السبت - 04 مايو 2024
السبت - 04 مايو 2024

دور مهم لأمريكا.. كيف يمكن منع هجمات الحوثيين ودفعهم للسلام؟

دور مهم لأمريكا.. كيف يمكن منع هجمات الحوثيين ودفعهم للسلام؟

الإمارات والسعودية يمتلكان قدرة على تنفيذ استراتيجية حربية موحدة. ( أ ف ب)

  • أفضل طريق لإجبار الحوثي على التفاوض تبديد أملهم بتحقيق انتصار عسكر

  • يجب على واشنطن إبلاغ الميليشيات بتحملهم مسؤولية أي هجمات جديدة

  • الميليشيات تتعرض لأكبر انتكاسة عسكرية خلال الـ 3 سنوات الأخيرة

يمكن للولايات المتحدة الأمريكية، مساعدة دول التحالف في اليمن، على الحفاظ على الانتصارات التي تحققت مؤخرا، وذلك من خلال تصنيف حملتهم على أنها حملة «دفاعية»، كما تستطيع واشنطن ردع أي هجمات إضافية للحوثيين في الخارج، بالإضافة إلى الاستفادة من المأزق العسكري، لإحياء محادثات السلام.

وذكر تحليل نشره معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أن الصراع في اليمن دق ناقوس الخطر، وهو ما ظهر جلياً في إقدام الحوثيين على استهداف العاصمة الإماراتية أبوظبي، وبرغم أن ذلك الهجوم من المتوقع أن يعزز الإدانة الدولية للحوثيين، كما يعزز من التضامن مع الإمارات، إلا أن جماعة الحوثي، المدعومة من إيران، ربما أقدمت على قرار الهجوم، رغم ما يشوبها من مخاطر، بسبب خوفهاً من الانتكاسات التي تتعرض لها في ساحة المعركة، وهو ما يقلقها أكثر بكثير من العزلة الدبلوماسية.ولفت التحليل الذي كتبه كل من مايكل نايتس المتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية للعراق وإيران ودول الخليج، وأليكس الميدا محلل الأمن الرئيسي في شركة استشارية في مجال المخاطر، إلى أن هناك مؤشرات مشجعة عديدة، توضح أن أفضل طريقة لإجبار الحوثيين على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، والانخراط في محادثات السلام، هي القضاء على أملهم بتحقيق انتصار عسكري كامل.

انتصارات «العمالقة» وهزائم الحوثيين

واعتبر التحليل أن الهجوم الحوثي على الإمارات، جاء رداً على واحدة من أكبر الانتكاسات العسكرية التي تعرض لها الحوثيون خلال الـ 3 سنوات الأخيرة، فقبل أسبوعين فقط، كان الحوثيون في أوضاع جيدة، ويسيطرون على مركز الطاقة الرئيسي في محافظة مأرب، بالإضافة إلى السيطرة على ممر هام لإنتاج النفط والغاز، بين مأرب وخليج عدن، مروراً بمحافظة شبوة.إلا أنه وفي غضون أيام قليلة، نجحت قوات ألوية العمالقة الجنوبية، في طرد الحوثيين من شبوة، بخلاف تخفيف الضغط على مأرب.

إلا أن السؤال الهام هو: كيف تحققت تلك الانتصارات؟ الإجابة هي أن النصر الأخير جاء نتيجة التفاهمات والترتيبات ما بين السعودية، و الإمارات.ففي 25 ديسمبر الماضي، وافق السعوديون على إقالة محافظ شبوة محمد صالح بن عديو، الذي لم يتمكن من توحيد القوات الدفاعية، أو قبول إعادة تسليح أبناء الجنوب، وتم استبداله بعوض العولقي، الذي يعد أحد أهم زعماء القبائل، وكان يقيم في الإمارات خلال السنوات الأخيرة، وتربطه علاقات وثيقة مع الرياض.

أسباب الانتصارات

وفي أعقاب تسلم المحافظ الجديد، أُعيد نشر نحو 8 ألوية تابعة لقوات العمالقة الجنوبية، يبلغ تعداد كل لواء منها بين 1500 - 2000 مقاتل، على مسافة تبعد نحو 500 ميل عن ساحل البحر الأحمر.

وتمكنت الألوية من وقف تقدم الحوثيين في شبوة، وبعدها بدأت هذه القوات الهجوم المضاد، واستعادت مديريات بيحان والنقب وعسيلان الشمالية في المحافظة، لتتقدم بعدها نحو مديرية حريب في محافظة مأرب، وسرعان ما قضت الحملة على جميع المكاسب التي حققها الحوثيون خلال هجومهم على شمال شبوة خلال النصف الثاني من 2021.

التنسيق الإماراتي السعودي

واعتبر التحليل أن هناك 3 عوامل أساسية وراء ذلك؛ أولها تحسين التنسيق بين السعودية والإمارات، فللمرة الأولى منذ بداية تدخل التحالف الخليجي في اليمن عام 2015، تنسق القوات المدعومة من السعودية والإمارات في اليمن، عملياتها على المستوى التكيتيكي، من خلال وحدة عمليات مشتركة، في مطار عتق في شبوة.

ورغم أن الرياض وأبوظبي حافظتا على علاقات ودية طوال فترة تدخلهما، إلا أن العمليات البرية السابقة، لم تحقق أهدافها، بسبب عدم وجود تنسيق بشكل عام خارج المستوى السياسي، ولهذا عملت قواتهما، وكذلك شركائهما، في كثير من الأحيان بشكل متعارض، وهو الأمر الذي تغير في الآونة الأخيرة، ويبدو الطرفان في الوقت الحالي، على تنسيق على المستوى السياسي والتكتيكي.

وقال التحليل أن الإمارات لم تعيد إرسال قواتها الخاصة إلى اليمن، أو استئناف الضربات الجوية على الحوثيين، لكنها- وفقاً لبعض التقارير - لعبت دوراً هاما في تسهيل إعادة نشر قوات في شبوة، ويبدو أنه قد تم إعادة بعض قادة الميليشيات الذين كانوا مقيمين في الإمارات إلى اليمن بموافقة السعودية، ودعمهم بالمال والوقود والذخيرة، وبدأت هذه المساعدات بالتدفق إلى شبوة عبر مطار عتق.

ألوية العمالقة

وذكر التحليل أن ألوية العمالقة تتشكل من المحاربين السلفيين القدماء، القادمين من مجموعة من المحافظات، وهم الذين لديهم استعداد أكبر للقتال في أي ساحة معركة، وليس فقط للدفاع عن مناطقهم الأصلية.وألحقت الألوية الهزيمة بالحوثيين، في مواقع متعددة في الماضي، بدعم وثيق من الإمارات، وتشكل عودة أبرز قادة العمالقة عنصراً هاما في إعادة تفعيل الإمكانات العسكرية للألوية.

الدور الأمريكي

وقدم التحليل عدة توصيات لواشنطن، أولها يخص مفاوضات السلام، حيث أنه في عام 2018، سعت كل من الإمارات والسعودية للضغط عسكرياً على الحوثيين، عبر عدة جبهات، بهدف دفعهم إلى طاولة المفاوضات وإنهاء الحرب، لكن ذلك الجهد الإماراتي السعودي فاته التنسيق غير الكافي للتحالف، كما كان هناك قلقاً دولياً بشأن التداعيات الإنسانية للهجوم على ميناء الحديدة.

وبعد الانسحاب الإماراتي من اليمن عام 2019، لجأ لحوثيون إلى التركيز على جبهة واحدة وتحقيق نصر فيها، أي أن تخفيف الضغط العسكري عليها، منحهم الأمل في تحقيق نصر عسكري كامل، وبالتالي الابتعاد عن محادثات السلام، ما أفشل الجهود الدبلوماسية متعددة الأطراف.

إلا أن التطور العسكري الجديد، شهدنا سلسلة من الانكسارات التي تعرض لها الحوثي منذ ديسمبر الماضي، وأظهرت السعودية والإمارات، والمتحالفون معهما، قدرة على تنفيذ استراتيجية حربية موحدة.

واعتبر التحليل أنه في المرحلة القادمة، يجب إخراج الحوثيين، ليس فقط من المواقع التي جاؤوا منها، بل أيضا مناطق أبعد من نطاق أسلحتهم، حتى لا يتمكنوا من تهديد مأرب ومنشآت الطاقة، كما أنه على الولايات المتحدة أن تدعم هذا الجهد، لتحقيق الاستقرار في جبهة مأرب وقطع الطريق أمام إحراز الحوثيين لنصر شامل.

ردع الحوثيين

وطالب التحليل واشنطن باتخاذ مجموعة من الخطوات أولها ردع هجمات الحوثيين على دول الخليج، حيث أنه إذا أدى الهجوم الحوثي الأخير على الإمارات، إلى دفعها على التراجع عن مشاركتها في اليمن، فسوف تكون سابقة خطيرة. كما أن مخاوف الحوثيين من تكبد هزائم إضافية في ساحة المعركة، يمكن أن تدفعهم إلى شن المزيد من الهجمات العنيفة، ليس على الإمارات فقط، بل على السعودية وعلى حركة الشحن الدولية أيضا، ما قد يؤدي إلى مقتل المزيد من المدنيين، بما في ذلك مواطنين أمريكيين، وبالتالي فيجب على واشنطن إبلاغ قيادة الحوثيين سراً، بأنهم سيتحملون المسؤولية المباشرة عن أي هجمات جديدة، مع طرح جميع الخيارات القانونية والعسكرية، بما في ذلك تعريض القيادات الحوثية شخصيا للخطر، وهي وسيلة أكثر فعالية من إعادة تصنيف حركة الحوثيين كمنظمة إرهابية.

عمليات دفاعية

كما طالب التحليل أيضا من واشنطن، بتصنيف الهجمات المضادة ضد الحوثيين، في مأرب وشبوة، كـ«عمليات دفاعية»، وتوفير الدعم، والسماح بتقديم الدعم الاستخباراتي الأمريكي للحملات الدفاعية في ساحة المعركة، بالإضافة إلى حظر عمليات تهريب الأسلحة بشكل حاسم من قبل إيران وحزب الله اللبناني.وطالب التحليل من واشنطن تقديم المساعدة للتحالف، للتمكن من تجنب وقوع أخطاء في حملاته وغاراته على المدن، التي تخضع لسيطرة الحوثيين، حتى لا تستهدف مدنيين، وهو ما سيؤدي إلى تراجع التأييد الدولي له.

كما طالب أيضا من واشنطن، استغلال الجمود العسكري، كورقة ضغط، بهدف العمل على إعادة إحياء محادثات السلام، ومن المعتقد أن يلتزم الحوثيون بالمفاوضات فقط في حالة إذا ما فقدوا الأمل في إحراز النصر الشامل في الحرب، وإذا شعروا أنهم سيواجهون مزيد من العزلة والضعف بفعل العقوبات، إذا واصلوا معارضتهم لعملية السلام.