السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

لماذا أصبح تشكيل محكمة لجرائم الحوثيين ضد الإنسانية ضرورياً ؟

لماذا أصبح تشكيل محكمة لجرائم الحوثيين ضد الإنسانية ضرورياً ؟

جرائم لا تسقط بالتقادم. (أ ف ب)

لا تتوقف جرائم الحوثين على استهداف المدنيين والمنشآت المدنية في السعودية والإمارات، أو تهديد الملاحة البحرية وأمن الطاقة العالمية، بل يرتكب الحوثي كافة أنواع جرائم الحرب والحرب ضد الإنسانية منذ 2004 عندما بدأ حروبه الست ضد الدولة والشعب اليمني، وهو ما يوفر الأساس السياسي والقانوني والأخلاقي الكامل ليس فقط لتصنيف مليشيات الحوثي كجماعة إرهابية، بل العمل من أجل القبض على قادة الحوثيين ومحاكمتهم أمام محكمة دولية على غرار «محاكم نورنبيرغ» التي بدأت في 20 نوفمبر 1945 في محاكمة مجرمي الحرب في الحرب العالمية الثانية.

لائحة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي يقوم بها الحوثي طويلة وطالت كل فئات الشعب اليمني، حيث يقوم بتحويل المنشآت المدنية مثل المدارس وملاعب الكرة والسجون والمستشفيات إلى مخازن للسلاح، ولعل أبرزها ما شاهده العالم من تحويل مطار مدني بالكامل وهو مطار صنعاء إلى مخزن للأسلحة، وإخفاء الطائرات المسيرة والصواريخ البالستية التي يطلقها على دول الجوار، كما يقوم بتجنيد الأطفال على الجبهات الأمامية للحرب، ويتعمد حرق وإتلاف المواد الغذائية والتموينية والطبية التي يمكن أن تنقذ آلاف اليمنين، وهي كلها جرائم حرب وجرائم واضحة ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم أو يمحوها الزمن. فما هي حدود ومساحة جرائم الحرب الحوثية ضد الإنسانية؟ وكيف يمكن للعدالة الدولية أن تقتص للشعب اليمني من كل تلك الجرائم؟

المنشآت المدنية

الجريمة التي كشف عنها التحالف العربي لاستعادة الشرعية في 23 نوفمبر الماضي باستخدام الحوثي مطار صنعاء المدني لتخزين السلاح والتدريب على إطلاق الطائرات المسيرة، هي فقط عنوان لنهج الحوثي منذ سيطرته على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 2014 عندما قام باستخدام المنشآت المدنية كمقار عسكرية أو مخازن للسلاح، فهو لا يهتم بالمدنيين ويعتبرهم وقوداً لتجاربه، بعد أن كشفت بيانات التحالف العربي أن الحوثي كان يتعامل مع الطائرات المدنية التي تهبط وتقلع في مطار صنعاء باعتبارها «نموذج محاكاة» للتعرف على قدرات الطائرات المسيرة التي يقصف بها الأهداف المدنية في دول الجوار، وهو ما أكده وزير الإعلام والثقافة اليمني، معمر الإرياني، الذي كتب في تغريدة بالإنجليزية في 23 نوفمبر الماضي على توتير قائلاً «اتخذ الحوثي منذ انقلابه، المقار الحكومية والمنشآت المدنية والحيوية والأحياء السكنية والمنازل والمساجد والأسواق أوكاراً لتخزين الأسلحة وإدارة أنشطتها الإرهابية، في انتهاك صارخ للقوانين والمواثيق الدولية التي تجرم التمترس بالمدنيين وتعريض حياتهم للخطر».

قتل اليمنيين

و لا يتورع الحوثي في استخدام الأسلحة الثقيلة والصواريخ ضد المدنيين، وهي جريمة حرب بموجب اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، والحرب التي يخوضها الحوثيون ضد المدنيين بمحافظة مأرب منذ شهور دليل دامغ على جرائم الحرب بحق المدنيين. وأدى إطلاق عشرات الصواريخ على الأحياء المدنية في مأرب وحدها إلى مقتل نحو 440 قتيلاً مدنياً، منهم 61 طفلاً و37 امرأة، وذلك في الفترة منذ ديسمبر 2014 وحتى يونيو 2021. وفق إحصائيات مركز حقوق الإنسان اليمني. كما وثق تقرير خبراء الأمم المتحدة لعام 2021 استهداف الحوثيين لمطار عدن المدني بالتزامن مع وصول الحكومة اليمنية الجديدة عام 2020، وقال «إن الهجوم كان سيسفر عن عدد ضحايا مدنيين أكبر في أوساط ممثلي الحكومة لولا تأخر هبوط الطائرة».

تجنيد الأطفال

تؤكد كل الأرقام والإحصائيات والمنظمات الحقوقية اليمنية والأمم المتحدة أن مليشيات الحوثي قامت بأكبر جريمة حرب من خلال إجبار آلاف الأطفال اليمنيين على الالتحاق بجبهات القتال، فمنذ بداية الصراع في مارس 2015 وحتى شهر أبريل عام 2018 جند الحوثي نحو 23 ألف طفل، بينهم أطفال أقل من 9 سنوات وفق بيان أصدرته وزير الشؤون الاجتماعية السابقة، ابتهاج كمال، عام 2018، والذي تحدثت فيه عن خطف الحوثي للأطفال من المدارس ومساومة وابتزاز العائلات حتى ترسل أطفالها لجبهات القتال، وهي جريمة حرب كاملة الأركان وفق قانون الطفل العالمي، واتفاقية جنيف الرابعة حول حماية حقوق المدنيين وقت الحرب، «الأطفال مدنيون ويجب ألا يكونوا في أي مكان فيه معارك».

ووفق بيان الوزيرة اليمنية السابقة فإنه حتى 2018 حرمت مليشيات الحوثي أكثر من 4.5 مليون طفل من التعليم بعد أن قام الحوثي بقصف وتدمير 2372 و372 مدرسة جزئياً وكلياً، واستخدام أكثر من 1500 مدرسة أخرى كسجون وثكنات عسكرية.

النتائج ذاتها توصل إليها البرلمان العربي الذي طالب الأمم المتحدة بمحاسبة الحوثي على جرائمه ضد الإنسانية، وقال في بيان "إن ما تقوم به مليشيات الحوثي الانقلابية، بحق الأطفال فى اليمن يمثل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وتهديداً للأمن والسلم إقليمياً ودولياً يستوجب ملاحقة مرتكبيه وتقديمهم للمحكمة الجنائية الدولية، وإن مليشيات الحوثي تعد أكثر جماعة اعتمدت على تجنيد الأطفال.

وبلغت نسبة تجنيد الأطفال من قبل مليشيات الحوثي 72% من إجمالي عملية تجنيد الأطفال في اليمن. حسب بيانات الأمم المتحدة، بما يقوق 8 أضعاف نسبة تجنيد تنظيم القاعدة للأطفال في اليمن.

ومع استمرار الحرب ونزيف الحوثي البشري قامت المليشيات الإرهابية بمزيد من التجنيد للأطفال عبر ما يسمى «بالمراكز الصيفية» حيث يقوم الحوثي بغسل أدمغة الأطفال وشحتهم فكرياً وأيديولوجياً للمشاركة في الأعمال القتالية، وهو ما يخلق جيلاً جديداً من المتطرفين فكرياً، وفق توصيف وزارة حقوق الإنسان اليمنية، ومنذ 2014 عندما ترك الحوثي الكهوف في صعدة وحتى سبتمبر الماضي قام بتجنيد نحو 35 ألف طفل، منهم نحو 17 % دون سن الـ11 عاماً، ويقاتل 6729 طفلاً بنشاط في جبهات الجماعة بعد أن قتل نحو 2000 طفل في المعارك الأخيرة عام 2021، وفق شهادة نائب المندوب اليمني في الأمم المتحدة، مروان نعمان، في جلسة لمجلس الأمن في 24 سبتمبر.

وليس هذا فقط، فالحوثي يقوم بإعدام الأطفال الذين يرفضون القتال في صفوفه أو الذهاب للخطوط الأمامية، ومنها تنفيذ حكم الإعدام في الطفل عبدالعزيز الأسود في 20 سبتمبر 2021، وهي جريمة ضد الإنسانية، بحسب وصف رئيس الاتحاد العربي لحقوق الإنسان عيسى العربي.

حرق الغذاء

سلسلة جرائم الحرب التي ارتكبها الحوثي غير مسبوقة، ففي 23 ديسمبر 2019 أطلق قذيفة هاون عيار 120 على مخازن البحر الأحمر بالحديدة التي كان يوجد فيها 51 ألف طن من القمح تابعة لبرنامج الغذاء العالمي، كانت تكفي لإطعام 3.7 مليون يمني طوال شهر كامل، وفق بيان برنامج الغذاء العالمي، وهي جريمة حرب - حسب توصيف الأمم المتحدة - تكررت أكثر من مرة خلال السنوات السبع الماضية، منها حرق الحوثي نحو 100 طن من المساعدات الإغاثية المقدمة من قبل برنامج الغذاء العالمي مساعدات لمحافظة ريمة.

كل هذه الجرائم تستدعي التجهيز لمحاكمة قادة المليشيات الحوثية سواء عبر المحكمة الجنائية الدولية، أو تشكيل محكمة خاصة بجرائم الحوثي ضد الإنسانية على غرار محاكم نورنبيرغ.