الاحد - 05 مايو 2024
الاحد - 05 مايو 2024

تدعم الدول الأشد فقراً .. مؤسسات التمويل ذراعُ البشرية نحو التعافي

تدعم الدول الأشد فقراً .. مؤسسات التمويل ذراعُ البشرية نحو التعافي

(رويترز)

لا يستطيع مجتمع أو دولة عزل نفسه بعيداً عن الأزمات التي باتت عابرة للحدود، وتحتاج إلى تلاحم وتكاتف دولي للخروج بأقل الخسائر الاقتصادية والصحية كالتضخم والجوائح.

هذا السمو الاقتصادي عبرت عنه سلسلة من المواقف الدولية، منها ما أقرته مجموعة دول العشرين من تأجيل خدمة الديون من أبريل 2020 على الدول الفقيرة، وتقديم المنح والقروض من المؤسسات المالية العالمية، والتبرع بملايين الجرعات من اللقاحات للدول الفقيرة والأشد فقراً، وهي الدول التي تدفع الثمن الأكبر لمثل هذه الأزمات العابرة للحدود.

وهنا يأتي دور مؤسسات التمويل الدولية مثل البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي لتقديم الدعم والمنح والمساعدات، انطلاقاً من مبدأ التضامن والدعم المتبادل التي قامت عليه هذه المؤسسات. وفي أكبر استجابة منذ تأسيسها، تلقت «المؤسسة الدولية للتنمية: IDA»، الذراع التنموية للبنك الدولي، أكبر تمويل في تاريخها بقيمة 93 مليار دولار بهدف مساعدة الدول الفقيرة وشديدة الفقر في الفترة المقبلة على التعافي، ومنح تلك الدول مزيداً من المناعة الاقتصادية لمواجهة جائحة كورونا وتداعياتها المختلفة.

نهاية القناعات الخاطئة

عندما بدأت الجائحة، سادت الأنانية السياسية، وحاولت بعض الدول الاستئثار بالكمامات ووسائل الحماية من كوفيد-19، وحتى عندما جرى اكتشاف اللقاحات، حاولت دول أخرى تخزينها على حساب مجتمعات كانت تعاني من ارتفاع معدلات الإصابة والوفيات بالوباء. لكن مع استمرار الأخطار الصحية وتداعيات ذلك من مشاكل تتعلق بالتضخم وسلاسل إمداد الخدمات والسلع تبدلت القناعات الخاطئة، وظهرت في الأفق بوادر تشير إلى سمو إنساني.

التغير المناخي

لم تقتصر أهداف الدعم على مواجهة الأزمات الصحية والاقتصادية الطارئة، بل عملت على إعادة تجديد موارد مؤسسة التنمية الدولية من أجل دعم جهود الدول الفقيرة في بناء مستقبل أكثر مراعاة للبيئة، ومساعدة البلدان الفقيرة على إعادة البناء بما يتفق مع مراعاة البيئة، لهذا تم توجيه نسبة كبيرة من هذه الأموال لصالح التصدي للتغير المناخي، مع التركيز على مساعدة هذه البلدان على التكيف مع الآثار المناخية المتزايدة والحفاظ على التنوع البيولوجي.

كذلك عملت هذه المساعدات من البنك الدولي وغيره من مؤسسات التمويل على أهداف مشتركة، هي تنسيق جهود فعالة وكاملة للتصدي للتحديات الإنمائية، وتحسين الأحوال المعيشية لملايين الأشخاص في العالم، وتحقيق تنمية شاملة تجعل الدول الفقيرة والأشد فقراً قادرة على الصمود في وجه الصدمات خاصة بالنسبة للدول التي تعاني من انخفاض الإيرادات وزيادة المخاطر المتعلقة بالديون، وتصاعد المشاكل الاقتصادية التي يمكن أن تقود نحو الصراعات والنزاعات وعدم الاستقرار، والتي تحدث عادة نتيجة لانتشار الأمراض وضعف الوعي بالأزمات الصحية.

تأجيل خدمة الديون

أكثر المظاهر التي أكدت مبدأ التضامن والمواجهة الجماعية للأزمات تلك القرارات التي وافقت عليها مجموعة دول العشرين وصندوق النقد الدولي لمساعدة الدول الفقيرة منذ انتشار جائحة كورونا.

فمنذ أبريل 2020، أجلت مجموعة دول العشرين سداد خدمة الديون على الدول الأكثر فقراً في ظل عدم القدرة على وقف انتشار الجائحة، ثم مددت التعليق في أكتوبر 2020 حتى 30 يونيو 2021، قبل أن تؤجلها مرة جديدة حتى نهاية العام الجاري.

تضامن وتعاضد

ثم جاء التبرع بمليارات اللقاحات للدول الفقيرة سواء من الدول أو المؤسسات الدولية ليعكس جانباً من جوانب التضامن والتعاضد الدولي، حيث كانت الإمارات نموذجاً لهذا التضامن العالمي، بعد أن شكلت الاستجابة الإماراتية 80% من حجم الاستجابة الدولية للدول المتضررة من جائحة كورونا.

وعالمياً، قدمت الولايات المتحدة نحو 80 مليون جرعة لقاح للعالم، 75% منها عبر آلية كوفاكس التابعة لمنظمة الصحة العالمية، وهي الآلية التي دعمها الاتحاد الأوروبي بنحو 3 مليارات يورو، و11 مليون جرعة لقاح للدول المتضررة في العالم. كما أعلنت الدول السبع الصناعية الكبرى في يونيو الماضي التبرع بمليار جرعة من اللقاحات، بالإضافة إلى تبرع روسيا والصين وغيرهما من الدول المنتجة للقاحات بملايين الجرعات.

أثبت انتشار المتحور «أوميكرون» في العالم أن الخروج من الجائحة وتحدياتها الصحية والاقتصادية لن يكون إلا بشكل جماعي، وهو ما يعزز الإرادة السياسية لدى الدول والمؤسسات المالية والاقتصادية الدولية لتقديم مزيد من الدعم للدول الفقيرة والأشد فقراً حتى يخرج العالم من هذه الجائحة في أقرب وقت.