الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

داعش بين انحسار «الأرض» وتمدد نطاق العمليات

داعش بين انحسار «الأرض» وتمدد نطاق العمليات

منزل قائد تنظيم داعش أبي إبراهيم القرشي بعد تدميره في الغارة الأمريكية

التنظيم استنفد مهمته لمصلحة الدول التي يعمل وفق أجندتها

أثارت عملية مقتل قائد تنظيم داعش عبدالله قرداش، التي نفذتها الولايات المتحدة الأمريكية، ردود فعل متباينة حول قوة التنظيم على الأرض، بعد انحسار الأراضي التي يملكها في سوريا والعراق، وبداية تغيير استراتيجيته نحو العمليات الانتحارية.

وأكد محللون سياسيون واستراتيجيون لـ«الرؤية» أن التنظيم لا يزال يشكل خطراً، غير أن اختلاف معتقداته وأهدافه مع غيره من الجماعات الجهادية يجعل الصراع بينهم أقرب من التحالف، وأشاروا إلى أن الانقسام السني- الشيعي يغذي جماعات الجهادية ويمنحها المشروعية، الأمر الذي تستغله بعض الدول لتنفيذ أجندات سياسية وحزبية ضيقة.

خطر مستمر

وقال رئيس مركز سيريس للدراسات الاستراتيجية في باريس، عمر الزبيدي، إن تنظيم داعش لا يزال يشكل خطراً بالنسبة للشرق الأوسط، غير أنه استنفد مهمته لمصلحة عدد من الدول التي يعمل وفق أجندتها، لافتاً إلى أن الصمت الحالي عن التنظيم يهدف لإظهار نجاح الولايات المتحدة في محاربة الإرهاب وقيادتها للعالم الحر في مواجهة التطرف، مؤكداً أن قدرات التنظيم ما زالت قائمة دون التطرق لها عبر الدعاية الإعلامية التي دأب عليها التنظيم خلال فترة «البغدادي»، قائد التنظيم السابق، مشيراً إلى أن انفصاله عن القاعدة تطلب استخدام الدعاية للإعلان عن ولادة تنظيم داعش حينها.

وأكد الزبيدي أن الثلاثي المتشدد؛ طالبان، وداعش، والقاعدة، لديهم اختلافات جوهرية سواء في الفكر، أو الاستراتيجية، أو المعتقدات والأهداف، ما يجعلهم أقرب للصراع من التحالف، خاصة بعد التوافق بين طالبان والولايات المتحدة الأمريكية الذي يتماشى مع الحد الأدنى من المتطلبات العالمية، ورغبة الجماعة في نشر التعاليم الإسلامية في أفغانستان، لافتاً إلى تحمل طالبان مسؤولية حماية الشعب الأفغاني بكافة مكوناته، بالإضافة إلى تأمين البعثات الدبلوماسية والتعاون معها، الأمر الذي يجعلها في نظر تنظيم داعش مرتدة، خاصة أن الأخيرة لا تعترف بالحدود أو ولاية الدول على أراضيها.

نشاط سري

وأشار إلى أن المشروع الطالباني لا يسعى إلى التوسع على حساب الدول، على الأقل خلال المرحلة الراهنة، مؤكداً أنها لم تعد تقبل أن تكون منصة لنشاط القاعدة في مهاجمة العالم، الأمر الذي يجعل الصدام بين طالبان وداعش حتمياً، إلا في حال اتبعت داعش استراتيجية احتواء طالبان وعدم الدخول معها في مواجهة تنهك قواها، في وقت تستعد لإطلاق نسخة جديدة من التنظيم «ولاية خرسان»، ما يتسبب في القضاء عليه في المهد قبل انطلاق نشاطاته التي يرجوها نحو الصين وروسيا وآسيا الوسطى، وصولاً إلى الهند وإيران، مشيراً إلى احتمالية لجوء طالبان إلى خلق جناح سري لنشاطاتها يتوافق مع الجناح المتشدد في قياداتها، ويلبي تحقيق رسالتها دون إدخالها في مواجهة مع العالم.

ضربات مؤثرة

واختلف الكاتب والمحلل السياسي السعودي، الدكتور علي بن حمد الخشيبان، مع سابقه، حيث أكد أن داعش عملياً في طريقه للانحسار، رغم محاولات التماسك والإبقاء على نظامه، غير أن الضربات المتتالية لقوات التحالف الدولي، وخاصة العملية الأخيرة التي نفذتها الولايات المتحدة الأمريكية استهدفت خلالها قائد التنظيم -عبدالله قرداش- الملقب بـ«أبي إبراهيم القرشي»، باتت مؤثرة على التنظيم، لافتاً إلى أن داعش بدأ ينحسر بعد مواجهة الكثير من المشكلات، وتشتت مقاتليه في عدة أنحاء من العالم.

انحسار داعش

وأضاف أن انحسار داعش بشكل تدريجي، لا يمنع استمرار بعض الأنشطة داخل بعض المناطق، إلا أنها ستكون محدودة وفي إطار ضيق، لافتاً إلى أن العالم نجح في حصار داعش وتحجيم قواه، خاصة بعد الضربات المتتالية للتحالف الدولي، معتقداً أن الشرق الأوسط والعالم أجمع على مقربة من إغلاق بوابة الإرهاب، لا سيما بعد تغير المفاهيم وتنامي الحرب الدولية ضد الإرهاب، مشيراً إلى أن انحسار داعش حتى إن كان يبدو تدريجياً، إلا أن المؤشرات تدل على اختفائه نهائياً خلال السنوات المقبلة.

وفي ما يخص أفغانستان أكد الخشيبان أهمية أن تنظر طالبان لذاتها بمنطق المؤسسة السياسية إذا كانت تريد الدخول في المنظومة الدولية، لافتاً إلى أن الأخيرة لن تقبل طالبان إلا إذا تخلصت من الإرث القديم للإرهاب، بما في ذلك التخلص من أي عناصر لتنظيم داعش في أفغانستان، متوقعاً أن تسير طالبان نحو هذا الاتجاه.

مرحلة مقلقة

واعتبر العميد عمرو العامري، عميد بحري سعودي متقاعد، المرحلة المقبلة مقلقة؛ نظراً لتنامي الجهات المتطرفة وتوسعها، لا سيما أنها تتشارك الأيدلوجية ذاتها رغم اختلاف المسميات، إذ إن داعش لا يختلف عن بوكو حرام، جماعة النصرة، والإخوان وغيرهم من الجماعات الجهادية حول العالم، حتى وإن اختلفت توجهاتهم السياسية، لافتاً إلى أن هناك أكثر من 10 دول أفريقية تحت سطوة تلك الجماعات، والتي تتمدد في وسط آسيا وباكستان.

وأكد العامري أن نجاح طالبان في إسقاط حكومة كابول، أعطى نموذجاً سلبياً للجماعات الجهادية، يتمثل في إمكانية الانتصار والوصول إلى الحكم، لا سيما مع وجود دول ترعى تلك الجماعات وتوفر لها الحماية والقواعد الخلفية من أجل تنفيذ أجندات سياسية وحزبية ضيقة، لافتاً إلى أن الانقسام السني- الشيعي يغذي تلك الجماعات ويمنحها المشروعية، مشدداً على ضرورة ألا نغفل التطرف الشيعي الذي ترعاه إيران بشكل رسمي لتنفيذ أجندتها السياسية المعلنة في المنطقة.

وحذر العامري من تنامي التطرف الديني، وسط انقسام عالمي حول محاربة تلك الظاهرة، التي يعدها البعض شأناً محلياً، لافتاً إلى أن أجندة تلك الجماعات الأممية لا تعترف بالحدود والحكومات، وتكرس لمفهوم الجهاد ومصطلح الأمة، مشدداً على أن الجماعات الجهادية تستغل عشرات الآلاف من المدارس الدينية، للحشد الديني لملايين الطلاب الذين يخدمون في النهاية مصالحها.