الخميس - 16 مايو 2024
الخميس - 16 مايو 2024

«شراكة استراتيجية».. كيف يرى محللون أتراك زيارة أردوغان للإمارات؟

«شراكة استراتيجية».. كيف يرى محللون أتراك زيارة أردوغان للإمارات؟

الإمارات أهم شريك عربي يستثمر في أنقرة

أنقرة جادة في إعادة العلاقات إلى طبيعتها في مختلف المجالات

أكد محللون سياسيون أتراك، أن زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان، إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، ستدفع نحو مزيد من توطيد العلاقات مع الإمارات، وهو ما سيترتب عليه الكثير من المنافع لكلا الدولتين، وللإقليم بشكل عام، وستحقق مكاسب مشتركة للجانبين، اقتصادية وسياسية. وأشاروا في تصريحات خاصة إلى أن هذا التقارب الإماراتي التركي سيكون سبيلاً لتقارب تركيا مع عدد من الدول في المنطقة، خلال الفترة المقبلة.

أهمية قصوى

قال المحلل السياسي التركي يوسف أوغلو: «زيارة الرئيس أردوغان للإمارات تأتي في سياق الدعوة الموجهة له من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لتعزيز أواصر التعاون المشترك». وأضاف: «هذه الزيارة تحمل أهمية قصوى، خاصة أن تركيا عملت على استعادة علاقتها مع الإمارات، ووجهت الدعوة لولي عهد أبوظبي لزيارة تركيا، وبعد الزيارة التي قام بها لتركيا في نوفمبر الماضي، تأتي زيارة أردوغان رداً على هذه الدعوة، وما تشمله هذه الزيارة من توقيع بعض الاتفاقيات الثنائية المهمة خصوصاً في المجال الاقتصادي».

وتابع: «الإمارات تعتبر أهم شريك عربي يستثمر في تركيا، والعلاقات التجارية الاقتصادية في نمو متزايد، رغم التوترات السياسية التي شابت العلاقات بين البلدين، إلا أن العلاقات الاقتصادية استمرت وما تزال مستمرة بقوة، فالإمارات تعتبر من القوى الاستراتيجية المهمة في العلاقات الاقتصادية البينية مع تركيا، وبالتالي تعزيز أواصر هذه العلاقات تدخل ضمن أطر هذه الزيارة».

زيادة التبادل التجاري

وأردف: «الإمارات وعدت في آخر زيارة لتركيا، بأن تخصص 10 مليارات دولار من أجل الاستثمار في تركيا، وسيكون ذلك في إطار صندوق سيتم تأسيسه، وتعتبر الإمارات رابع دولة مع تركيا في التعامل والتبادل بالعملات المحلية الثنائية، كما أن هناك توجهاً قوياً من قبل تركيا، لأن تكون الإمارات شريكاً اقتصادياً مهماً في المشروعات الاستثنائية المميزة في تركيا، والإمارات أيضاً ستستفيد من تركيا في مجال الصناعات الدفاعية، ومن المتوقع أن يتم توقيع بعض الاتفاقيات في هذا المجال، والاستفادة من خبرة تركيا الصناعية الدفاعية في منظومات الأسلحة المصنعة في تركيا». واستطرد: «هناك توجه قوي وحقيقي لزيادة التبادل التجاري بين البلدين، وأيضاً تعزيز أطر التعاون الاقتصادي، وفتح مجالات للشركات التركية في مجال البنية التحتية، للاستثمار والعمل داخل الإمارات».

التغيرات في المنطقة

ومضى يقول: «يجب ألا ننسى أن التغيرات الجيوسياسية في المنطقة، تلقي بظلالها بقوة، على أن يكون هناك دائماً تغير إيجابي في العلاقات السياسية، بعد انسحاب أمريكا من أفغانستان، حيث حرصت دول الخليج، خاصة الإمارات، على تعزيز أمنها القومي، وبالتالي تعزيز التعاون مع تركيا باعتبارها دولة إقليمية لها دور متنامٍ في تعزيز الأمن القومي، ولا ننسى أنه قبل زيارة ولي عهد أبوظبي إلى تركيا، كانت هناك زيارة سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان مستشار الأمن الوطني لتركيا، ثم جاءت زيارة الرئيس أردوغان لتذيب الجليد في العلاقة بين تركيا والإمارات». كما لفت إلى أن هذه الزيارة لها دلالات كبيرة في هذه المرحلة تحديداً، ليس من خلال العلاقات الثنائية فقط، بل أيضاً العلاقات الإقليمية، التي تأتي هذه الزيارة لتغييرها خلال الفترة القادمة، فإن تعزيز العلاقات مع الإمارات ربما سيتبعها علاقات إيجابية مع دول أخرى كالسعودية والبحرين، التي أيضاً توترت، ولكن الآن تركيا جادة في أن يكون هناك استعادة لحميمية هذه العلاقات، خصوصاً في المجالات الاقتصادية والتجارية.

توقيع بعض الاتفاقيات

وتوقع أوغلو استكمال توقيع بعض الاتفاقيات في المجالات البنكية والمالية والطاقة، وأيضا في التعاون الاستثماري والتجاري، وكذلك العسكري والسياسي، ومن المتوقع أن تكون هذه الزيارة داعمة لفتح آفاق شراكات استراتيجية إماراتية- تركية، على مستوى الدول الأخرى، ولا ننسى أن الإمارات بوابة مهمة في ما يسمى إعادة التصدير لكثير من دول المنطقة، فدبي وجبل علي مركز مهم في هذا المجال، أيضاً هناك اهتمام كبير أن يكون هناك دور بناء وتعامل بشكل إيجابي في جميع الملفات الثنائية.

زيارة مهمة للغاية

أما مدير مركز أورسام لدراسات الشرق الأوسط بتركيا، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة إسطنبول، الدكتور أحمد أويصال، فقال: «زيارة الرئيس أردوغان للإمارات مهمة للغاية، لأن تركيا تحتاج لتفاهم وتواصل وتعاون أكثر مع بلاد المنطقة، وبحث عن حلول إقليمية للمشاكل الإقليمية، وهذا ما تريده تركيا عندما مدت يدها للإمارات والسعودية ومصر، وكان رد الإمارات إيجابياً للغاية». وأضاف: «البعد الاقتصادي مهم للغاية في العلاقات التركية الإماراتية، وزيارات سابقة كرست ذلك، وهذه الزيارة سنشهد تقدماً أكبر في العلاقات بين تركيا والإمارات، خاصة أن أردوغان سينفذ ويوقع مشروعات واتفاقيات وقرارات أكثر، وهذا سيقوي الحوار والاستقرار في المنطقة».

المصالح المشتركة

وبدوره قال المحلل السياسي التركي جودت كامل: «عودة العلاقات الإماراتية - التركية كانت مبعث سرور الجميع، لأن فترة التوتر بين البلدين كانت عارضة، حيث يجمعهما الدين والثقافة والتاريخ والجغرافيا». وتابع: «هناك عوامل داخلية وخارجية أدت إلى التصالح بين البلدين، لكن المصالح المشتركة كانت أقوى هذه العوامل، فتركيا تمر بمرحلة اقتصادية حرجة، حيث تضاعف سعر الدولار خلال سنة، نتيجة الانكماش الاقتصادي التركي، لذا فعودة العلاقات مع الإمارات ستنقذ انهيار اقتصاد تركيا، فتحسن الاقتصاد التركي سيؤثر في داخل تركيا وخارجها إيجابياً».

وتابع: «الاتفاقيات التي سيتم توقيعها في زيارة الرئيس أردوغان إلى الإمارات ستؤثر على العملية التجارية في الشرق الأوسط بشكل كبير، وذلك في ظل توقيع اتفاقيات سابقة خلال زيارة ولي عهد أبوظبي إلى تركيا، منها اتفاقية تبادل المعلومات المالية في سياق مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، حيث ستوفر الأمن والأمان في المنطقة، وهذا مهم للغاية للتجارة، إلى جانب اتفاقية تعاون إداري وشراكة في الشؤون الجمركية بين تركيا والإمارات، وهو ما سيعطي فرصة لرجال الأعمال للبلدين لسهولة التصدير والاستيراد لبضائع الدولتين». وأردف: «عودة العلاقات الإماراتية - التركية ستؤثر في الملف الليبي، والبحر المتوسط، وإيران، وسوريا، حيث السياسة الخارجية للبلدين متقاربة جداً في هذه الملفات».

علاقات إيجابية وسليمة

ومن جهته قال المحلل السياسي التركي، معين نعيم: «زيارة الرئيس أردوغان إلى الإمارات، هي إحدى أهم نتائج حملة إعادة ترتيب العلاقات الدولية التركية، خاصة في الإقليم، وتأتي زيارة الإمارات في إطار هذا النهج، خاصة أن الخلاف بين الجانبين كان في كثير من الملفات، ويبدو أن الدولتين تسعيان بشكل واضح لتذليل العقبات وتسهيل المشاكل». وأضاف: «من المتوقع أن تفضي الزيارة إلى علاقات إيجابية سليمة بين الدولتين، وإن حدث ذلك فسيستفيد الطرفان سياسياً واقتصادياً، خاصة أن الطرف التركي يعد لاعباً أساسياً ومهماً في العديد من قضايا المنطقة الإقليمية، مثل سوريا، وليبيا، والصومال، وغيرها، وكذلك تركيا ستستفيد على البعد الاقتصادي من الإسناد والدعم الإماراتي لها، في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها المنطقة ومنها تركيا». وتابع: «نتائج هذه الزيارة ستكون إيجابية، ومن المتوقع توقيع عدد من الاتفاقيات خلالها، منها اتفاقيات اقتصادية وأمنية وسياسية، ومن المتوقع أن تبرم ويجرى توقيعها خلال الشهور القليلة المقبلة، بناء على نتائج هذه الزيارة». وقال: «الإمارات وتركيا أحد أهم أقطاب التنافس في المنطقة، ومن ثم فإن تراجع حدة الخلاف بينهما، والتحول إلى التقارب، بل والتوافق في كثير من الملفات، سيؤثر إيجابياً على كل ملفات المنطقة، ومن الطبيعي عندما يحدث هذا التقارب، فإنه سيؤثر على هذه الملفات بشكل إيجابي، سواء كان في تسريع الحلول، أو طرح المبادرات المشتركة إقليمياً، وفي المنطقة العربية، خلال الفترة المقبلة». وأشار إلى إن هذا التقارب الإماراتي – التركي، الذي سيترتب على زيارة الرئيس أردوغان، سيترتب عليه تقارب تركي مع عدد من الدول في المنطقة، مثل السعودية ومصر وغيرهما، لأن التقارب الإماراتي – التركي، سيشجع هذه الأطراف، ويسهل مهام فرق العمل بين هذه الدول، للتقارب التركي معها، وأيضاً قد يكون هناك ملفات أو مشروعات مشتركة في المنطقة لدعم حلول وتقديم مبادرات إقليمية.

تعاون ملموس

قال المحلل السياسي التركي بوستات جميل أوغلو: «الإمارات وتركيا دولتان مهمتان في المنطقة، وكان هناك منذ 8 سنوات شبه انقطاع في العلاقات السياسية بينهما، وهذا لم يكن في صالحهما، اقتصادياً وأمنياً وجغرافياً، وبعد هذه الفترة هناك بدايات تقارب بين الجانبين، خصوصاً بعد زيارة ولي عهد أبوظبي لتركيا، والآن زيارة أردوغان للإمارات، تعطينا مؤشراً أنه سيكون هناك تعاون اقتصادي ملموس، إلى جانب الاتفاقيات العسكرية والأمنية».

وفي تصريحات خاصة أضاف قائلاً: «لا ننسى أن العالم وخصوصاً الشرق الأوسط يمر بأزمات كبيرة، وهذا التقارب الإماراتي التركي سيصب في مصلحة الدولتين في ظل ما هو موجود في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن تركيا تأمل تحقيق مزيد من التعاون الاقتصادي مع الإمارات في ظل ما تواجهه من أزمات في الجانب الاقتصادي». وتابع: «التقارب الإماراتي التركي يترتب عليه تقارب بين تركيا ودول أخرى في المنطقة، كالسعودية ومصر، وستكون هناك زيارات بين تركيا وبين السعودية ومصر، خلال الفترة المقبلة، وهذا سيدفع نحو مزيد من الازدهار في المنطقة».

ولفت إلى أن الظروف غير المستقرة في المنطقة، تعطي دفعة لاستغلال واستثمار هذا التقارب الإماراتي - التركي لصالح الدولتين، موضحاً أن الحوار بين تركيا والإمارات سيحسن العلاقات بينهما خلال الفترة المقبلة، ويحقق نتائج ملموسة، ستنعكس على المنطقة.