الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

تحليل إخباري | الإمارات والصين.. شراكة في الاستقرار ومصالح اقتصادية عملاقة

تحليل إخباري | الإمارات والصين.. شراكة في الاستقرار ومصالح اقتصادية عملاقة

تقوم السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة على مجموعة من الثوابت والمحددات في مقدمتها دعم السلام والاستقرار والحوار والانفتاح على الآخر، ومد جسور التعاون مع مختلف دول العالم بما يحقق التنمية الاقتصادية المستدامة لجميع المجتمعات والشعوب، وشكلت القيم والأهداف المشتركة بين دولة الإمارات، وجمهورية الصين الأساس الراسخ الذي انطلقت منه العلاقة بين البلدين الصديقين، وهو ما خلق إطاراً واسعاً ومتعدداً للشراكة الإستراتيجية التي تتميز بها علاقة البلدين.

وتشكل زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الجمعة، إلى الصين، للمشاركة في افتتاح دورة الألعاب الشتوية دليلاً جديداً على وجود إرادة سياسية قوية ورغبة مشتركة، ليس فقط من أجل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، بل أيضاً لدعم المساعي الدولية نحو إرساء الاستقرار والازدهار والتغلب على التحديات مثل التغير المناخي والضعف في سلاسل الإمداد وأمن الطاقة والأمن الغذائي.

فكيف يمكن أن تساهم زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، إلى الصين في تحقيق كل هذه الأهداف؟ وإلى أي مدى يمكن البناء على العلاقات النموذجية بين الصين والإمارات في زيادة حجم التعاون بين البلدين، لا سيما في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والتكنولوجية؟

الشريك الأول

كشفت التحديات التي فرضتها جائحة كورونا مدى وحجم التعاون والثقة والتنسيق المشترك بين البلدين، حيث كانت الإمارات أول دولة في العالم تطلق المرحلة الثالثة من التجارب السريرية للقاح ضد «كوفيد-19» بالتعاون مع شركة الأدوية الصينية العملاقة (Sinopharm China) وهي التجربة الناجحة والتي استفاد منها الملايين حول العالم.

ومن منطلق الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي تجمع البلدين، شاركت الإمارات في المشروع الصيني العملاق «الحزام والطريق»، الذي أطلقه الرئيس شي جين بينغ في عام 2013، كما أثمر التعاون بين البلدين، والزيارات الرفيعة المتبادلة، عن أن الإمارات أصبحت «الشريك التجاري الأول» غير النفطي للصين في المنطقة العربية والخليج، وبلغت نسبة النمو في التبادل التجاري 18.5% ليصل إلى 54.8 مليار دولار في الفترة 2013 – 2014.

وخلال 2015 بلغت التجارة بين البلدين 55 مليار دولار، وفي عام 2016 وصلت التجارة البينية بين البلدين إلى أكثر من 46 مليار دولار.

وبداية من عام 2017 أصبحت الصين أكبر شريك تجاري للإمارات، حيث بلغ إجمالي التبادل التجاري غير النفطي نحو 53.3 مليار، ووصل حجم التبادل التجاري بين الإمارات والصين إلى 48.67 مليار دولار عام 2019.

وتحتضن دولة الإمارات على أرضها أكثر من 4 آلاف شركة صينية، بما فيها شركات المناطق الحرة، إضافة إلى ما يقرب من 300 وكالة تجارية و5 آلاف علامة تجارية، فيما بلغت قيمة الاستثمارات الصينية المباشرة في الإمارات 6.44 مليار دولار بين عامي 2018 و2019، بحسب وكالة الأنباء الإماراتية «وام».

وادي الابتكار والفرص

وتوفر الشراكة الاقتصادية والتنموية، بين الإمارات والصين، فرصاً هائلة للتعاون بين البلدين، خلال المرحلة القادمة، خاصة في مجالات التكنولوجيا والابتكار، حيث كانت الإمارات هي ضيف الشرف لمنتدى بوجيانغ للابتكار، الذي اختتم أعماله بمدينة شانغهاي الصينية في 4 يونيو الماضي، تحت عنوان «الابتكار من أجل حياة أفضل للبشرية».

وتؤكد الإمارات دائماً أن روح الابتكار التعاوني يمكن أن تساعد الإمارات والصين في حل التحديات العالمية الأخرى، مثل تغير المناخ، حيث دخلت الإمارات والصين في شراكة للابتكار، وعملتا على إنشاء أكبر محطة للطاقة الشمسية في موقع واحد في العالم (نور أبوظبي التي تضم 3.2 مليون لوحة شمسية على مساحة 8 كم مربعة)، لتنتج نور أبوظبي 1.2 غيغاواط من الكهرباء، وفق الكلمة التي ألقاها في منتدى بوجيانغ معالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة.

وتنظر الأوساط التكنولوجية والاقتصادية في الصين للإمارات، باعتبارها «وادي الابتكار والفرص» في المنطقة العربية والشرق الأوسط وغرب آسيا، لذلك اختار نحو 300 ألف صيني الحياة والعمل في الإمارات، بالإضافة إلى نحو مليون سائح صيني يزورون الإمارات سنوياً.

ودشنت الزيارة الثانية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، إلى الصين، مرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي والتجاري والتكنولوجي، بما يحقق أهداف البلدين في توطين الرخاء والازدهار لشعبي البلدين وشعوب العالم.