الاحد - 05 مايو 2024
الاحد - 05 مايو 2024

«الصدر يلعب بورقة الحكومة».. العراق يواجه شبح الفراغ السياسي

«الصدر يلعب بورقة الحكومة».. العراق يواجه شبح الفراغ السياسي

جلسة البرلمان العراقي لتحديد موعد جلسة انتخاب الرئيس

أثار قرار الكتلة الصدرية في العراق بتجميد المشاورات مع القوى السياسية بشأن تشكيل الحكومة، ومقاطعة جلسة الاثنين المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية، التوتر من جديد داخل البلد الذي يُخشى عليه من الفراغ الدستوري والانسداد السياسي. واعتبر محللون سياسيون لـ«الرؤية» أن القرار الذي يعني عدم القدرة على تشكيل الحكومة، هو مناورة سياسية من مقتدى الصدر، الذي تستحوذ كتلته على 73 مقعدا في البرلمان.

قرار متوقع

وقال عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، المحلل السياسي العراقي، محمد زنكنه، إن قرار التيار الصدري كان متوقعا؛ نظرا لوجود ضغوطات كثيرة حول انتخاب رئيس الجمهورية، وأخرى تكمن في تشكيل الحكومة.

وأضاف أن قرار الصدر بإيقاف المفاوضات بتشكيل الحكومة، يحمل شقين، الأول: عدم حضور جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، والثاني: تجميد المفاوضات بشأن تشكيل الحكومة، خاصة وأن هناك مبادرة كردستانية سنية من قبل الرئيس مسعود برزاني، حول تقريب وجهات النظر بين الأطراف الشيعية. مشيرا إلى أن الصدر بهذه المناورة يسعى لاستعراض قوى الإطار التنسيقي (تيار سياسي بالعراق)، والكشف عن مدى تأثيره، واستيعابه لهذا الأمر، لافتا إلى أنه يرى أن هذه المسألة عبارة عن فخ للإطار التنسيقي، ومواجهة له، وليس للكرد.

وأضاف زنكنه، أن الأمر الثاني يتمثل في رغبة الصدر في فرض وتسمية رئيس للحكومة، وهو ما لا يريده الإطار التنسيقي، الذي اقترح على الصدريين أن يكون لهم حق الفيتو على مرشح رئاسة الجمهورية. فضلا عن مساعي الصدر إلى إبقاء السلاح بيد الدولة فقط مع دمج الفصائل، وهي أمور تعد من الخطوط الحمراء للإطار التنسيقي.

وأشار إلى أن الصدر يسعى إلى تضييق الخناق على عدد من الطوائف، خاصة وأن هناك داخل الإطار التنسيقي فصائل مسلحة تتهم بأنها ساهمت في قصف أبو ظبي، وفي تهديد المملكة العربية السعودية، و في تهديد المحيط السني الموجود في أطراف العراق، لذلك لا يريد الصدر أن يشرك هذه الأطراف في الحكومة.

وتابع، أن هناك أيضا ملفات فساد كبيرة للغاية يتوعد بها الصدر، أطرافا من الإطار التنسيقي، خاصة في ظل وجود تهديد من الإطار التنسيقي بالثلث المعطل لانتخاب رئيس الجمهورية، والذي من الممكن أن يتكرر في تشكيل الحكومة أيضا.

وأشار إلى أن الحزب الديمقراطي الكردستاني حتى الآن لم يتخذ أي موقف رسمي، وإن كانت كل الآراء تؤكد بأن هذا القرار جاء في وقت مناسب ومهم للغاية لتنفيذ هذه المناورة السياسية، والتي من خلالها يؤكد الصدر أن القرار الأول والأخير في العراق هو لدى تياره، وأنه وحده من يقرر المشارك أو المستبعد من الحكومة.

فراغ دستوري

يقول المحلل السياسي العراقي، الكردي شاهو القره داغي، إنه بحسب الدستور العراقي فإنه يتوجب انتخاب رئيس الجمهورية العراقي خلال 30 يوما من تاريخ أول انعقاد للبرلمان، و سيكون الثامن من فبراير هو آخر يوم مقرر لانتخابه، مؤكدا أن قرار الصدر يعني الدخول في فراغ دستوري بعد إعلان مقاطعة جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، لأن نصاب الجلسة سيصبح مستحيلا، وهو ما يعني إمكانية دخول البلاد في انسداد سياسي مع تمسك كل طرف بخياراته فيما يتعلق بتشكيل الحكومة المقبلة.

وأضاف داغي في تصريحات لـ«الرؤية» أنه يبدو أن هناك ضغوطات وتهديدات كبيرة تمارس على تحالف الصدر لعرقلة مشروع الأغلبية الوطنية، والكثير من هذه التهديدات تأتي من أطراف موالية لإيران تحمل السلاح وقادرة على إشعال العنف، لافتا إلى أن موقف الصدر مناورة جديدة لمواجهة الإطار التنسيقي في سبيل الوصول إلى آلية لصياغة مشهد المرحلة المقبلة لصالح الصدر.

وتابع، أن الصدر يحاول بكل جهوده و أدواته التمسك بخيار حكومة الأغلبية الوطنية مع إبعاد قيادات شيعية بارزة (في إشارة إلى نوري المالكي)، ولن يقبل الخضوع لشروط الإطار التنسيقي بسهولة، ويناور مجددا عن طريق هذه الخطوة في سبيل البحث عن مخرج للحل يستطيع من خلاله تنفيذ رؤيته التي وعد بها أنصاره منذ فترة.

أسباب تكتيكية

قال الباحث في الشأن السياسي العراقي، سعد عامر، إن عدم الذهاب لجلسة اختيار رئيس الجمهورية، يعطل الجلسة المقرر عقدها الاثنين، كون نصاب فتح جلسة الترشيح هو 220 نائبا على الأقل، لافتا إلى أن مقتدى الصدر ربما أعلن عن تعليق المفاوضات وعدم حضور الجلسة المقبلة لأسباب تكتيكية.

وأضاف«عامر» في تصريحات خاصة، أن الصدر ربما لديه تخوفات من عدم إيفاء جزء من المستقلين أو من الأحزاب الجديدة التي ساندت جلسة اختيار رئيس مجلس النواب، لحضور الجلسة المقرر عقدها الاثنين، وهو ما يعطي انطباعا بأن التحالف الثلاثي ( الصدر، والحلبوسي، والبارزاني) غير ثابت ويتحمل الهدم.

وتابع، أن الصدر أراد أن يدخل في مفاوضات جديدة مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، على اختيار شخصية أكثر قبولا لدى الشارع، وهو أحد السيناريوهات، لكن السيناريو الأكثر توقعا هو الخشية من عدم اكتمال النصاب ونجاح الجلسة.

وأشار إلى أن عدم انعقاد جلسة مجلس النواب الاثنين، تعني أن إدارة رئاسة الجمهورية ستظل 30 يوما مقبلة، تحت إمرة اتحاد سلطة مجلس النواب الجديد، وعدم تدخل برهام صالح في فترة المفاوضات ما بين التيار الصدر والحزب الديمقراطي.