الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

الإخوان والحوثيون.. تعاون لإطالة أمد الحرب (2 - 2)

الإخوان والحوثيون.. تعاون لإطالة أمد الحرب (2 - 2)

(رويترز)

كان تأكيد محمد عبدالسلام رئيس وفد الميلشيات الحوثية الانقلابية من على منصة مباحثات الكويت عام 2016 بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية بأن مليشياته تتحالف مع كل القوى، ومن بينهما جماعة الإخوان في اليمن، كان بمثابة صدمة لمن لا يعرف طبيعة وتاريخ التعاون بين الحوثي والإخوان في اليمن والذي يمتد إلى ما قبل الإعلان عن جماعة الحوثي كمليشيات عسكرية في كهوف صعدة.

تاريخ الإخوان منذ أن عرفهم الشعب اليمني معروف بالتلون والخداع السياسي واللعب على كافة الأوتار والجبهات منذ خروج الإخوان من العمل السري إلى العلن، وتأسيس «حزب التجمع اليمني للإصلاح» ليكون الذراع السياسية لتنظيم الإخوان عام 1990، وتأكد للجميع عام 2011 أن دعم الإخوان لحرب الحوثي ضد الدولة اليمنية في الحروب الست من 2004 حتى 2011 كان بهدف إضعاف مؤسسات الدولة اليمنية تمهيداً للقفز والسيطرة عليها.

وساهم انشغال الدولة بهذه الحروب الست في تغلغل الإخوان في جميع مفاصل ومؤسسات اليمن، وهو ما كشف عنه تنظيم الإخوان في الأحداث التي جرت في عامي 2011 و2012، والأدوار المشبوهة في ما يسمى بالربيع العربي، فكيف نسق الإخوان مع الحوثي لهدم الدولة اليمنية؟ وكيف يعمل هذا التنسيق على إطالة أمد الحرب في الوقت الحاضر؟

تاريخ من الانتهازية

من يقرأ تاريخ جماعة الإخوان في اليمن يتأكد له أنها لا يمكن أن تتمسك بعهد أو أن تكون أمينة على اتفاق، ففي الوقت الذي حاولت المشاركة فيه بالإطاحة بالإمام عام 1948 ومبايعة عبدالله بن الوزير، عادت لتكون جزءاً من الدولة المتوكلية حتى عام 1962، كما حاولت السيطرة على الحكم من الأبواب الخلفية في عهد الرئيس إبراهيم الحمدي عام 1974، إلا أن القوى الوطنية في ذلك الوقت كشفت مخططاتها، وشارك الإخوان بالفعل في حكومات عامي 1993 و1994، وبعد أحداث 2011 وإغلاق الجامعة التابعة لهم في اليمن «جامعة الإمام» ومدارس التلقين الفكري التي أسسوها طوال 30 عاماً، تحالفوا مؤقتاً مع الاشتراكيين تحت مظلة سياسية أطلق عليها «اللقاء المشترك» عام 2003، رغم أن الإخوان كانوا دائماً ينعتون الاشتراكيين واليساريين في اليمن بكل الاتهامات، وهو نفس السيناريو الذي يراه الكثير من اليمنيين يحدث اليوم؛ فرسمياً الإخوان ضمن قوات الشرعية، لكن على الأرض يعمل التنظيم لمصالحه الخاصة، ومع الحوثي وضد أهداف التحالف العربي، ويعمل للمرحلة المقبلة من خلال التحالف السياسي والميداني مع الحوثي.

70 ألف إخواني لدعم الحوثي

هناك من يطرح سؤالاً كبيراً منذ سبتمبر 2014، وهو كيف لجماعة الحوثي التي عاشت وترعرعت في الجبال أن تدخل العاصمة صنعاء بهذه السهولة ودون مقاومة تذكر؟ الإجابة بدأت تتكشف من خلال كشف الغطاء عن التنسيق الميداني الذي تم بين الحوثي والإخوان في هذه المعركة، وأن قوات الإخوان التي تعمل ضمن الجيش اليمني هي التي انسحبت من مواقعها وسمحت وسهلت ودعمت دخول الحوثي إلى العاصمة.

ووفق ما قاله مركز دراسات المرجع، المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية، فإن قوات الإخوان التي كانت تعمل ضمن «الفرقة الأولى – مدرع» والمعروف أنها كانت تابعة بالكامل للإخوان، كانت بمثابة الثغرة التي نفذ منها الحوثي للعاصمة صنعاء رغم إعلان الإخوان في بداية شهر سبتمبر 2014، أثناء اجتماعهم مع الرئيس عبدربه منصور هادي، أن لديهم 70 ألف مقاتل للدفاع عن العاصمة، ولذلك هاجم الحوثي جميع الممتلكات في صنعاء بما فيها منزل الرئيس عبدربه منصور هادي، لكن لم يدخل بيتاً واحداً من بيوت الإخوان في صنعاء، وفق النتائج التي توصل إليها مركز دراسات المرجع.

نفس السيناريو يتكرر اليوم من خلال جبهة «نهم» شرق صنعاء، فبعد أن حقق التحالف العربي نتائج رائعة في هذه المعركة منذ عام 2015 وسلمها لقوات تابعة لحزب التجمع من أجل الإصلاح، لم تتحرك هذه القوات متراً واحداً نحو مطار صنعاء وقلب العاصمة التي لا تبعد أكثر من 16 كم، وهناك اتهامات من اليمنيين بأن هذه القوات تركت جزءاً من مرتفعات نهم للحوثيين بما يسمح بتجميد هذه الجبهة التي كانت وحدها كفيلة بتغيير موازين القوى لصالح التحالف منذ عام 2015.

الإخوان ونموذج شبوة

الانسحاب وترك الحوثي يسيطر على مناطق الحكومة سلوك إخواني تكرر في جميع المعارك المهمة والمفصلية مع الحوثي خلال السنوات الماضية، منها معارك الحديدة، والساحل الغربي، التي هي عنوان كامل للخيانة الوطنية ودعم كامل للحوثيين، لكن ما جرى في شبوة بات يعلمه كل يمني، فخلال السنوات الثلاث الماضية كان الإخوان يسيطرون تحت مظلة الحكومة الشرعية على مناطق كثيرة في شبوة بما فيها مديريات بيحان، وخلال هذه السنوات فعل الإخوان كل شيء من أجل دعم الحوثيين، عبر قمع القوى المناوئة لهم، وفتح معارك جانبية ضد أبناء القبائل وقوات النخبة الشبوانية ومعسكرات التحالف العربي، وهو ما أدى إلى فقدان قوات الشرعية معظم مديريات البيضاء ومأرب والجوف وصنعاء لصالح الحوثيين، وهي أوضاع تغيرت الآن بالكامل بعد طرد الإخوان منها.

خدمات سياسية للحوثي

لا يتوقف الدعم الإخواني للحوثيين على المستوى الميداني والعملياتي فقط، بل على المستوى السياسي، فكل المحاولات التي جرت لتقوية الجبهة التي تناهض مشروع الحوثي في اليمن لم يكتب لها النجاح، والسبب الوحيد في هذا الأمر هو تنظيم الإخوان في اليمن، فاتفاق «الرياض» الذي عوَّل عليه الجميع لم ينجح بالصورة التي حاول التحالف العربي من خلاله بناء جبهة قوية ضد الحوثي، لكن الفريق الكبير الإخواني داخل الحكومة هو ما أفشل هذا الاتفاق وغيره من الاتفاقيات الأخرى التي كانت كفيلة بإنهاء الحرب منذ سنوات في اليمن. وفق ما قاله رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي باليمن، عيدروس الزبيدي.