الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

مجلس التعاون الخليجي.. مسيرة جديدة وأهداف طموحة

مجلس التعاون الخليجي.. مسيرة جديدة وأهداف طموحة

(أ ف ب)

شكلت القمة الـ42 لمجلس التعاون الخليجي التي استضافتها الرياض، الثلاثاء، مسيرة جديدة، وعلامة فارقة، في تاريخ العمل الخليجي المشترك، منذ تأسيس المجلس في 25 مايو 1981.

بدء عصر خليجي جديد

حققت قمة الرياض حققت اختراقات سياسية واقتصادية وجيو استراتيجية غير مسبوقة، وأرسلت رسائل سياسية قوية في مختلف الاتجاهات، سواء في المنطقة الخليجية، أو الإقليم العربي، وكل الشرق الأوسط، بل لكل دول العالم، بعد أن أكدت كلمات زعماء الخليج، والبيان الختامي الصادر في نهاية القمة، أن عصراً خليجياً جديداً يبدأ في منطقة تشكل قلب العالم ومحور اهتمام الشعوب، بما تشكله هذه المنطقة من رقم صعب في معادلة الطاقة العالمية، وحركة التجارية بين الشرق والغرب، وإشرافها على موانئ ومضايق ملاحية تمثل شرايين الاتصال بين شعوب العالم.

فما هي أبرز الرسائل التي أطلقتها قمة الرياض؟ وكيف يمكن البناء على ما تحقق من أجل وضع خريطة طريق جديدة تستجيب لتطلعات الشعوب الخليجية في الاستقرار والسلام والرخاء؟

القلب الصلب

تحليل مفردات الخطابات التي ألقاها زعماء وممثلو دول مجلس التعاون الخليجي، أثبتت أن هناك إرادة سياسية واحدة وقوية، ليس فقط في مواجهة التحديات الراهنة، بل لتحويل هذه التحديات إلى فرصة تؤكد للعالم أن ما يجمع الدول الخليجية الست وشعوبها، أكبر بكثير من سحابة الصيف التي حدثت في 5 يونيو 2017، وأن بيان العلا في 5 يناير 2021، لم يكن لحظة عاطفية عابرة، بل كان تأكيداً على نهج واستراتيجية مستقبلية، تحدد نموذجاً خليجياً، وقدرة غير مسبوقة، على التغلب على نقاط الخلاف، والسمو فوقها، والعبور نحو مرحلة جديدة عنوانها صناعة المستقبل المشترك.

فاليوم تفخر دول وشعوب الخليج بالرؤية الموحدة، والتقارب غير المسبوق، في النظر نحو التحديات التي يجري الحديث عنها، سواء ما يسمى بالانسحاب أو إعادة التموضع الأمريكي، أو التغيرات المرتبطة بأسواق الطاقة والنفط، والتحول نحو أنماط جديدة من الطاقة.

تكيف ومرونة

وأثبتت قمة الرياض قدرة فائقة وتكيفاً غير مسبوق، مع كل التحورات السياسية والاقتصادية في المنطقة، فنموذج مثل دولة الإمارات العربية المتحدة، يؤكد مدى قدرة الدول الخليجية على صياغة مقاربات سياسية جديدة، لتحقيق نفس التفاعل وذات المصالح، التي ظن البعض أنها مستحيلة في فترات سابقة.

ومن يتابع الانفتاح الإماراتي على كل المسارات الإقليمية، التي كانت مغلقة إلى وقت قريب، سيتأكد من قدرة الخليجيين على استشراف مساحات واسعة من الاستنارة السياسية، التي تنظر للمستقبل وفق قاموس خليجي مبدع، ينطلق من الحفاظ على الثوابت والمرتكزات، وفي نفس الوقت يحتفظ بمساحة كبيرة من القدرة على فك تشابكات، عجز الكثيرون في مناطق كثيرة وأزمة مختلفة عن حلها.

الحقبة الخامسة

ولعل مخرجات قمة الرياض أكدت للجميع أن مجلس التعاون الخليجي، وهو يبدأ العقد الخامس من تاريخه، له أهداف طموحة، وأدوات نبيلة، تنطلق من رؤية موحدة، عند النظر للتحديات، تقوم على تفضيل الحلول السياسية المبتكرة، وأن طاولة المفاوضات والحوار والنقاش، هي الأدوات المفضلة لدى دول وقيادات الخليج، وأن أجندة وطموحات مجلس التعاون الخليجي، ترتكز على تصور مشترك للتحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية، التي تمر بها المنطقة في الوقت الراهن، أو تلك التي يمكن أن تترتب على التغيرات الدولية المتوقعة في المديين القريب والمتوسط، وهو ما يعزز ثقة المواطن الخليجي في هذا النهج، القادر على الدوام، ليس فقط في تجنب الخسائر، بل في تحقيق المكاسب في كل الاتجاهات.

ولهذا تحقق الاتفاق الجماعي على الرؤية والمعالجة لكل قضايا المنطقة، وفق منهج متفق عليه، ويحظى بدعم كامل وغير مشروط، من قادة دول مجلس التعاون الست.

رخاء وازدهار

وربما الرسالة الأكثر وضوحاً في قمة الرياض، أن دول مجلس التعاون الخليجي، التي كان لها نهج خاص منذ نحو 40 عاماً، استطاعت من خلاله أن تتميز عن باقي دول المنطقة، في تحقيق أعلى مستوى من الرخاء والازدهار لشعوبها، أن هذه الدول بقيادتها الرشيدة الواعية بمفردات وتحديات العصر، قادرة على الانتقال بشعوبها إلى مرحلة جديدة من النمو والازدهار، يعزز ذلك ما نراه من نجاح اقتصادي غير مسبوق، لدول مثل الإمارات والمملكة العربية السعودية وباقي دول المجلس.

فلا يمر يوم إلا ونقرأ عن تفوق إماراتي تجاوز الأرض ووصل إلى الفضاء، كما أن إقرار السعودية ميزانية تريليونية، وتحقيق فائض في أول ميزانية بعد تراجع الجائحة، يؤكد أننا أمام قيادات استطاعت أن تقرأ الحاضر بشكل يمكنها من صياغة معادلات المستقبل، بما يتفق مع مصالح الشعوب والدول الخليجية، التي باتت تحتل رقم 13 في الاقتصاد العالمي، بناتج سنوي يصل لنحو بـ1.4 تريليون دولار.

نعم وبلا تردد.. نحن أمام مرحلة جديدة، ليس فقط في العلاقات البينية بين دول مجلس التعاون الخليجي، بل نحن أمام تحول كبير في المنطقة، يحافظ على المصالح العربية والخليجية، ولعل خير دليل على ذلك، التوقيع على آلية التنسيق السياسي بين دول المجلس وبين مصر، وهو ما يؤكد أن دول مجلس التعاون الخليجي، بدأت سياقاً جديداً عنوانه التضامن والوحدة والعمل المشترك.