الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

"الدولي للدراسات الإيرانية": الحوثي «عقبة» أمام الحل الدبلوماسي في اليمن

"الدولي للدراسات الإيرانية": الحوثي «عقبة» أمام الحل الدبلوماسي في اليمن

أثار الدمار على البنية التحتية في اليمن نتيجة التعنت الحوثي ورفض إنهاء الحرب

رجح المعهد الدولي للدراسات الإيرانية «رصانة» في تقريره السنوي، أن يسيطر أحد سيناريوهين على المشهد في اليمن خلال العام الجاري، الأول: يتمثل في استمرار التعنت الحوثي الرافض لتسوية الأزمة، وبالتالي استمرار الحرب والعمليات العسكرية المناهضة للهيمنة الحوثية - الإيرانية على اليمن، والثاني: يكمن في إمكانية تراجع الحوثيين عن مسار التعنت والتوجه نحو تسوية سياسية.

وأشار المركز إلى أن تلك التسوية السياسية قد يكون لها أحد مسارين، إما تسوية سياسية هشة، أو كاملة وناجحة، مرجحاً كفة الأخيرة لعدة عوامل أبرزها؛ زيادة وتيرة الضربات الجوية للتحالف على مقرات حيوية، واستهداف قيادات حوثية كبرى ما يُعجل باندحار الحوثي وقبول السلام، بالإضافة إلي إمكانية أن تثمر المفاوضات بين المملكة العربية السعودية وإيران عن حلول للأزمة شريطة توافر إرادة إيرانية، وأخيراً من الممكن أن تسهم مفاوضات فيينا ما بين الدول العظمى وإيران، حال فرض مزيد من الضغوط من تلك الدول على النظام الإيراني، وإدراج ملف السلوك والتدخلات في دول المنطقة ضمن إطار المفاوضات النووية.

وأرجع التقرير أسباب تعقد المشهد السياسي في اليمن خلال العام الماضي، لعدة عوامل بينها، ارتهان ميليشيات الحوثي لإيران من جانب، ومحاولة النظام الإيراني استخدام الميليشيات والملف اليمني لخدمة مصالحه من جانب آخر، لاسيما مع فشل جهود الوساطة ومبادرات السلام، أبرزها المبادرة السعودية للسلام في 23 مارس 2021 الهادفة إلى وقف القتال في جميع الجبهات والسماح بفتح مطار صنعاء، بالإضافة إلى ترتيبات اقتصادية تسهم في الحد من معاناة الشعب اليمني، وتمهد الطريق لإيجاد حلول سياسية، إلى جانب جهود الوساطة العمانية، والمحاولات الأمريكية لتعزيز الجانب السياسي والدبلوماسي، مشيراً إلى أن السلام في اليمن لا يتماشى مع المصالح الإيرانية، ما ترجم التحول في السياسة الأمريكية لتكون أكثر حزماً عبر الكشف عن شحنة أسلحة كانت متوجهة إلى الحوثي مكونة من صواريخ بالستية، وأخرى مضادة للدبابات والمدرعات، وطائرات مسيرة، بالإضافة إلى التصعيد الدبلوماسي الذي جاء على لسان المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، حين وصف ميليشيات الحوثي بـ «العقبة السياسية أمام الحل الدبلوماسي».

تحولات سياسية

وأكدت الدراسة أن التحولات السياسية على المستويين الإقليمي والدولي آثرت على اليمن بشكل مباشر، ونوهت إلى أن الولايات المتحدة حاولت تعزيز المسار الدبلوماسي مطلع العام الماضي، بدليل إزالة الميليشيات الحوثية من قوائم الإهاب، غير أن الرسالة فسرت بشكل خاطئ واعتبرتها الميليشيات وإيران ضوءا أخضر لاستمرار السلوك العدواني، والتي كانت أحد أهم أسباب التصعيد في مأرب، قبل أن تتخذ الإدارة الأمريكية مسارا آخر نهاية العام الماضي.

وأشارت الدراسة إلى أن التدخلات الإيرانية لعبت دوراً كبيراً في تعقيد المشهد اليمني خلال العام الماضي، وارتبطت بعدة تحولات إقليمية ودولية، إذ حاولت إيران استخدام ملف اليمن ضد الدول الإقليمية وورقة ضغط على المجتمع الدولي خلال مفاوضات الاتفاق النووي مع زيادة التوترات خلال المفاوضات واقترابها من نقطة الحسم، الأمر الذي انعكس على النبرة الأمريكية تجاه الميليشيات الحوثية، الذي يرمي إلى وقف محاولات إيران تغيير معادلة القوة باستخدام وكلائها في المنطقة بحسب التقرير.

توسيع النفوذ الإيراني

واعتبرت الدراسة مقابلة الرئيس الإيراني المتشدد، إبراهيم رئيسي، فور توليه الحكم في البلاد مع قادة الميليشيات الحوثية وعلى رأسها محمد عبدالسلام المتحدث باسمها، لم يكن حدثا عابرا، خاصة بالنظر إلى كون تلك المقابلة تعد أولى خطواته في السياسة الخارجية، الأمر الذي أعطى رسائل سياسية تعبر عن أولويات السياسة الإيرانية وإصرارها على استخدام الميليشيات الحوثية ورقة مساومة تخدم مصالحها الخاصة دون النظر إلى استقرار وأمن اليمن. وعززت الدراسة هذا الأمر عبر التأكيد على تصاعد الدعم الإيراني العسكري، بالإضافة إلى تواجد عناصر من الحرس الثوري الإيراني على الأرض لإدارة العمليات العسكرية داخل اليمن وخارجه، وتصعيد العمليات العسكرية، خاصة داخل مأرب نظراً لما تتمتع به من موارد طبيعية.

وكشف التقرير عن سعي إيران في توسيع نفوذها في المواقع ذات الأهمية الاستراتيجية بما يؤثر على الملاحة في البحر الأحمر، واستغلال موقع ميليشيات الحوثي شمال اليمن لتحويله إلى مركز نقل أسلحة لتنظيمات إرهابية داخل عدد من دول القرن الأفريقي، أبرزها حركة الشباب الصومالية التي تنتمي لتنظيم القاعدة، وتعد من أكثر الجماعات الإرهابية تطرفاً. ونوهت بأن الأسلحة التي تصل إلى اليمن يعاد تهريبها عبر خليج عدن إلى الصومال، وتستند الدراسة إلى تحليل بيانات أكثر من 400 قطعة سلاح داخل أكثر من 13 موقعاً مختلفاً في الصومال ومخزونات أسلحة كانت على متن 13 قارب بري جرى اعتراضها عسكرياً خلال 8 أشهر، الأمر الذي وصفه مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية «صفعة للجهود الدولية لمواجهة الإرهاب».

حرب على الهوية

لم تقتصر حرب الميليشيات الحوثية في اليمن على الدور العسكري، بل امتدت لمحاولات تغيير الهوية، إذ استغلت المناسبات الدينية في إقامة المؤتمرات الطائفية بطريقة تحاكي النظام الإيراني، فضلاً عن محاولة تسييس المناهج التعليمية بما يضمن توسيع حاضنتهم الشعبية، عبر إقحام التوجهات السياسية والأبعاد المذهبية بما يخدم أجندتها الطائفية، من خلال تغيير وقائع التاريخ والتأويلات القرآنية بما يكرس الهوية العابرة للحدود المرتبطة بـ «أيدلوجيا النظام الإيراني»، الأمر الذي عززته إقامة طقوس دينية لا علاقة لها بالشعب اليمني ذو الأغلبية السنية الشافعية، أبرزها إجبار اليمن على الاحتفال بـ «يوم الغدير»، واتهام من يقاطع الاحتفالات بالإنتماء لمنظمات إرهابية، الذي يعد فكر متأصل في إيران.