصراحة وشفافية، لينتهوا بعد استفتاء ضمائرهم إلى أن جمعهم في كيان سياسي موحد هو الوسيلة الفضلى للم الشمل وتكامل الجهود والإمكانيات، لصهر الطاقات المتفرقة في بوتقة واحدة».

واستطرد «الشيخ زايد أوكل إليه إخوانه وأشقاؤه زمام القيادة، ملتفين حوله، مقتنعين بصواب ما يرتئيه مستقبلاً للمشروع الوحدوي، الذي سيؤلف بين الكيانات الخليجية تحت سقف واحد، أساسه متين مستند على أعمدة منغرسة في التربة الوطنية الخليجية، وهدفه المصلحة المشتركة النافعة».

قوة ناعمة

وأوضح بن عيسى أنه «قد كتب وقيل الكثير عن أسلوب قيادة الشيخ زايد، إذ أرجع المؤلفون والباحثون نجاح المشروع التاريخي غير المسبوق لأسباب واعتبارات؛ في طليعتها الفضيلة التي ميزت شخصية الراحل الكبير، وهي ما يصطلح عليه في الأدبيات السياسية المعاصرة، «القوة الناعمة» التي طبعت مسار قيادات وزعامات استثنائية، ظهرت في فترات تاريخية مفصلية، في الشرق والغرب، وغيرت مسار أممها وشعوبها، وحققت لها طموحاتها في التقدم والازدهار».

وفي هذا الجانب، بين بن عيسى أن «القوة الناعمة التي ميزت كل خطوات الشيخ زايد وقراراته الكبرى، اتسمت أيضاً بالتريث، وبعد النظر، وفصاحة الرأي، وعدم الحرج من النقد الذاتي، والقيام بالتصحيح والمراجعة إذا لزم الأمر، مستحضراً كل العناصر والتفاصيل الصغيرة قبل الحسم».

وأشار «من المؤكد أن هذا النهج المتأصل في طبع الشيخ القائد، هو الذي حمى وصان دولة الإمارات العربية المتحدة من الأخطار والأطماع، التي حاقت بها في طور التأسيس، وأن توجهه ذلل صعوبات وعثرات الطريق، كون الدولة الجديدة واقعة جغرافياً في منطقة استراتيجية شديدة الغليان، ومحطة أطماع في الماضي والحاضر».

علاقات متميزة

وواصل بن عيسى كلمته : «نحن سعداء في المملكة المغربية، قبل مدينة أصيلة، أن أتيحت لنا الظروف وتوفرت الأسباب، لكي تنعقد هذه الندوة بالمستوى الذي حرصنا عليه، وإن تأجلت عن موعدها بسبب الجائحة، والمملكة المغربية مدينة بالأيادي البيضاء الكثيرة للشيخ زايد بكرمه، ومؤازرته للمملكة المغربية وشعبها، في ظروف الشدة».

وتابع «المغاربة، بكافة مستوياتهم، لا ينسون زيارات الشيخ زايد المتكررة إلى المملكة المغربية، وفترات إقاماته الممددة بين ظهران أشقائه، بدعوات ملحة ومفتوحة بإخلاص من شقيقه جلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراهما، ولا تغيب عن الذهن صور الود والتجانس، الذي ربط بين الزعيمين الحكيمين، مُتَّحدين من أجل الخير، والسلام، ورفعة الأمة العربية والإسلامية».

أعمال خيرية

وذكر الوزير المغربي السابق أن «اسم الشيخ زايد اقترن بمنشآت خيرية، وصحية، وتنموية، في مناطق من المغرب، فمدينة أصيلة نالت نصيبها الأوفر من خير الراحل الكبير، ومن أبنائه وإخوانه الذين استلموا مشعل الخير».

وأضاف «سكان أصيلة ممتنون، ومدينون بالفضل للمشاريع، التي شيدت من أجلهم؛ العمرانية منها والتربوية، وخاصة المتحف الكبير الذي سجل اسمه بـ«متحف الشيخ زايد للفنون»، والأكاديمية الملحقة به، المتخصصة في الأبحاث الفنية، والعمرانية، والديزاين».

وأنهى مداخلته «كنت وأنا أهيئ هذه الكلمة المتواضعة، وكأنني في حلم جميل، جعلني أسترجع صوراً بهية من مناسبات أتيح لي فيها أن أتشرف باستقبالات من جانب الشيخ زايد رحمة الله عليه، أقواها إنسانية ضمن الوفد الرسمي لجلالة الملك محمد السادس نصره الله أثناء زيارته الرسمية لدولة الإمارات العربية المتحدة، وتأكد فيها من المشاعر الإنسانية النبيلة، التي أعرب عنها الراحل الكبير للعاهل المغربي الكريم، إذ كان جلالة الملك محمد السادس موضع تقدير، وحفاوة، وإكبار، من لدن الشيخ زايد، وأبنائه، وسامي المسؤولين في دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة».