الثلاثاء - 30 أبريل 2024
الثلاثاء - 30 أبريل 2024

استثماراً للبيئة السياسية الراهنة.. الجزائر تتجه إلى «تصنيع السيارات»

استثماراً للبيئة السياسية الراهنة.. الجزائر تتجه إلى «تصنيع السيارات»

تقترب الجزائر من الإعلان عن استراتيجية لتصنيع السيارات، قبل انطلاق عملية التصنيع فعلياً خلال الفصل الأول أو الثاني من العام المقبل، وذلك رغم فشل مشروع مماثل في عهد الحكومة السابقة، وإغلاق مصانع، ومتابعة أصحابها، بعد الحراك الشعبي الذي انطلق في البلاد في فبراير 2019، وأطاح بالرئيس الجزائري السابق، عبدالعزيز بوتفليقة.

وأعلن وزير الصناعة الجزائري، أحمد زغدار، أن هناك مفاوضات جارية بين الجزائر ومجموعة من الشركات والماركات العالمية الكبرى، لإقامة صناعة حقيقية للسيارات في الجزائر، مبرزاً أن المشروع سيراعي التطور الدولي على مستوى التحول نحو السيارات الهجينة.

جديد المشروع

وقال البرلماني الجزائري، عبدالقادر بريش، إن «الجزائر تريد من خلال المشروع الجديد التأسيس لصناعة سيارات حقيقية، وليس تكرار التجربة التي انطلقت في عهد الحكومة السابقة، وباءت بالفشل؛ والخاصة بالتركيب، أو نفخ العجلات كما يسمى في الجزائر».

وأضاف بريش، في تصريحات خاصة، أن عملية التصنيع «يجب أن تتضمن مشاركة جزائرية تبدأ بنسبة إدماج 20 % على سبيل المثال خلال السنوات الثلاث الأولى، ثم ترتفع تلك النسبة بعد ذلك، حتى يتم خلق القيمة المضافة في الجزائر».

من جانبه، قال الخبير الدولي في الاقتصاد والمالية، الجزائري نبيل جمعة، إن «الدولة الجزائرية اشترطت في ما يخص صناعة السيارات، أن تمثل نسبة الإدماج؛ أي النسبة المصنَّعة في الجزائر، أكثر من 45 % من السيارة، وذلك لتدارك ما كان يجري في عهد مصنعي السيارات السابقين والذين لم تكن نسبة المشاركة الجزائرية فيها تتعدى حدود 5 %».

وأوضح جمعة، في تصريحات خاصة، أن مصنعي السيارات السابقين الذين كانوا في الجزائر كانوا يجلبون كل أجزاء السيارة جاهزة في الحاويات، وعندما تصل إلى الجزائر يتم تجميعها، وبالتالي لم يكن الأمر يتعلق بصناعة. بحسب جمعة.

وفي السياق نفسه، أوضح بريش أن «هناك مفاوضات جارية حالياً مع أكبر مصنعي السيارات، ومع ماركات عالمية؛ آسيوية، وأوروبية، وألمانية»، مبيناً أن «الملف ما زال لم ينضج بعد، ولا بد من تهيئة البيئة القانونية واللوجستية الداعمة لكي ينطلق المشروع، إضافة إلى أن تصنيع السيارات سيكون في إطار الاستثمار في الجزائر، وبالتالي يجب انتظار قانون الاستثمار الجديد، الذي سيصدر بعد بداية العام، ما سيجعل الأمور تتضح أكثر».

ورداً على سؤال حول مدى توافر البيئة السياسية والرقابية اللازمة في الجزائر اليوم لحماية المشروع الجديد من مصير المشروع السابق، قال بريش إن الجزائر استخلصت الدروس، وهي الآن في مرحلة تحضير ما يسمى بالحوكمة السليمة، لإقامة وتصنيع السيارات في بيئة سياسية واستثمارية شفافة، «بعيدة عن الفساد والتجاوزات والاختلاسات التي كانت في الفترة السابقة»، مؤكداً أن مصير المشروع السابق لن يتكرر على مستوى المشروع الجديد.

الصناعة ككل وليست السيارات وحدها

وحول ما إذا كان هذا المشروع المرتقب سيخلِّص الجزائر مستقبلاً من اعتماد اقتصادها وصادراتها بشكل كبير على المحروقات، أفاد جمعة بأن «صناعة السيارات ليست هي التي ستخرج الجزائر من تبعية المحروقات، التي تمثل 90 % من الاقتصاد الجزائري، بل الصناعة ككل؛ الخفيفة منها والثقيلة، والصناعات التحويلية، والفلاحة، والطاقة الشمسية».

وأضاف جمعة أن السيارات التي سيتم تصنيعها في إطار المشروع المرتقب، سيتم توجيهها في المدى القريب إلى السوق الجزائرية، التي تحتاج إلى 400 ألف سيارة سنوياً، لا تصل قيمتها المالية إلى مليار دولار، في وقت يمثل فيه الناتج الإجمالي الجزائري 160 مليار دولار، وبالتالي فإن تلك الصناعة، تمثل نحو 0,5 % من الناتج الإجمالي الجزائري".

وأبرز جمعة أن السيارات التي سيتم تصنيعها، ستصدر في المدى المتوسط، بعد انطلاق المشروع، إلى بلدان القارة الأفريقية. وأكد أن تخلص الجزائر من اعتماد اقتصادها وصادراتها بشكل كبير على المحروقات، مرهون بتطبيق المعايير الدولية، سواء كان ذلك في الصناعة، أو في الزراعة، أو في التجارة.

عائدات زراعية

وأوضح جمعة أن «عام 2021 شهد لأول مرة في تاريخ الجزائر تحقيق الزراعة لعائدات قدرت بـ 27 مليار دولار، ما جعلها تتفوق على النفط، الذي حقق عائدات بلغت 23,5 مليار دولار لأول مرة في تاريخ البلاد».

وفي السياق نفسه، بيَّن جمعة أن «التحول في الاقتصاد الجزائري بدأ يظهر منذ عام 2021، إذ لم تستورد الجزائر، وفق تصريحاته، طوال عامي جائحة كورونا المواد الغذائية لأول مرة في تاريخها»، موضحاً أن «الاستيراد الجزائري كان يصل في السابق إلى 60 مليار دولار سنوياً، في حين أصبح اليوم 30 مليار دولار فقط».