الثلاثاء - 07 مايو 2024
الثلاثاء - 07 مايو 2024

حوار | خطار أبودياب: المنطقة العربية تعيش «مخاضاً عسيراً»

حوار | خطار أبودياب: المنطقة العربية تعيش «مخاضاً عسيراً»


  • دول الإقليم في مرحلة «جس النبض» لإعادة ترتيب الأوراق


  • الشرق الأوسط يعيش حالة من التخبط والارتباك


  • أمريكا لم يعد لها «هيمنة» إقليمياً.. وتراجعها «كبير ومبكر»


  • المنطقة تشهد اختراقاً روسياً واهتماماً صينياً وأوروبياً


  • اللعبة الدولية التي سعت لإنهاك السعودية في اليمن «لم تحقق أهدافها»


  • العد التنازلي لنهاية الحقبة الإيرانية بدأ مع مقتل قاسم سليماني


قال أستاذ العلوم السياسية بباريس، الدكتور خطار أبودياب، إن العالم يشهد تغيرات سياسية غير مسبوقة ربما تتخللها حرب عسكرية في مواجهة إيران، وهو ما سيحدد كثيراً من الأوضاع خلال الفترة المقبلة.

وأكد في حواره مع «الرؤية» أن إقليم الشرق الأوسط يعيش حالة من التخبط والارتباك، وأن غالبية الدول تمر الآن بمرحلة انتقالية، تقوم خلالها بجس النبض لترتيب أوراقها في مراحل لاحقة.

وتابع «هناك أمنيات بإمكانية تشكيل نظام عالمي جديد، دون حرب جديدة، وسيكون هناك تجنب للحروب المباشرة والكبرى، لكن الحروب بالوكالة موجودة».

كيف ترى الوضع الأمريكي في الشرق الأوسط.. هل هو انسحاب أم تراجع؟

هناك نوع من التراجع الأمريكي تجاه الشرق الأوسط، لكنه لا يمكن أن يوصف بأنه انسحاب، فقرار الانسحاب الأمريكي من أفغانستان كان مقرراً منذ عام 2011، والمفاوضات مع حركة طالبان جرت على هذا، إلا أن هذا التراجع الأمريكي في الشرق الأوسط يعد كبيراً ومبكراً، ولا شك أنه ترك ويترك فراغاً، فالولايات المتحدة الأمريكية تخفف من وجودها، وتحاول أن يساعدها حلفاءها على الإمساك الاستراتيجي بالإقليم، وفي المقابل هناك اختراق روسي، واهتمام صيني، وأوروبي بالمنطقة، وهو ما يوضح أنه لم تعد هناك هيمنة أمريكية في الإقليم، وفي نفس الوقت لا يمكن القول إن هناك بدائل عنها الآن.

العالم يشهد عدداً من التغيرات السياسية، كيف تقرأ هذا؟

نحن في مرحلة انتقالية، وهناك تخبط استراتيجي في أماكن كثيرة من العالم فقد لاحظنا مع بدء إدارة بايدن، وجود ملامح لحوار سعودي إيراني، وقبل ذلك كانت هناك مصالحة العلا الخليجية الخليجية، والآن هناك النقلة الكبيرة لدولة الإمارات العربية المتحدة في الانفتاح على تركيا، والتأكيد على العلاقة مع إيران، مع استمرار السلام مع إسرائيل، إذاً نحن في مخاض، لا يمكن القول إننا في صفر مشاكل، وإنما نحن في مرحلة تنظيم خلافات، مرحلة تهدئة، والذهاب بعيداً عن الصراعات، إلا فيما يتعلق بإيران فقد يذهب الأمر إلى مواجهة عسكرية تقوم بها إسرائيل.

هل تتبنى الولايات المتحدة الأمريكية سياسة جديدة في الشرق الأوسط؟

الولايات المتحدة الأمريكية لا تحرك كل شيء، لم يعد لها هيمنة كما كان في فترة سابقة، فيما تحاول الأطراف التأقلم مع السياسات الدولية وتحاول التفتيش عن مصالحها، وبلورة السياسات الخاصة بها، وعلى الصعيد الخليجي هناك نوع من التوجه لمزيد من العقلانية، لأنه في النهاية الوضع العربي صعب للغاية، وهناك أنواع من الحوار بدأت في المنطقة، منها الحوار المصري التركي الذي انطلق منذ عام. أكبر المشاكل التي تواجه الدول العربية الآن أن غالبيتها يبحث عن مصالحه الخاصة وليست مصالح الجماعة.

كيف تقرأ التحرك الإماراتي مع عدد من الدول مؤخراً؟

الحوار الإماراتي في المنطقة شمل خلال الفترة الأخيرة، عدة تحركات منها، زيارة وزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، إلى سوريا، وزيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلى تركيا، حيث تسعى الإمارات إلى ضمان الاستقرار في الخليج والمنطقة، والدفع بالتنمية الاقتصادية نحو آفاق أرحب. دولة الإمارات التي مدت يد السلام مع إسرائيل، قامت أيضاً بوضع الخلافات جانباً مع تركيا، والبدء في ترتيب العلاقات معها، فضلاً عن تعزيز العلاقة مع إيران، فدبي قاعدة مهمة للغاية لكل ما تريد إيران تصديره أو تحويله، أو إعادة استيراده. فقبل العقوبات الأمريكية الكبيرة على إيران في مرحلة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، كان يصل التبادل التجاري بين البلدين، إلى 16 مليار دولار.

كيف ترى وضع إيران وتحركاتها الفترة المقبلة؟

ما زال لدينا الوقت للوصول إلى نتائج للمفاوضات الأمريكية مع إيران، التي تعاني وضعاً اقتصادياً مزرياً، خاصة أن الولايات المتحدة على وشك إجراء انتخابات نصف الولاية في الكونغرس، وكل الإشارات توحي بأن الجمهوريين الرافضين لتلك المفاوضات هم من سيفوزون بتلك الانتخابات. الحقبة الإيرانية بعد سقوط بغداد عام 2003، كانت بموافقة أمريكية بهدف ضرب القوى العربية ومنعها من الصعود، أو إجبارها على ترتيب علاقات معينة لحمايتها، هذه المرحلة الإيرانية بدأت في الانتكاس مع مقتل قاسم سليماني العام الماضي. العد التنازلي لنهاية الحقبة الإيرانية بدأ بالفعل، ولا يمكن لمشروع الإمبراطور الإيراني، بالرغم من كل مكاسبه في اليمن أو العراق أو سوريا أو لبنان، أن يفرض عودة إمبراطورية في هذا الإقليم العربي، الذي عانى كثيراً، فضلاً عن أن إسرائيل أيضاً لن تصمت أمام استمرار خطوات إيران النووية، وربما تدفع بمواجهة عسكرية.

* كيف تقيم الدبلوماسية السعودية الفترة الأخيرة؟

السعودية تسير بخطى ثابتة في عهد الملك سلمان، واللعبة الدولية التي سعت لإنهاك السعودية في اليمن، لم تحقق كل أهدافها، فالمملكة التي لعبت طويلاً دور القوة الصامتة، أصبحت قوة تعتني بالتنمية في الداخل، وبترتيب الأوضاع مع جيرانها، ضمن مجلس التعاون الخليجي، وضمن الوضع العربي، وتتحرك اقتصادياً في دعم العلاقات، حيث دعمت منذ فترة المصرف المركزي المصري بمبلغ كبير، وكذلك مع باكستان، وهو ما يؤكد أن السعودية تلعب دورها العربي والإسلامي بقوة، ورؤيتها 2030، هي موعد مع المستقبل، وهناك تحولات اجتماعية هائلة داخل المملكة العربية السعودية، ونهج في السياسة الخارجية أكثر عقلانية، يتسم بالواقعية والقدرة على إفادة كل الإقليم.

إذن ما الذي يتسم به الوضع في الشرق الأوسط حالياً؟

هناك تخبط استراتيجي في الشرق الأوسط، وارتباك استراتيجي على مستوى العالم، لكن من الواضح أنه حتى إشعار آخر، تبقى الولايات المتحدة القوى العظمى الوحيدة، وإن كانت هناك قوى تنافسها بقوة وهي الصين التي تأمل بعد نهاية هذا العقد من الزمن، وقبل 2030 أن تصل إلى مصاف الولايات المتحدة، وأيضاً روسيا التي رغم وضعها الاقتصادي الذي لا يمكنها من أن تكون الرديف للولايات المتحدة، لكن من الناحية الاستراتيجية والعسكرية هي قوى كبرى، وأكثر ما تخشى منه واشنطن أن تتحالف روسيا والصين ضدها، فإذا تم ذلك، فهذا يشكل خللاً للولايات المتحدة الأمريكية. هناك أمنيات بإمكانية تشكيل نظام عالمي جديد، دون حرب جديدة، وسيكون هناك تجنب للحروب المباشرة والكبرى، لكن الحروب بالوكالة موجودة، ومناطق الصراعات عديدة بالعالم، وأوكرانيا أو تايوان، من الممكن أن تكون نقاط احتكاك مباشرة بين روسيا والصين والمعسكر الغربي بتشكيلاته المتعددة.

هل من الممكن أن نشهد عودة سوريا لجامعة الدول العربية قريباً؟

الآن هناك تقارب بعد انقسام عربي حول عودة سوريا للجامعة العربية، بدأ منذ زيارة وزير الخارجية الإماراتي لسوريا، إلى جانب أن علاقات مصر والأردن مع سوريا لم تنقطع، وستبقى ضمن هذا الإطار، وإذا بدأت سوريا في تغيير نهجها في التعامل مع شعبها، وفي احترام القرارات الدولية ذات الصلة، سيصبح كل شيء ممكناً، لكن قبل ذلك، حتى لو عادت سوريا للجامعة، فلن تفيد هذه العودة، خاصة أن العقوبات المفروضة على سوريا، ليست من جامعة الدول العربية، بل هي عقوبات أمريكية ودولية، ولذلك المسألة السورية أيضاً من المسائل المعقدة في الإقليم مثل المسألة اللبنانية والفلسطينية وغيرها.